محمد صادق جرادكاتب وباحثتعد النظم الانتخابية من أهم الآليات التي تحتاج لها الدول في تطبيقها للممارسات الديمقراطية وهي الأكثـر عرضة للتغيير حسب حاجة البلدان لها . ويعرف البعض النظام الانتخابي بأنه (المبادئ العامة والقواعد الأساسية التي تنظم عملية الانتخابات عبر مؤسسات دستورية من خلال مجموعة من الإجراءات التي تترجم أصوات الناخبين إلى مقاعد في الهيئات التشريعية ويشمل النظام الانتخابي عملية إعداد القوائم وسجل الناخبين وتنظيم الدعاية الانتخابية وصولا إلى مرحلة إعلان النتائج النهائية.)
ويمكننا تعريفه بأنه Electoral system " الطريقة التي نتمكن من خلالها تحويل أصوات الناخبين في الانتخابات العامة إلى مقاعد للفائزين من المرشحين أو الأحزاب ." .. هذا هو المفهوم الأساسي للنظام الانتخابي .أما المتغيرات الأخرى في العملية الانتخابية فتتمثل في المعادلة السياسية المستخدمة ونوع النظام المستخدم التعددي أو الأغلبية أو النسبية أو المختلطة .ولابد من معادلة حسابية لاحتساب المقاعد المخصصة للفائزين .وتختلف النظم الانتخابية من بلد إلى آخر حسب الاحتياجات وحسب التركيبة الاجتماعية والسياسية حيث تسعى الدول التي تحكمها أنظمة استبدادية إلى وضع نظام انتخابي يتلاءم مع متطلباتها وبما يخدم مصالحها ويمنحها فرصة البقاء طويلا في سدة الحكم .وهناك عدة انواع من النظم الانتخابية في العالم منها: - النمط البريطاني ويعتمد هذا النمط فوز المرشح الذي يتمكن من الحصول على أعلى نسبة من الأصوات في الجولة الأولى (First past the post) بأي نسبة أصوات من مجموع الناخبين..- النمط الفرنسي ويتم عن طريق إجراء الانتخابات على مرحلتين او جولتين. الجولة الأولى يشترك فيها كل المرشحين المشاركين في الانتخابات، وفي حالة حصول أي من هؤلاء المرشحين على أكثر من 50 % من أصوات الناخبين فيعد هو الفائز وتلغى الجولة الثانية . أما في حالة عدم حصول أي مرشح على هذه النسبة، فستعاد عملية الانتخاب في الجولة الثانية النهائية ويشترك فيها الفائز الأول والثاني فقط.- التمثيل النسبي (PR Proportional Representation): وهذه الطريقة متبعة من بعض الدول الأوروبية مثل اليونان وإيطاليا وألمانيا ، وفي هذه الطريقة يخصص عدد من المقاعد في البرلمان لكل حزب حسب نسبة الأصوات التي حصل عليها في الانتخابات العامة .واليوم يمارس المجتمع الدولي ضغوطا واضحة على الأنظمة الدكتاتورية والتسلطية في البلدان التي مازالت محكومة من قبل هذه الأنظمة في محاولة لإحداث إصلاحات سياسية مهمة لتوسيع المشاركة السياسية ورفع القيود المفروضة على القوى المعارضة لهذه الحكومات والمطالبة بتغيير النظم الانتخابية المعتمدة لديها والتي لا تلبي طموح المشاركين ولا تمنحهم حظوظا متساوية مع الأحزاب الحاكمة أو الأشخاص الذين تربعوا على عروشهم لعقود طويلة في تجسيد واضح للدكتاتورية . ولقد قامت بعض الدول بإصلاحات من خلال تغيير هذه النظم وإحراز تقدم في عملية التحول الليبرالي الأمر الذي أدى إلى تحسن المشاركة السياسية بعد أن تم رفع بعض القيود الحكومية مما سمح بوصول قوى معارضة إلى قبة البرلمان كما حدث في بعض الدول العربية حيث شهدت المغرب نجاحا لحزب العدالة والتنمية كما شهدت مصر تمثيلا للمعارضة من قبل الاخوان المسلمين، الأمر الذي أدى إلى قيام معظم الأنظمة المذكورة بعملية تحديث واسعة وتجديد أساليب الاستبداد والتسلط والتحرك للتخلص من هذه الضغوط الخارجية إضافة إلى الضغوط الداخلية التي يولدها الشارع المطالب بالتغيير وتنشيط الحراك السياسي في تلك البلدان ,وكان من أهم أساليب الاستبداد هذه محاربة منظمات حقوق الإنسان والتضييق عليها وكذلك محاصرة منظمات المجتمع المدني التي تحرض وتثقف على ضرورة التغيير والتحول الديمقراطي . ومازال الصراع قائما بين تلك الأنظمة التي تستند إلى القوة والسلطة في صراعها مع الحركات الوطنية المطالبة بالتغيير والتي تستند إلى الإرادة الشعبية ويساعدها في هذا الصراع الضغط الغربي على حكوماتها . أما بالنسبة للنظم الانتخابية المتبعة في التجربة الديمقراطية في العراق وما حدث في انتخابات مجلس النواب العراقي في عام 2005 فأنها تستند إلى التمثيل النسبي حيث تم التصويت للأحزاب وبعدها تم تخصيص عدد المقاعد في المجلس حسب النسب التي وردت في الانتخابات وبذلك حصل على المقعد كل مرشح من المرشحين الذين قدمت الأحزاب أسماءهم إلى اللجنة الانتخابية قبل الانتخابات وفقا لتسلسلهم على القائمة الانتخابية فلا يستطيع الناخب من تغيير هذا التسلسل الذي وضعه الحزب لمرشحيه وهذا ما يسمى بالقائمة المغلقة (التمثيل النسبي) أما بالنسبة لانتخابات 7 /3 /2010 والتي شهدت تغيير القائمة المغلقة بأخرى مفتوحة والتي تمنح المقاعد حسب تسلسل الأصوات المستلمة من قبل الأشخاص المرشحين .وهي لا تشمل تسلسل الأحزاب المقترحة قبل الانتخابات وخلاصة القول إن القائمة المغلقة تعتبر قائمة ثابتة لا يمكن للناخب التغيير فيها والقائمة المفتوحة تعتبر قائمة تمّكن الناخبين من تغيير تسلسلها بأصواتهم . واليوم نحن على أبواب تشكيل حكومة جديدة نجد إن معظم القوى السياسية تطرح ما يسمى (التوافق الوطني) وهو تكريس لمفهوم المحاصصة التي عاناها العراق على امتداد السنوات الماضية لأنها ولّدت حكومة ضعيفة في عملية سياسية غابت عنها المعارضة الحقيقية كقيمة سياس
النظــم الانتخابيـة والتجربـة العراقيـة
نشر في: 23 أغسطس, 2010: 05:48 م