اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > سياسية > الدكة العشائرية.. تزهق أرواح بريئة وتهدد الأمن المجتمعي

الدكة العشائرية.. تزهق أرواح بريئة وتهدد الأمن المجتمعي

نشر في: 14 نوفمبر, 2023: 11:28 م

 السماوة/ أحمد ناصر

يعد الاستقرار والأمن المجتمعي من أهم عناصر بناء الدولة القوية، لما له من أهمية كبيرة في تقدم المجتمعات وتطورها في الجوانب الاقتصادية والعمرانية، وبالتالي يصل المجتمع إلى مرحلة الرفاهية، وهذه الحالة انعكاس لتطبيق القانون.

في الآونة الأخيرة، حصلت بعض الممارسات التي لا تتفق مع مبادئ الإسلام الحنيف ولا مع القوانين الوضعية التي تنظم العلاقة بين أفراد المجتمع ولا مع الأعراف الاجتماعية التي توارثها الأبناء عن الآباء، ومن هذه الممارسات ما يسمى بـ(الدكة العشائرية)، ونظراً لخطورة هذه الممارسة، وتأثيرها على الأمن والاستقرار المجتمعي، قرر مجلس القضاء الأعلى تصنيف كل من يقوم بهذا العمل كمن يمارس الإرهاب.

والدكة العشائرية، وكما هو معروف في تفسير العرف العشائري، عبارة عن ردة فعل على خرق إحدى العشائر أو أحد الأفخاذ في عشيرة ما، لمعاهدة معينة أو اتفاق معين، ما يدفع العشيرة المتعهدة بالعشيرة الأولى، إلى إطلاق عدد من العيارات النارية في (الهواء)، دون إحداث أي ضرر؛ والغاية منها إلحاق ضرر اعتباري وإهانة الجهة المخلة بالاتفاق، وهي تعتبر بمثابة رسالة، لا غيرها. أما اليوم، فقد أسيء فهم هذا العرف، وتحول من ردة اعتبار إلى معركة صارمة بالسلاح متعدد الأنواع، لا سيما وسط المدن المكتظة بالسكان.

تعريف الدكة العشائرية

وقال مدير الشرطة المجتمعية في شرطة المثنى، العميد علي عجمي الرماحي، لـ(المدى): "يمكن تعريف الدكة العشائرية، قانوناً، هو إقدام مجموعة من المسلحين ينتمون إلى عشيرة معينة، على القيام بالتهديد باستعمال السلاح ضد مجموعة أخرى من العشيرة نفسها أو من عشيرة أخرى"، مضيفاً "قد ينجم عن هذا التهديد إلحاق أضرار بالممتلكات الخاصة للطرف المعتدى علية أو سقوط ضحايا من الجانبين، وفي العادة تكون وسيلة ضغط للتفاوض بين الطرفين، لتحقيق مصالح معينة للطرف الذي يقوم بالاعتداء".

وتابع الرماحي "ونظراً للظروف العامة التي يمر بها البلد، فقد انتشرت هذه الظاهرة، انتشاراً كبيراً بين بعض العشائر في عدد من محافظات العراق"، لافتا إلى، أنه "لخطورة هذه الظاهرة وتأثيرها على الأمن المجتمعي، وما تترك من حقد وضغينة بين المتخاصمين قد يستمر إلى عدة أجيال، ولغرض حصر السلاح بيد الدولة، وفرض هيبتها وتطبيق القانون في حل النزاعات، قام مجلس القضاء الأعلى الموقر بإصدار مجموعة من القوانين، تتضمن تصنيف هذه الظاهرة على أنها عمل إرهابي، ومن يقوم بها يلاحق قضائياً، ضمن المادة الثانية من قانون مكافحة الإرهاب الذي أقر في العام ٢٠٠٥".

خلق حالة رعب

وزاد مدير الشرطة المجتمعية أن؛ "هذا العمل يخلق حالة من الرعب بين الناس، ونحن في الشرطة المجتمعية التي هي حلقة الوصل بين الشرطة والمجتمع وعلى تماسٍ عالٍ بين أفراد المجتمع باختلاف أماكنهم في الريف والمدينة وتباين مواقعهم ومسؤولياتهم"، مردفاً القول إن؛ "عشائرنا الطيبة، هي التي تشكل هوية المحافظة، وتمتاز هذه العشائر بشيوع روح التسامح وارتفاع صوت العقل بين أبنائها. ونحن في الشرطة المجتمعية لم نسجل أية حالة، بعد إصدار القانون، بل وحتى قبل أكثر من عشر سنوات".

