كاظم الجماسي تتصاعد في كل مفتتح رمضاني من كل عام الاصوات المستنكرة التي تدين الافعال الدنيئة لاجرام القوى الارهابية، والتي تستهدف الارواح البريئة جاعلة من هدر دمائها وحياتها (قرابين) على مذبح نواياها الشريرة القذرة، وتتباين الاراء بحثا
عن تفسير لتصاعد العمليات خلال هذا الشهر بالذات، لكن المراقبين يجمعون على ان الجماعات المسلحة تهدف من وراء ذلك الى ايصال رسالة بانها ما زالت موجودة وقادرة على اختراق الجدار الامني، وقد شهد رمضان هذا العام عدة تفجيرات بسيارات مفخخة وباحزمة وعبوات ناسفة كما وقعت عمليات اغتيالات بالاسلحة الكاتمة للصوت، ولعل ابرز هذه العمليات كان التفجير الانتحاري الذي طال متطوعي الجيش في منطقة باب المعظم، الذي خلّف وراءه عشرات القتلى والجرحى، حيث راحت قوى الظلام والجريمة تبرر، في معرض دفاعها عن شناعاتها تلك، انها(تجاهد) في سبيل الله الذي امر بجهاد الكفار في كل مكان وزمان... ما يجعل المواطن يضحك بمرارة واسى من هذا المنطق الاعرج الغبي، والذي حتما يصدر عن عقول مريضة تم غسلها بنتانة الفكر الارهابي وحيثياته الدينية المنحرفة، اذ يعد المرأة والطفل والشاب والشيخ كافرين،من الذين يصادف مرورهم في اي مكان،شاء حظهم العاثر المرور منه في تلك اللحظة، في الوقت الذي يبتغي الارهاب وادواته تفجير عبوة ناسفة او حزام ناسف او قنبلة لاصقة او اية اداة اجرامية اعدت لقتل النفس، التي حرم الله في جميع شرائعه السماوية والدينية قتلها، وأكدت ذلك كل المواضعات الفكرية والحقوقية الانسانية، عبر تاريخ الانسان الممتد الى مئات السنين.اما مسألة اختيار رمضان حصرا توقيتا محددا لازهاق عشرات الارواح البريئة فيجعل من التساؤل مركبا، ففي هذا الشهر يؤكد القرآن وتؤكد السنة النبوية وتؤكد كل طروحات علماء الدين ومجتهديه انه أولا شهر الرحمة والغفران، بمعنى ان حلول رمضان يعني تكريساً للاخاء والمودة ونبذاً للتباغض والخصام، ومن كان مختصما مع آخر من بني جلدته، ايا كان حجم ونوع خصامه معه، عليه ان يطوي صفحة البغض والكراهية معه، ويفتح صفحة جديدة مغايرة تماما. كما ان من مبادىء رمضان الاخرى والاساسية انه شهر التوبة عن المعاصي وهي دعوة واضحة وصريحة للخاطئين والمجرمين للعودة عن غيهم وخطأهم، خصوصا في ايام هذا الشهر الفضيل، ولكن من اين للمجرم الذي لا تجف دماء ضحاياه، فهي مبلولة ببشاعة جرمه على الدوام، ذلك الجرم الذي لا يرتدع بالعقل ولا يعترف بالنصيحة، بل هو يهزأ بصلافة وعنت العقل الظلامي الزنخ، من تعاليم الله وقرآنه المجيد واحاديث نبيه العظيم.ان النظرة الفاحصة لتكرار مثل تلك الحوادث تجعل المواطن لايبرئ المسؤولين عن الوضع الامني من التقصير في ضمان امن المواطن بنحو خاص، كما لايبرئ المواطن المسؤولين على هرم السلطة من التقصير ايضا بنحو عام، اذ مامعنى ان تتكرر تلك العمليات في ايام رمضان المباركة من كل عام، ولماذا هذا التهاون والمماطلة في الاسراع بتشكيل الحكومة، الامر الذي يترك حبل امور البلاد والعباد على الغارب، ويتيح بالتالي الفرصة سانحة امام اعداء الله واعداء الوطن، ليعيثوا قتلا وتدميرا واجراما. لقد بات المواطن الذي يكابد العديد من الاختناقات في استحقاق الخدمات وارتفاع درجات الحرارة ومكابدات الصوم في هذا الشهر المقدس، مصحوبا بارتفاع اسعار السلع الغذائية الاساسية مع غياب مفردات الحصة التموينية، بات ذلك المواطن يشعر بالريبة من صدقية نوايا ساسته النجباء القائمين على مفاصل حياته اليومية، وباتت شكوكه تتعزز بما يوفر لقوى الارهاب واعداء التجربة الديمقراطية الوليدة دفقا اشد واعلى كل يوم وكل ساعة، فمتى تحدث المعجزة المقترنة بتوفر الشعور الحق بالمسؤولية لدى المسؤولين؟، فيكون فعلا وقولا.. رمضانا كريما لهذا الشعب المسكين.
دمــاء الـصــائــمـــين مسؤولية من؟
نشر في: 23 أغسطس, 2010: 08:28 م