اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > غطرسة القوة فى مواجهة القانون الدولي الإنساني

غطرسة القوة فى مواجهة القانون الدولي الإنساني

نشر في: 18 نوفمبر, 2023: 10:34 م

نبيل عبدالفتاح

تبدو انتهاكات إسرائيل الفاضحة لقواعد القانون الدولي العام، وقانون الحرب، والقانون الدولي الإنساني، كاشفة عن لا مبالاة الطبقة السياسية الإسرائيلية - فى الحكم والمعارضة - بقواعد الشيوعية الدولية المنظمة للعلاقات بين دول الاحتلال، وبين الشعوب المحتلة، وذلك تحت ذريعة الدفاع الشيوعي عن النفس، تأخذ بهذا المبدأ، وتتناسى القواعد المنظمة له، وغيره من القواعد القانونية الدولية.

ويثير بعضهم أن ما قامت به حركة حماس، والجهاد الإسلامي فى عملية "طوفان الأقصى" هو عدوان على إسرائيل، نظرا لأن قطاع غزة تديره حركة حماس، منذ الانتخابات التشريعية فى مطلع عام 2006، ثم نشوء الانقسام بين السلطة الفلسطينية، وسلطة حماس 2007! يتناسى أصحاب هذه الوجهة من النظر أن الأراضي الفلسطينية فى الضفة، والقطاع منذ العدوان الإسرائيلي فى الخامس من يونيو 1967، واستيلاء إسرائيل على الضفة، والقطاع، كل الأراضي الفلسطينية باتت تحت الاحتلال، وأن كلتا المنطقتين، لا تزالان تحت هذا الوصف القانوني، وأيضا فإن سلطتى الضفة، وقطاع غزة تشكلان معا أراضي محتلة حتى تحت الحكم الذاتي -بعد اتفاق أوسلو-، وأن إسرائيل تمارس سلطاتها فى التدخل العسكرى فى الضفة الغربية، فى القتل والاعتقال للأشخاص، والسماح بتمدد العمليات الاستيطانية، وتسليح المستوطنين، وعرقلة أى مسعى لإقامة حل الدولتين!

لم يقتصر الأمر على الممارسات اللا شرعية فى قطاع غزة، وإنما امتد لعمليات قتل، واغتيال بعض كوادر حماس من خلال القصف الجوي لبعض السيارات، والمنازل لهؤلاء القادة! من ناحية أخرى فرض الحصارالكامل على القطاع منذ 2007 برا وبحرا وجوا مع إغلاق المعابر، ثم سياسة العقاب الجماعي بين الحين والآخر وهى أمور محظورة قانونا! .

من هنا دولة الاحتلال عليها احترام قانون الحرب، والقانون الدولي الإنساني، خاصة أن حماس والجهاد الإسلامي، تعد نشاطاتهما المقاومة فى مواجهة الاحتلال الإسرائيلى، شكلا وموضوعا من أعمال المقاومة المسلحة المشروعة ضد المحتل الاستيطاني الإسرائيلي، على الرغم من أن حماس تمثل سلطة حكم ذاتى فى قطاع غزة.

إن المذابح الإسرائيلية على مدن غزة، أدت إلى تدمير ما يقارب أكثر من أربعين بالمائة من المباني تحطيما كاملا – حتى الآن، وسقوط القتلى والجرحى. 11240 قتيلا، و4630 من الأطفال، 3100 امرأة ومصابين اكثر من 28 ألفا آخرين -، وقصف المناطق المجاورة للمستشفيات، بل إصابة بعض أجزائها، على نحو، ما تم فى مجمع الشفاء الطبي، وغيره، وإخراج مستشفيات شمال القطاع من الخدمة، لغياب الوقود، والمواد الطبية والإغاثية، والتهجير القسري لغالب سكان شمال القطاع إلى جنوبه، وهو ما يخالف نص المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة، التى تفضى إلى أن يحظر النقل الإجباري للأفراد والجماعات بالإضافة إلى إبعاد الأشخاص المحميين من الأرض المحتلة إلى أرض السلطة القائمة بالاحتلال أو إلى أرض أى بلد آخر، محتل أو غير محتل، بصرف النظر عن دافع ذلك.

