حازم مبيضينيعرف الجميع أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس سيذهب إلى المفاوضات المباشرة، بعد تعرضه لضغوط هائلة، لكن الذين يعرفونه يدركون أنه سيذهب مسلحاً بالأمل الذي لم يفارقه منذ عقود في رؤية الدولة الفلسطينية المستقلة حقيقة واقعة، وبالأمل أيضاً بموقف دولي داعم لانجاح هذه المرحلة المصيرية، من خلال ضمان معالجتها لجميع قضايا الوضع النهائي،
وقيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية وفق المرجعيات المعتمدة، وخصوصا مبادرة السلام العربية، وهو وإن كانت الدعوة الاميركية للتفاوض المباشر لم تلب مطلبه بتحديد المرجعيات، يستند إلى بيان اللجنة الرباعية الذي لايمكن النظر إليه باعتباره شروطاً مسبقةً بقدر ما هو تعبيرعن الارادة الدولية الباحثة عن السلام، وإن كنا نؤكد أنها إرادة تتجاوز البحث عن العدالة .مهم جداً في هذه المرحلة، أن تتكاتف جهود المجتمع الدولي لخلق المناخ الملائم الكفيل بنجاح المفاوضات، وهو يتمثل في وقف الاجراءات الهادفة الى تغيير الحقائق على الأرض، وخصوصاً بناء المزيد من المستوطنات، التي تقوض فرص قيام الدولة الفلسطينية القابلة للحياة، والتي تعيش بسلام وأمن الى جانب إسرائيل في سياق اقليمي شامل يشكل ضرورة دولية، ولعل التزام الرئيس باراك أوباما وإدارته بتحقيق السلام، يؤكد مركزية الدور الأميركي، ويستدعي من المجتمع الدولي الوقوف إلى جانب هذا الدور ودعمه، لنصل إلى النتيجة المرجوة، مع عدم تجاهل تأكيد وزيرة الخارجية الأميركية أن هناك إمكانية للتوصل إلى حل لقضايا الوضع النهائي خلال عام.الفلسطينيون سينسحبون من المفاوضات، إذا أعلنت إسرائيل عن أعمال استيطانية جديدة بعد السادس والعشرين من ايلول المقبل، وهو موعد انتهاء الوقف المؤقت للنشاط الاستيطاني، الذي كانت حكومة نتنياهو التزمت به، وهي لم تعلن حتى اليوم تمديد العمل به، وسط مخاوف من عودة الاستيطان في ظل حكومة نتنياهو التي يعارض أغلب أعضائها تعليقه، رغم أن واشنطن تؤكد اليوم التزامها بمطلبها السابق بالتوقف عن بناء مستوطنات يهودية جديدة، وتشديدها أن على الطرفين الاسهام في تهيئة أجواء يكون متاحا لهما فيها تحديد بنود المرجعية وأساس المفاوضات عندما يلتقيان.وإذا كان البعض يتصورون أن هدف إقامة دولتين فلسطينية وإسرائيلية، تطلع لعالم مثالي أكثر منه أجندة لمفاوضات سياسية، وتبعاً لذلك فان عباس ينتحر سياسياً بقبوله التفاوض المباشر، خصوصاً وأن الافق مسدود أمام أي إنجاز، مع انعدام الثقة بين الطرفين وصعوبة ردم الهوة المتسعة بينهما، وإذا لم يكن متوقعاً حصول اختراق في المفاوضات المقبلة لان الخلافات الإجرائية التي استمرت لأشهر حجبت الخلاف الحقيقي بشأن القضايا المركزية المتمثلة في المستوطنات والقدس واللاجئين، فان هؤلاء يستنتجون أنه ستكون هناك عملية مفاوضات، لكن فرصها في التوصل نهاية المطاف لاتفاق سلام قابل للتطبيق ضئيلة، ويستحق هؤلاء أن نسألهم عن البدائل التي يقترحونها، لإقامة الدولة الفلسطينية.بين دعوة كلينتون لوجوب انطلاق المفاوضات بدون شروط مسبقة، رغم انعدام الثقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والالتزام الأميركي بتقديم طروحات لتقريب وجهات النظر بين الجانبين، وبيان الرباعية الداعم، ودعوتها الطرفين للحفاظ على الهدوء والتحلي بضبط النفس، والامتناع عن القيام باعمال استفزازية واطلاق تصريحات من شانها تهييج الخواطر، فان عباس يمضي بواقعية للتفاوض متشبثاً بالامل في التوصل إلى حل لقضايا الوضع النهائي خلال عام، ومسنوداً بموقف أردني مصري يعضد خططه السياسية، خصوصاً وأن الاتحاد الاوروبي يدعو للعمل بسرعة وجدية لانجاح المفاوضات، والتحلي بروح المسؤولية لكي تحقق هذه تقدماً سريعاً، يمهد لإقامة دولة فلسطينية قابلة للعيش، مستقلة وديموقراطية تعيش بسلام بجانب إسرائيل، بينما فصائل دمشق تقف ضد المفاوضات من دون أن تقدم بديلاً غير الخطب الرنانة، وحماس تهدد بالويل والثبور، فيما تمنع إطلاق أي صاروخ ضد اسرائيل من إمارة غزه ستان.
خارج الحدود: المفاوضات... هل من خيار آخر؟
نشر في: 23 أغسطس, 2010: 06:16 م