اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > سياسية > بإجراءات شكلية .. هل ستنجح وزارة العمل في القضاء على التسول؟

بإجراءات شكلية .. هل ستنجح وزارة العمل في القضاء على التسول؟

نشر في: 22 نوفمبر, 2023: 11:49 م

 بغداد – تبارك عبد المجيد

تتجول امرأة كبيرة في السن بعباءة سوداء وأطراف متربة بين مستشفيات بغداد، فتظهر أحيانا في مستشفى الكاظمية وأحيانا في مدينة الطب. تتعمد طلب المساعدة بشكل خفي من زوار المستشفى، مدعية أنها بحاجة إلى مساعدة مالية لشراء العلاج بسبب مرضها.

تتخذ هذه المرأة وغيرها من التسول مهنة سهلة للحصول على الأموال عبر استغلال تعاطف الناس. وعلى الرغم من وجود العديد من هؤلاء، يبقى الجدل حول مدى صحة ظاهرة التسول بسبب الحاجة، فقد يكون هناك من يلجأ لها حقا نتيجة للظروف الاقتصادية الصعبة.

وتغيب الاحصائيات الدقيقة بعدد المتسولين في البلاد، الا ان ارقام وزارة التخطيط خلال العام الماضي كشفت عن ارتفاع نسبة العراقيين الذين يعيشون تحت خط الفقر بـ 25 في المئة، مقارنة بعامي 2019 و2020، حيث كانت النسبة لا تتجاوز 20 بالمئة.

تخصيص أموال

كشفت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية عن تطبيقها إجراءات جديدة من شأنها ان تحد من ظاهرة التسول في البلاد، وهي ضمن سلسلة إجراءات تعمل عليها الوزارة لمكافحة التسول "المنظم" والذي تقف خلفه عصابات تستغل بعض الفئات الضعيفة.

وتمثل اجراءات الوزارة الجديدة عبر تقديم مخصصات مالية شهرية للمتسولين، في إطار شبكة الرعاية الاجتماعية، التي تُمنح للعاطلين عن العمل والأرامل والمطلقات غير العاملات.

وقال المتحدث باسم وزارة العمل، نجم العقابي إن "الوزارة تعمل بالتنسيق مع وزارة الداخلية لاعداد قاعدة بيانات شاملة بالمتسولين، ستتم مراجعتها لتحديد المستفيدين من شبكة الرعايا الاجتماعية"، مشيراً إلى أنه خلال العام الماضي تم فتح نافذة الكترونية لتقديم طلبات الرعاية الاجتماعية، وتم استبعاد اكثر من ٩٠٠ الف من ٢ مليون و٧٠٠ الف شخص، لعدم شمولهم بالشروط المستوفية".

واضاف العقابي في حديث لـ(المدى)، أن شرط شمول المستفيدين من شبكة الرعاية الاجتماعية يتمثل بـ"تقديم تعهد ينص على عدم العودة لممارسة التسول".

"شكلية"

يرى شبر عبدالوهاب (ماجستير علوم سياسية)، أن "الإجراءات التي تتخذها وزارة العمل، غير كافية وليست ملائمة لحجم ظاهرة التسول"، وقد وصفها بأنها "إجراءات شكلية".

وعندما تحدث عن خطة الوزارة لتخصيص رواتب للمتسولين، طرح عبدالوهاب مجموعة من التساؤلات حول هذا الأمر، مثل "من هو المتسول وما هي صفاته؟ وكيف سيتم تحديد المستحقين الفعليين؟ وهل تلك المبالغ ستلبي حاجات المحتاجين؟ وهل سيكتفي المتسولون بهذه الرواتب الشهرية؟"، مؤكدا أن "هذه التخصيصات المالية لا تتناسب مع حجم المشكلة".

ويبين أن ظاهرة التسول في العراق: "لها جذور قديمة، وهناك جماعات خفية تقف خلفها، ممن يديرون المشهد العام وفقا لمصالحهم الاقتصادية".

وعن أسباب زيادة ظاهرة التسول، يبين أن "الحكومات منذ عام ٢٠٠٣ غضت بصرها عن التداعيات السلبية لظاهرة التسول على المجتمع، لذا لم نجد أية حكومة اولت أهمية حقيقية لهذا الملف"، مبيناً أن الوضع العام للبلد صنع بيئة "مهيأة للتسول، خاصة مع تسرب الأطفال من المدارس وإجبار بعض الآباء أطفالهم على العمل بسبب العوز المالي، كما تفتقد الاف العوائل ابسط مقومات العيش الكريم"، وعن سبب اخر يشير عبدالوهاب الى ان المردود المالي الكبير الذي يتحقق عن طريق التسول، يدفع بالعديد من صعاف النفوس إلى اتخاذ التسول كمهنة للكسب المالي.