لا تبعد السلطة القائمة بالاحتلال ولا تنقل جماعات من سكانها المدنيين إلى الأراضى التى تحتلها. ومع ذلك تشكل سياسة التهجير القسري والتطهير العرقي من شمال القطاع إلى جنوبه انتهاكا صارخا لهذه المادة. المادة 53 تنص على "حظر تدمير الممتلكات، والمبانى من سلطة الاحتلال، حيث ذهبت إلى أنه يحظر أى تدمير من قبل السلطة القائمة بالاحتلال للعقارات أو الممتلكات الشخصية المملوكة للأشخاص العاديين ملكية فردية أو جماعية، أو المملوكة للدولة أو لأى سلطة عامة غيرها، أو لمنظمات اجتماعية أو تعاونية، إلا إذا كان لهذا التدمير ضرورة مطلقة بسبب العمليات العسكرية".

إن نظرة على تدمير ما يقارب من نصف مباني قطاع غزة تشير إلى أننا إزاء حالة انتهاك واسع المدى للقانون الدولي. ناهيك عن القتلى والجرحى، وهو ما يخالف المادة (23 من اتفاقية جنيف 12 أغسطس 1949) التى ذهبت إلى انه فى حالة قيام نزاع مسلح ليس له طابع دولي فى أراضى أحد الأطراف السامية المتعاقدة، يلتزم كل طرف فى النزاع بأن يطبق كحد أدنى الأحكام التالية:

- الأشخاص الذين لا يشتركون مباشرة فى الأعمال العدائية، بمن فيهم أفراد القوات المسلحة الذين ألقوا عنهم أسلحتهم، والأشخاص العاجزون عن القتال بسبب المرض أو الجرح أو الاحتجاز أو لأى سبب آخر، يعاملون فى جميع الأحوال معاملة إنسانية دون أى تمييز ضار يقوم على العنصر أو اللون، أو الدين أوالمعتقد أو الجنس أو المولد أو الثروة، أو أى معيار مماثل آخر، ولهذا الغرض تحظر الأفعال التالية فيما يتعلق بالأشخاص المذكورين أعلاه، وتبقى محظورة فى جميع الأوقات والأماكن. أ- الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية، وبخاصة القتل بجميع أشكاله، والتشويه، والمعاملة القاسية والتعذيب. ب - أخذ الرهائن. ج - الاعتداء على الكرامة الشخصية، وعلى الأخص المعاملة المهينة والحاطة بالكرامة.

- يجمع الجرحى والمرضى ويعتنى بهم. ما سبق قامت إسرائيل بانتهاكه بل وتحطيم هذه البنود كافة على نحو ما يشاهد العالم فى غزة كل يوم. وأيضا لاتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين فى وقت الحرب (12 أغسطس 1949)، ونص المادة الثالثة، الذى جاء حصرا وفق نص المادة سابقة السرد.

ونظرا لارتفاع معدلات القتلى والجرحى من الأطفال والنساء والمسنين جاءت المادة (16) من الباب الثانى، حول الحماية العامة للسكان من بعض عواقب الحرب، تنص على أن يكون الجرحى والمرضى وكذلك العجزة والحوامل موضع حماية واحترام خاصين. وبقدر ما تسمح به المقتضيات العسكرية، يسهل كل طرف من أطراف النزاع الإجراءات التى تتخذ للبحث عن القتلى أو الجرحى، ولمعاونة الغرقى وغيرهم من الأشخاص المعرضين لخطر كبير ولحمايتهم من السلب وسوء المعاملة. وتنص المادة (17) على أن "يعمل أطراف النزاع على إقرار ترتيبات محلية لنقل الجرحى والمرضى والعجزة والمسنين والأطفال والنساء النفاس من المناطق المحاصرة أو المطوقة ولمرور رجال جميع الأديان، وأفراد الخدمات الطبية والمهمات الطبية إلى هذه المناطق". وذهبت المادة (19) إلى أنه "لا يجوز وقف الحماية الواجبة للمستشفيات المدنية، إلا إذا استخدمت خروجا على واجباتها الإنسانية فى القيام بأعمال تضر بالعدو. غير أنه لا يجوز وقف الحماية عنها إلا بعد توجيه إنذار لها يحدد فى جميع الأحوال المناسبة مهلة زمنية معقولة دون أن يلتفت إليه". وذهبت المادة (20) إلى وجود احترام وحماية الموظفين فى تشغيل وإدارة المستشفيات المدنية، والمادة (21) بخصوص احترام وحماية عمليات نقل الجرحى والمرضى..الخ، وهو ما تقصفه الطائرات والمدرعات الإسرائيلية فى القطاع كما بات الأمر موثقا مرئيا.

الأخطر أن قوات الاحتلال الإسرائيلى للقطاع تنتهك المادة (23) بعدم السماح بإمداد المستشفيات بالوقود والمواد الطبية، والتى نصت على أن "على كل طرف من الأطراف السامية المتعاقدة أن يكفل حرية مرور جميع رسالات الأدوية والمهمات الطبية ومستلزمات العيادة المرسلة حصرا إلى سكان طرف متعاقد آخر من المدنيين حتى ولو كان خصما. وعليه كذلك الترخيص بحرية مرور أى رسالات من الأغذية الضرورية، والملابس، والمقومات المخصصة للأطفال دون الخامسة عشرة من العمر والنساء الحوامل والنفاس".

إن غالب نصوص قانون الحرب، والدولى الإنسانى باتت موضوعا للانتهاك السافر والكامل من الاحتلال الإسرائيلي، وعدوانا على القطاع والبشر، والحجر، وانفجار شلالات الدماء والأشلاء، والأخطر غطرسة، ووحشية القوة الغاشمة، فى مواجهة المدنيين الأبرياء، والمستشفيات، دون رادع دولي حتى هذه اللحظة، وعدم رفض وقف إطلاق النار، فى ظل سياسة العقاب الجماعي، والتهجير القسري، والتطهير العرقي، ومع ذلك ثمة وقفة باسلة للمقاومة، وصمود للمدنيين الأبرياء سعيا وراء حل الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، وفقا لقواعد الشرعية الدولية ومقرراتها منذ القرار 242، وغيره من القرارات النظيرة.

· عن صحيفة الاهرام

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

القبض على عشرات المتسولين والمخالفين لشروط الإقامة في بغداد

لهذا السبب.. بايدن غاضب من صديقه اوباما 

في أي مركز سيلعب مبابي في ريال مدريد؟ أنشيلوتي يجيب

وزارة التربية: غداً إعلان نتائج السادس الإعدادي

التعليم تعلن فتح استمارة نقل الطلبة الوافدين

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

 علي حسين في ملحمته الإلياذة يروي لنا الشاعر الاغريقي هوميروس كيف أن أسوار مدينة طروادة كانت عصيّة على الجيوش الغازية . فما كان من هؤلاء إلا أن لجأوا إلى الحيلة فقرروا أن يبنوا...
علي حسين

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

 لطفية الدليمي غريبٌ هذا الهجومُ الذي يطالُ الراحل (علي الوردي) بعد قرابة الثلاثة عقود على رحيله.يبدو أنّ بعضنا لا يريد للراحلين أن ينعموا بهدوء الرقود الابدي بعد أن عكّر حياتهم وجعلها جحيماً وهُمْ...
لطفية الدليمي

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

طالب عبد العزيز هذا ما كتبه ابو المحن المحسود البصريّ لاِبنهِ ذي الهمّة، الذي واصل الليل بالنهار، متصفحاً خرائط المدن والاسفار، عاقداً وشيعة الامل بالانتظار، شاخصاً بعينه الكليلة النظيفة، متطلعاً الى من يأخذ بيده...
طالب عبد العزيز

ريادة الأعمال.. نحو حاضنة شفافة

ثامر الهيمص مخرجات الشفافية, تمتاز عن غيرها, بأن ردود الفعل تأتي انية في النظر او العمل, مما يجعلها تمضي بوضوحها مستفيدة من هنات وليس عثرات تراكمت اسبابها مسبقا في عالم الا شفافية, اللهم الا...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram