علاء المفرجي
- 2 -
خطوات حثيثة تخطوها إدارة مهرجان بغداد للأفلام العربية حتى الأن، وربما سيكون إنعقاده أولا، ونجاحه – كما نتمنى – ثانيا، خطوة لإزالة، وتجاوز سلبية المهرجانات التي صارت تعقد كل شهر فب بغداد، والتي لاتحمل هوية وشخصية ما.
منذ البدايات الأولى لصناعة السينما، برزت فكرة المهرجانات والمسابقات السينمائية التي كان لها دور مهم في رسوخ هذا الفن وتعاظم شعبيته وإشاعة وعي وذوق سينمائيين، أسهما بلا شك في تكريس هذا الفن.
وعلى امتداد أكثر من قرن من عمر السينما ازداد عدد المهرجانات والمسابقات السينمائية مثلما تعددت مضامينها واغراضها، وإن انفرد عدد منها بالذيوع والشهرة، بسبب عراقتها والأهمية التي اكتسبتها بفعل استقطابها أهم النتاجات السينمائية العالمية، مثل مهرجان كان، والبندقية وبرلين.
خلال العقدين الاخيرين من عمر هذا الفن برز الكثير من المهرجانات السينمائية التي تمثل نتاجات لبلدان لم يدخلها هذا الفن إلا في وقت متأخر، واستطاع بعضها أن ينتزع اعترافاً عالمياً من حيث التصنيف مثل مهرجان القاهرة.
ومما لا شك فيه أن هذه المهرجانات تلعب دوراً واضحاً في اشاعة وعي وذائقة سينمائيين كفيلين بالإسهام في ترسيخ صناعة سينمائية في هذه البلدان. وهو الأمر الذي أتت ثماره. فالمتتبع لدورات المهرجانات السينمائية في الخليج مثل، دبي، وابو ظبي، والخليج وآخرها مهرجان تربيكا في الدوحة، يؤشر بشكل جلي المشاركة المتميزة لسينما الخليج وخاصة الشباب منهم في اعمال هذا المهرجان والتي تتصاعد من دورة إلى اخرى، هذا فضلاً عن التنظيم الجيد والحضور النوعي المتميز لسينمائي العالم. على الرغم من ان صناعة السينما في هذه البلدان .. وبعد ما يقارب العشرة اعوام من انطلاق هذه المهرجانات بدأت الحركة تدب في ميلاد صناعة سينمائية استطاعت ان تفرض نفسها على المهرجانات.
ولكن اين نحن من ثقافة المهرجانات؟! مهرجانات عديدة تقدم سنويا عن السينما، عددها لا يتناسب مع حجم المنتج السينمائي العراقي، لا تراعي الحد الادنى من الضوابط التي تحكم المهرجانات العالمية. ويتم التعامل معها من قبل صناع هذه المهرجانات باستخفاف ولا أبالية. فالعملية بالنسبة لهم ليست اكثر من تمويل مادي يغطي التكاليف التي بتطلبها هذا المهرجان او ذاك، وما ان تقام دورته الاولى حتى يتم نسيانه او قل حين ينضب معين التمويل هذا ويكون مصير الدورات اللاحقة النسيان.
للأسف فإن أغلب صنّاع هذه المهرجانات السينمائية لا يعون اهمية المهرجان وجدواه مثلما لا يضعون الخطط العلمية والعملية لديمومتها، فاستحداث المهرجانات هو ولادة فكرة جديدة من شأنها إغناء الحراك السينمائي. خاصة وان السينما العراقية تعاني ومازالت من عدم الاهتمام والتهميش من قبل المؤسسة الثقافية.
فالمهرجانات التي أصبحت تقام في كل محافظة في العراق، لم تضف الى المشهد السينمائي ما يمكن ان يفعله وينهض به. بسبب ضعف المشاركة وأهمية الأسماء التي تحضر او تساهم في فعالياتها. ولعل السبب في ذلك أننا لم نتوفر على تقاليد حقيقية لإقامة هذه المهرجانات، كما لا نمتلك الخبرة اللازمة لإقامتها.
فأمام هذا الفشل الذي يصاحب هذه المهرجانات السينمائية نقترح إعادة النظر بإقامتها، وتقديم ورقة عمل يضعها المتخصصون وتوحيد الجهود من أجل إقامة مهرجان سينمائي واحد على الأقل على ان يكون مستوفياً للشروط المتعارف عليها للمهرجانات السينمائية، ولابأس من عدة مهرجانات متخصصة .. وسيكون كل ذلك مشروطاً بزيادة الانتاج السينمائي العراقي -وهذا ما يحتاج وقفة اخرى-.
وأملنا قائم بمهرجان بغداد للأفلام العربية، الذي يبدو أنه سائر بخطى حثيثة لكي يؤسس لمهرجان عراقي جدير بالاحترام، وسيسهم بلا شك في دفع عجلة السينما العراقية الى أمام.