وعن دور المجتمع المدني بمكافحة ظاهرة التسول، يقول عبدالوهاب إن "المجتمع المدني بكل أشكاله لا يستطيع العمل دون تدخل وشراكة الجهات الحكومية والمتمثلة بوزارة العمل والتربية والتخطيط والمالية والصحة والداخلية، اذ جميع هذه الجهات تملك مسؤولية تجاه مكافحة التسول".

وبدوره اقترح أن "يتم وضع برامج وستراتيجيات حقيقية، ووضع حلول وبدائل فعالة تكون ذات نتائج ملموسة، بالاضافة الى ضرورة متابعة الأطفال الذي يتسربون عن الدراسة وضمان عودتهم للتعليم واطلاق برامج توعية تنبذ ظاهرة التسول ومن يتخذها مهنة".

ويشدد على ضرورة "ردع المخالفين، وفتح ملف للكشف عن الجماعات والتنظيمات التي تقف خلف بيع التقاطعات والشوراع واجبار الأطفال والنساء على التسول بها، مقابل نسبة من الأرباح".

كما اقترح عبدالوهاب على وزارة الصحة "الاهتمام بالأطفال والفئات المتعففة، والذين يتخذون من التسول ذريعة للعلاج". وفي ختام الحديث اعرب عبدالوهاب عن امله في "تعاون الجهات الحكومية كافة مع المجتمع المدني وان توضع برامج تأهيل وتوعية، وتفعيل دور الاعلام بالتركيز على المشكلات التي تمت معالجتها".

تفعيل القوانين

لم يختلف الحقوقي، مصطفى الجبوري عن ما قاله عبدالوهاب، اذ يقول: "لا أتوقع ان تحقق هذه الإجراءات نجاحاً ظاهراً وملموساً على ارض الواقع"، مضيفا أن "وزارة العمل العراقية لا تستطيع ان تمنح رواتب للمتسولين من جنسيات غير عراقية، وهم يتواجدون بكثرة في تقاطعات العاصمة وشوارعها".

ويؤكد الجبوري لـ(المدى)، غياب: "الإرادة الحقيقية لانهاء ملف التسول في البلاد"، اذ يجد ان هذه الظاهرة شوهت البلاد وخاصة عند العاصمة.

"بالرغم من معرفة الجميع اليوم بأن هناك ايادي خفية وعصابات منظمة تقف خلف العديد من المتسولين، الا انه لا يوجد الى الان تحرك حقيقي لردعهم ومحاسبتهم"، بحسب ما أضاف.

ويستبعد الجبوري حل مشكلة التسول عن طريق رواتب شهرية تمنح لعدد من المتسولين، اذ يوجد اليوم الالاف من الأشخاص اتخذوا من التسول مهنة سهلة لكسب المال، وفق قوله.

ويصنف التسول الى عدة أنواع، منهم من يتسول عن طريق تجارة البشر والمرض ومنهم يستغل الأعمال الإنسانية، وهناك تسول عن طريق الدين والسياسة والاقتصاد، لذا يعد الجبوري التسول "ظاهرة يصعب القضاء عليها بسهولة خاصة انها مرتبطة بنفسية الأفراد".

ودعا وزارة الداخلية الى العمل بحملات قضائية وطنية وحجز وتوقيف المتسولين، والتأكد من خلفياتهم، بالإضافة الى تفعيل رقم خاص لتقديم شكاوى المواطنين، كما حث على ضرورة توفر إرادة سياسية لحل ازمة الفقر في البلاد وتوفير الحياة الكريمة التي نادى بها الدستور العراقي.

ويعد التسول "جريمة " يعاقب عليها القانون العراقي، ويبين الجبوري أن كل شخص اتم الـ١٨ ويملك موردا ماليا، سيحاسب باشد العقوبات اذا تلبس وهو يتسول، اما الشخص القاصر فتتم محاسبة والديه وفق قانون رعاية الاحداث العراقي"، مؤكدا على أهمية تفعيل تلك القوانين.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

مقالات ذات صلة

من يصدق؟.. أزمة بديل الحلبوسي يشعلها
سياسية

من يصدق؟.. أزمة بديل الحلبوسي يشعلها "لوبي إطاري" ضد السوداني!

بغداد/ تميم الحسنكشفت مصادر سياسية متقاطعة عن أزمة مركبة في قضية اختيار رئيس البرلمان، جزء منها يتعلق برئيس الحكومة محمد السوداني، لابطاء حركته.وفي اليومين الاخيرين جرت مباحثات مكثفة شيعية، وسّنية، منفردة ومجتمعة، حول هذا...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram