متابعة المدى

صدرت عن دار ومكتبة عدنان موسوعة عن الأدباء الروس للمترجم قاسم الأسدي، وتقع في 3 أجزاء، تضم مجموعة كبيرة من أبرز الكتاب الروس منذ روسيا القيصرية.

وتضم الموسوعة دراسة لحياة واعمال أبرز الكتاب الروس من مختلف المدارس والتوجهات، وتغطي فترة تاريخية من روسيا القيصرية وحتى يومنا هذا بما في ذلك فترة الاتحاد السوفيتي، بالإضافة إلى عدد من الكتاب في روسيا الحديثة.كذلك لم تغفل الموسوعة كتاب المهجر مثل جوزيف برودسكي، وفلاديمير نابوكوف، وأوسيب مانديلشتام، وإيفان بونين وغيرهم. كما تسلط الضوء على أشهر الكاتبات الروسيات مثل لودميلا أولتسكايا، ويلينا شفارتس، وأولغا سيداكوفا، وآنا أخماتوفا، ومارينا تسفيتايفيا وغيرهن.و

قليلة هي الكتب التي تقدم بانوراما كاملة لهذا الادب الذي يعد نسيجا لوحده في اداب العالم القديمة والحديثة،، بل سيظل هو الادب الذي يقاس عليه اداب الامم الاخرى، حيث اسهم هذا الادب في اغناء الثقافة الانسانية، وعكست اعمال الكتاب الروس التجربة الحياتية للشعب الروسي، من خلال نظرة انسانية عميقة الى العالم والوجود والهم الانساني..، وعندما نجد ان الكاتب والمترجم الدكتور قاسم محمد الاسدي وهو يقدم لنا " موسوعة الادباء الروس " يختار 112 من اعظم الكتاب في تاريخ الادب الروسي استنادا الى الترتيب الذي وضعته الناقدة الروسية الكسندرا غوزيفا، والتي رتبت اسماء الادباء الروس حيث وضعت في المقدمة الشاعر بوشكين وانتهت عند الكاتب بوريس اكونين، سندرك مدى اهمية هذا الادب، وضرورة تقديم موسوعة لرموزه الكبار، تتيح لقراء العربية الاقتراب اكثر من هذا الادب بشموليته، وقد اعتمد المؤلف التكثيف الممتع..

جرت العادة في مثل هذه الكتب الموسوعية، ان تقوم بدور المدخل او المفتاح للقارئ والباحث الذي يريد ان يتعمق في هذا الاديب او ذاك او في دراسة احد الموضوعات التي يشمل عليها هذا الادب، فمثل هذه الكتب تضع في يد القارئ الخيط الذي سينبعه بعد ذلك في قراءة اعمال الروائيين والشعراء الروس، ولم يكتف المترجم ومعد الموسوعة، في تقديم نبذة سريعة عن حياة الاديب الروسي والتعريف بابرز انتاجاته، بل حاول ان يجمع بين التعريف بسيرة الادباء الروس واعمالهم، وبين تقديم دراسة او ترجمة حوار تكفي للالمام بمكانة هؤلاء الادباء وانجازاتهم، ولم يحاول ان يضع تقسيما للادب الروسي عبر عصوره ومراحله، وانما تعرض لهؤلاء الادباء بمعيار واحد حتى يتمكن القارئ من تتبع هؤلاء الكتاب وتحديد اهميتهم ضمن خارطة الادب الروسي. فالكتاب يمكن ان نضع له عنوان " معالم الادب الروسي " فهو تعريف مناسب لمعنى هذا الادب.

لقد تفوق الادب الروسي، وكان من اسباب تفوقه ان الادباء الذين وضعوا هذا الادب لم يكونوا يقصدون الادب بحد ذاته، وانما كانوا يتجهون الى الحياة، يحاولون تبديل معايرها في انفسهم بشكل خاص وفي القراء بشكل عام. ولهذا نجد الادب الروسي يدور في حلبة المشاعر الحية، لأنه يصور حياة الانسانية ادق تصوير، ويصور الواقع تصويرا فعليا. ويخيل إلي أن أكثر ما أعطى روسيا صفة، أو نكهة العالمية، هو آدابها، منذ ان قدمت شاعرا كبيرا مثل ألكسندر بوشكين ومعه كوكبة مذهلة من الروائيين والمسرحيين. ولا أعتقد أدبا غربيا استطاع أن يدعي أن لديه نظيرا لتولستوي أو دوستويفسكي، او لتشيخوف.

" موسوعة الادباء الروس " ستكون حتما دليل للقارئ ومنجما للافكار التي طرحها الادب الروسي عبر عصوره والتي لابد ان تثير في عقول القراء حشدا من الاسئلة الكبرى، وشهية البحث عن هذا الادب واعماله الخالدة. وهس اضافة الى انها تقدم للقارئ العادي خلاصة الادب الروسي، إلا انها ايضا دليل للمتخصصين في الأدب الروسي كونها بانوراما واسعة تجسد صورة أدبية للمجتمع الروسي، الذي مر بتغيرات سياسية وتاريخية كبيرة في هذه الفترة.

الدكتور قاسم الأسدي رئيس جمعية المترجمين العراقيين، وحاصل على شهادتي دكتوراه في الأدب الإنكليزي، والأدب الروسي من جامعة صداقة الشعوب بموسكو، وله العديد من الترجمات عن الروسية والإنكليزية.