بقلم : سوليماني مآزوتجارة لا تحتاج إلى رأسمال، وإنما للمثابرة والتحمل. تمارسها 200 امرأة تبيع الرمل كوسيلة للبقاء علي قيد الحياة. يعرفن في نيامي باسم "تاكالاكويس" (الأعمدة الخشبية" بلغة زارما المحلية) لأنهن يحملهن على أكتافهن أعمدة من الخشب مليئة بالرمال في كل من طرفيها، من الفجر حتى الغسق، لبيعها لمن يريد شراءها.
تجوب حاملات الأعمدة الخشبية أسواق العاصمة لعرض الرمال على التجار الراغبين في تجميل متاجرهم أو ترميمها. ويذهب بعضهن إلى المنازل الفاخرة للمساعدة في أعمال بناء صغيرة. لكن معظمهن يبيعن سلعهن الرملية في أحياء المدينة المكتظة بالسكان، حيث يرش الأهالي الرمال في باحات منازلهم. وتعيش بائعات الرمال في حي على مشارف نيامي، انتقلن إليه من القرى المحيطة بالعاصمة بحثاً عن عمل. فتقول هادي موسى، الوافدة من "الكرمة" على بعد نحو 50 كيلومتراً من العاصمة، "هذا ليس هو عمل المرأة، لكن ليس لدينا أي خيار آخر". فيضيف فتحي غنا "هناك أفواه كثيرة لإطعامها من مجرد دخل الزوج. لكننا نعجز حتى عن شراء الطعام. فتضطر المرأة إلى أن تفعل شيئا". وهنا تشرح زوجته أنها تذهب ثلاث أو خمس مرات يوميا إلى الأدغال للبحث عن الرمال."نفعل ذلك حتى نتمكن من العيش والأكل من دون التسول. في الليل، أعود إلى البيت مرهقة جداً وأجد صعوبة كبيرة في النوم”. هذا وتسير نساء "الأعمدة الخشبية" مسافات طويلة لجمع الرمال من حواف حقول المزارعين ومن ضفاف الأنهار، أو لجمع الحصى من المحاجر المهجورة. ويجلسن لغربلة الرمال بلا توقف. ثم يذهبن إلى المدينة سيرا على الأقدام، محملة كل منهن بنحو 20 كيلوغراماً من الرمال، لبيعها مقابل حوالي 250 فرنكاً (50 سنتا من الدولار). فيقول التاجر ساني ميغيزو"أنظر: كل الطرق مغطاة بالرمال البيض. هؤلاء النساء يجلبن هذه الرمال". أما حجية حواء، سكرتيرة الإعلام بمنظمة غير حكومية مقرها في نيامي، تعنى بمكافحة العنف ضد المرأة، فتعلق قائلة أن "سعر الرمال منخفض جداً حقاً. ومع ذلك، يحاول بعض الناس المجردين من الضمير خفضه أكثرا فأكثر. لابد من دعم هؤلاء النساء اللائي اخترن كرامة العمل بدلا من التسول". فتشرح مري عبده البالغة من العمر خمسين عاما، وواحدة من أقدم بائعات الرمال، أنهن يواجهن مصاعب من قبل أصحاب الحقول "فهم يطردوننا ويقولون أننا ننهب إرثهم”، أي الأرض التي ورثوها عن آبائهم وأجدادهم. ربما تنظر المدينة إلى عملهن كظاهرة غير منطقية، لكن كل منهن تكسب في المتوسط 750- 1،000 فرنك (بين 1.50 دولار و 2 دولار) في اليوم نتيجة لهذه التجارة. والواقع أن هذا المبلغ يعتبر "معقولا" في بلد يعيش الناس فيه في كثير من الأحيان، على أقل من دولار واحد يوميا، وفقا لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. فتشرح مري عبده لوكالة أنتر بريس سيرفس أنه ببعض الادخار من دخلها، استطاعت شراء بقرة وأربعة خراف، فتضيف راماتو علي، التي عملت في تجارة بيع الرمال لمدة ثلاث سنوات، إنها أشترت خروفاً واحداً فقط لأنها تخطط هذا العام لشراء فراش لأبنتها التي مازالت تعيش في الأرياف مع زوجها. وكالة أنتر بريس سيرفس
النيجر .. عندما تضطر النساء لبيع الرمل للبقاء على قيد الحياة
نشر في: 23 أغسطس, 2010: 05:54 م