عرض / علاء المفرجي

«ليل شيلي» هي رواية كتبها بولانيو بعد زيارته لتشيلي ونشرها في عام 2000. نقف فيها مع مونولوج كاهن أوبوس داي، سيباستيان أوروتيا لاكروا، وهو كاهن وناقد أدبي،

وعضو في جماعة أوبوس داي وشاعر متوسط، يستعرض أهم لحظات حياته في ليلة واحدة من الحمى الشديدة، مقتنعًا بأنه على وشك الموت، رغم أنه مع تقدم الليل تصاب بالحمى يهدأ الهذيان ويضعف مع ظهور الوحوش الجليدية.

وهكذا يظهر في الرواية السيدان أويدو وأوديم، المتناقضان الغامضان؛ جونجر والرسام الغواتيمالي الذي ترك نفسه يموت جوعا في باريس عام 1943؛ والجنرال بينوشيه، الذي يعطيه أوروتيا لاِكروا دروسًا في الماركسية؛ جولة في أوروبا يتعلم فيها الكاهن قتل الحمام؛ صداقته مع وداعا، كاهن النقد الأدبي الوطني، الذي يغرق في شيخوخة متعثرة ومربكة؛ حفلات امرأة غامضة يجتمع في قصرها الواقع على أطرافه أفضل ما في الأدب التشيلي، بينما في الطابق السفلي، دون أن يزورها أي من الضيوف، تجري أحداث تشبه فيلم رعب، كل هذا أثناء حظر التجول والحياة الطبيعية الظاهرة. في شوارع سانتياغو. / سيباستيان أوروتيا لاكروا، كاهن وناقد أدبي، وهو أيضًا عضو في أوباس داي، متأكد بالتأكيد من موته الوشيك، لذلك في إحدى الليالي، وهو محترق بالحمى، يفكر في أهم لحظات حياته وتطارده أوهام الوحوش. يظهر على طول القصة رسولان غامضان ورسام غواتيمالي يموت جوعا في باريس عام 1943.

قصة رمزية رهيبة للديكتاتورية العسكرية لأوغستو بينوشيه ومن خلال الصوت الهذياني للكاهن لاكروا. وهو ناقد أدبي مشهور، وشاعر مهمل، يرقد في السرير في إحدى الليالي التي يبدو أنها الأخيرة له في هذا العالم. العرق والهذيان واليقين بالنهاية ومرضه يصيبه بقسوة. لكن ما هو أكثر حمى من مرضه هو سيل الذكريات، الانهيار الذي لا يمكن إيقافه للماضي الشبحي للصقور المدربة على اصطياد الحمام، لدروس الماركسية لدكتاتور في طور التكوين، لفنان ترك لنفسه في الجوع، للتجمعات المضيئة في. بيت غارق في صدأ التعذيب. لا يقاطعه إلا «الشاب المسن» في وعيه، ويرتفع مونولوج أوروتيا فوق أسوار مدينة غارقة في حظر التجول. ليلة عذاب تمر عبر تاريخ بلد جهنمي.

روبرتو بولانيو (1953-2003)، هو روائي وشاعر تشيلي، يعتبر من أهم الشخصيات في الأدب الإسباني المعاصر. وهو مؤلف كتب قصص قصيرة (مكالمات هاتفية، عاهرات قاتلات، غاوتشو الذي لا يطاق، مذكرات بار، سر الشر)، روايات (نصيحة من تلميذ موريسون إلى أحد معجبي جويس، السيد باين، حلبة التزلج على الجليد، النازي، الأدب في أمريكا، النجم البعيد، المحققون المتوحشون، التميمة، موسيقى تشيلي الهادئة، أنتويرب، رواية مبتذلة، 2666، الرايخ الثالث وأحزان الشرطة الحقيقية)، وفي مجال الشعر (العصافير تكتسب المرتفعات، إعادة اختراع الحب، الجامعة المجهولة، الكلاب الرومانسية، والوحشي الأخير، والثلاثة) والكتب الواقعية (بين قوسين وبولانيو بنفسه: مقابلات مختارة). ترجمت اعماله الى لغات كثيرة. هاجر مع عائلته الى المكسيك في 1968 وعاد الى بلده قبل الانقلاب العسكري على سلفادور الليندي، تم اعتقاله بعد الانقلاب، لكنه تمكن من الهرب بعد ثمانية ايام. عاد الى المكسيك، ثم في عام 1977 هاجر الى اسبانيا حيث عمل في وظائف عديدة لكنه ثابر على كتابة الشعر. قرر كتابة الرواية والقصة فقدم اسلوباً خاصاً جعله وريث كتاب اميركا اللاتينية الكبار.

قالت .(سوزان سونتاج) عن الرواية: “نهر رائع من المشاعر، تأمل مدهش، خيال آسر. “ليل تشيلي” عمل شديدة الاصالة والتفرد: رواية معاصرة كتبت لتحتل مكانة عالية في الادب العالمي.» فيما قالت (جريدة لوموندو): «اعمال بولانيو مدهشة، متعددة الرؤى، لا يمكن تصنيفها، تجعل منه احد اهم ابناء جيله من كتاب امريكا اللاتينية.” بينما رأت الـ ((نيوييورك تايمز): افضل ابناء جيله انه يتحول الى اسطورة بسرعة النيازك.

ويمكن القول أن “ليلة تشيلي” لروبرتو بولانيو عبقرية، فهي واحدة من تلك الأعمال الأدبية العظيمة باللغة الإسبانية.