ونوه العميد إلى أنه "توجد طبقة من المشايخ والسادة والوجهاء والحكماء بين العشائر، تأخذ على عاتقها حل النزاعات بالحكمة، ونجد تعاوناً كبيراً من قبل عشائرنا في جميع أنحاء المحافظة مع أجهزة الدولة. ونحن في الشرطة المجتمعية لدينا علاقات وتواصل مع جميع شيوخ العشائر لمناقشة جميع الأمور التي تهم المواطن والعمل على تذليل الصعوبات".

فيما قال المحامي صالح هادي، لـ(المدى)؛ "نجد كثيراً من السلوكيات التي يمارسها بعض الأفراد في الريف والمدينة، على حد سواء، ومن هذه السلوكيات، هي الدكة العشائرية"، مضيفاً "ونظرا لخطورة هذه الممارسة على السلم والأمن المجتمعي، وعلى الحرية الشخصية للأفراد انتبه المعنيون لها، وكانت النتيجة أنها تُكيّف وفق قوانين مكافحة الإرهاب، لأنها تمثل حالة من الإرهاب المجتمعي، ونحن كمحامين نبارك هذه الخطوة، ونعتبرها بداية جيدة في حصر السلاح بيد الدولة، وتقوية هيبتها وتحقيق العدالة، وسيكون فرق كبير في الأيام المقبلة".

نحن مع الدولة

من جانبه، قال شيخ عشيرة ال منيهل الجوابر قاسم حسون، لـ(المدى): "نحن شيوخ العشائر مع الدولة في تطبيق القانون، ومع الأجهزة الأمنية في حفظ النظام والاستقرار العام في البلد"، مشيراً إلى، أن "الظرف الحالي يتطلب منها التكاتف أكثر من أي وقت مضى لمواجهة أي خطر ضد البلد".

وأوضح، أن "شيوخ العشائر لديهم تواصل مستمر مع الأجهزة الأمنية والحكومية الأخرى وإنهم يضحون بأرواحهم من أجل أن نستمتع بالحياة، وهم أولادنا وذوينا وأبناء عمومتنا قبل كل شيء، وبعد إصدار هذا القانون من قبل الجهات المتخصصة في بغداد، عقدنا عدة اجتماعات لفهمه واستيعابه، ومن هذا المنبر، نقول للذي يتجاوز القانون لا يضر إلاّ نفسه".

عدم الإساءة للآخرين

وإزاء ذلك، يقول إمام جامع السماوة الكبير كاظم العوادي، في حديثٍ لـ(المدى): إن "روح الإسلام المحمدي الأصيل، ترفض الإساءة للآخرين، بأي شكل من الأشكال وتدعو إلى الركون للحوار، وحل الخلافات التي تحدث بين المسلم وغير المسلم، لأن ذلك الغير يمتلك حرمة، حتى وإن كان من أهل الذمة، فما بالك بالمسلم الذي له حرمة في ماله وعرضه"، مضيفاً، أن "الذين يقومون بهذه الأفعال مصداق الآية المباركة ((وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ)) البقرة الآية 170".

وتابع الحديث، إن "أحاديث الرسول (ص) وأهل بيته كثيرة، ولكن نجد من يلتزم بها قليلين. فالحديث النبوي الشريف يقول: (الغضب مفتاح كل شر)، وإن هذا العمل ناتج عن حالة من الغضب الجمعي"، متسائلاً "هل فكر المعتدون بحجم الضرر النفسي الذي يلحق الطرف الآخر والمجتمع الموجود في المنطقة؟ فهل الشجاعة تكمن في الاعتداء على الناس في الدار وهم آمنون؟. وفي الدار نساء وأطفال؟. هذا هو قمة الجبن وهذه ليست شجاعة".

ونبه العوادي "إذا كان الخلاف موجوداً بشأن موضوع ما أو قضية معينة، فلماذا لا يُحل بالتفاهم والحوار أو عن طريق القنوات القانونية الرسمية؟".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

مقالات ذات صلة

الفياض يعد مشروعاً سياسياً خارج
سياسية

الفياض يعد مشروعاً سياسياً خارج "الإطار" ويزاحم السُنة على مناطق النفوذ

بغداد/ تميم الحسنلأول مرة يلتقي محمد الحلبوسي، رئيس البرلمان السابق، مع قيس الخزعلي زعيم العصائب، ليس في اجتماع سياسي او زيارة ودية وانما على "خطر الفياض" رئيس الحشد.يزاحم الفياض القوى السياسية السّنية في مناطق...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram