اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > سياسية > الترهل الوظيفي يُهدد الموازنة: البطالة المقنّعة تلقي بظلالها على دوائر الدولة

الترهل الوظيفي يُهدد الموازنة: البطالة المقنّعة تلقي بظلالها على دوائر الدولة

نشر في: 20 نوفمبر, 2023: 09:36 م

 بغداد – تبارك عبد المجيد

في ظل وجود موظفين يعملون بساعات كاملة وتحت ضغط عمل كبير، يظهر واقع مثير للتساؤل حيث يوجد موظف آخر يعمل بنفس ساعات العمل دون أن يسهم في الإنتاج، وكلهم يتقاضون ذات الأجر. يؤشر ذلك وجود بطالة مقنعة داخل مؤسسات الدولة، تنهش بميزانية الدولة والسبب فيها الفساد والمحسوبية وسوء الإدارة.

ويشدد اقتصاديون على وجود عجز في التوازن بين موظفي الدولة والحاجة الفعلية، حيث يعمل بعضهم بجد وإخلاص، في حين يظهر غياب الإنتاجية لدى آخرين، بالتالي غياب لمفهوم العدالة والكفاءة في إدارة الموارد البشرية داخل الهيئات الحكومية، مما يعزز الحاجة الملحة لإصلاحات جوهرية تستند إلى معايير الأداء والكفاءة. يقول رضا جبار (66 عاما) وهو متقاعد حكومي، والذي عمل سنوات طويلة في معمل التاجي للمصابيح، ان "المعمل توقف عن الانتاج منذ 20 عاما"، معللا سبب التوقف الى غياب المواد الاولية.

واخبر رضا لـ(المدى)، ان "المكائن والمحركات الاساسية في المعمل تعرضت للسرقة، واخر سرقة كانت من احدى الجهات المسلحة والمتنفذة في الدولة"، وتم نقل هذه المكائن الى ايران قبل فترة قصيرة؛ وفقا لما قال.

وخلال هذه السنوات لم ينتج المعمل شيئاً بالرغم من توفر الايادي العاملة، اذ يذهب الموظفون فقط لملء ساعات العمل، الاكل والحديث ثم العودة الى المنزل، ويوضح رضا أن "هذا الامر لم يكن تكاسلا من الموظفين او انهم لا يملكون رغبة في العمل، انما يعود الى تقصير وسوء ادارة الجهات المسؤولة".

اما رسل العامري (موظفة في إحدى مؤسسات الدولة)، فتقول انها "توظفت من فترة قصيرة، ويشاركها المكتب ما يقارب 8 موظفات، اما من تؤدي العمل فهي موظفة واحدة فقط".

وفي حديثها مع (المدى)، تقول انها "فضلت القطاع العام على الخاص بسبب ضمان التقاعد، وبالرغم من ان العمل في القطاع العام اسهل كون في أغلب الاوقات لا يوجد عمل وهذا ما اعدته بـ"غير العادل"، فهناك موظفون يعملون بساعات طويلة وبضغط كبير ويتقاضون ذات الاجور".

كيف تؤثر على اقتصاد البلد؟

يؤكد الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني أن "الزيادة الكبيرة في اعداد الموظفين في القطاع الحكومي، تؤثر بشكل سلبي على الوضع الاقتصادي العام، اذ يتم دفع اجور لعمال غير منتجين، ما يترتب عليه هدر كبير للمال العام".

ويردف المشهداني كلامه لـ(المدى) قائلاً إنه "بالرغم من احداث توسع في المؤسسات الحكومية وزيادة عدد الوزارات والدوائر الخدمية بشكل كبير، ورغم زيادة عدد الوظائف في القطاع الحكومي، الا أن غياب فرص التوظيف في القطاع الخاص مع وجود أسباب سياسية وانتخابية، تسببت في زيادة عدد الموظفين في القطاع الحكومي بالشكل الذي يفوق الاحتياجات الفعلية".

وبحسب ما أبان المشهداني فأن عدد الموظفين كان 880 ألف موظف حكومي قبل عام 2003، اما الان فقد تجاوز عتبة خمسة ملايين موظف، "هذا يعني أن هناك زيادة هائلة في عدد الموظفين دون وجود توازن مع الاحتياجات الفعلية للقطاع الحكومي".

ويحث المشهداني على " أهمية توجيه الجهود نحو تنشيط القطاع الخاص وضمان استقراره من خلال تعزيز القوانين والتشريعات المناسبة وتحفيز القطاعات الاقتصادية الأخرى مثل الزراعة والصناعة والخدمات"، لافتا الى وجود ضرورة لرفع أجور العمال في القطاع الخاص ما قد يزيد من جاذبيته كبديل عن القطاع الحكومي.

سوء إدارة

يشير الباحث في الشأن الاقتصادي، أحمد عيد، إلى أن مشكلة القطاع الوظيفي في العراق تعد "كبيرة"، حيث يواجه هذا القطاع تحديات اقتصادية تهدد الميزانية السنوية للبلادـ ويعزو ذلك إلى التراجع الوظيفي الناتج عن التوظيف العشوائي، الذي أسفر بدوره عن انتشار ظاهرة البطالة المقنعة في مختلف القطاعات والمؤسسات.

وفي حديث اجرته (المدى) مع عيد، أظهر أن نسبة البطالة المقنعة في مؤسسات الدولة العراقية قد تجاوزت 45 في المائة من إجمالي عدد الموظفين في تلك القطاعات، وهو ما يعتبر تجاوزا للحد الطبيعي".

ويؤكد عيد أن البطالة المقنعة "تمتد إلى دوائر الدولة بأكملها، بالإضافة إلى المشاريع والمصانع الإنتاجية التي تعاني من التوقف عن العمل"، مضيفا أن "عمليات التفريغ والتنسيب للموظفين تحدث في جميع دوائر الدولة لصالح شخصيات متنفذة ومكاتب تابعة للأحزاب، وهم يتقاضون رواتبهم من الوزارة التابعين لها دون أداء عمل أو إنتاج".

وفي إشارة إلى الوضع في وزارة الصناعة بشكل خاص، يبين عيد وجود "افواج من الموظفين في الشركات والمنشآت التابعة للوزارة يتقاضون رواتب ضخمة، دون أداء عمل أو إنتاج يذكر، ويرى أن هذا الوضع قد أدى إلى ارتفاع مؤشر الخطر أمام الاقتصاد الوطني العراقي، وأصبحت مؤشرات الناتج المحلي الإجمالي تعاني من العجز والإندثار المستمر للأصول نتيجة للفساد وسوء الإدارة".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

مقالات ذات صلة

الفياض يعد مشروعاً سياسياً خارج
سياسية

الفياض يعد مشروعاً سياسياً خارج "الإطار" ويزاحم السُنة على مناطق النفوذ

بغداد/ تميم الحسنلأول مرة يلتقي محمد الحلبوسي، رئيس البرلمان السابق، مع قيس الخزعلي زعيم العصائب، ليس في اجتماع سياسي او زيارة ودية وانما على "خطر الفياض" رئيس الحشد.يزاحم الفياض القوى السياسية السّنية في مناطق...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram