هيلين رامْجياوان ترجمة المدىأقفُ في القسم الخلفي من الصف و أحاول أن أقرأَ ما يكتبه التلميذ على السبّورة. لا يمكنني أن أصل إلى شيء. كل الكلمات تبدو لي مشوَّشةً. و حين أسير إلى الأمام، تتخذ الحروف شكلاً و يمكنني أن أقرأ.أعتقد بأنّي في حاجةٍ إلى نظّارات.
و ارتداء نظارات، بالنسبة لي، كارثة. فعيناي السوداوان الكبيرتان، و أهدابي الطويلة، و حاجباي الرفيعان الجميلان اللذان لم يمسَسْهما ملقط لن تبدو في وضعها الأفضل خلف العدسات. خلال العطلة أحدد موعداً مع طبيب العيون. فيُعلمني مساعده على الهاتف :ــ " غداً مساءً، الساعة السادسة و النصف. "في غرفة الانتظار في اليوم التالي أفكر في طلب عدسات لاصقة. لكنني في أعماق قلبي، أعرف أن ذلك لن ينفع : فخلال نوبات الحساسية، تكون عيناي ملتهبتين على الدوام. ــ " الآنسة دي بروِين "، ينادي طبيب العيون :فأقفز من كرسيِّي و أدخل غرفة الطبيب، التي تبدو مظلمةً. أجلسني على كرسي و تناول مقعداً له أمامي. و بينما أنا أعطيه ملخصاً عما يحصل لعينَيَّ، يرفع هو هيكلاً مؤطَّراً بعدستين مدوَّرتين طليقتين، و يثبِّته على أنفي. هل هو يُصغي لي، يا تُرى؟ أسأل نفسي. أحاول أن أقرأ الحروف التي أمامي على الجدار. و أركّز بشكلٍ شديد إلى حدّ أنني لا ألاحظ إلا متأخراً جداً ما يتهيَّأ الطبيب للقيام به. كان بنطلونه محلولاً و هو يداعب نهدي الأيمن. أقفز في رُعب، و يسقط الهيكل المؤطَّر على الأرض. هل أمكنهم أن يسمعوا في غرفة الانتظار صوت اللطمة ألتي أصبته بها؟أفتح الباب باهتياج و أنظر في الوجوه المحدِّقة. أتردد لحظةً، لكني أهز كتفيَّ، و أفتح الباب الخارجي و أتنفس هواء المساء المنعش.• هيلين رامجياوان كاتبة مشهورة من سورينام بأمريكا اللاتينية. و قد عملت مدرّسة للغة الانكليزية، و هي الآن تعمل في وزارة التعليم في بلادها.
قصة قصيرة .. طبيب العيون
نشر في: 23 أغسطس, 2010: 05:56 م