باسم عبد الحميد حموديالتقى قلم المبدع فلاح شاكر وخياله بقدرة المخرج العراقي الكبير حسن حسني في المسلسل التاريخي ( آخر الملوك ) الذي تبثه يوميا احدى الفضائيات العراقية يقدم المسلسل شخصية الملك الشاب فيصل الثاني، آخر الملوك الهاشميين في العراق الذي قتل صباح الرابع عشر من تموّز 1958 مع خاله الامير عبد الإله ولي عهده والوصي السابق وعدد من افراد الاسرة المالكة .
يقينا ان هذه الشخصية تستقطب المشاهد لأنها تشكل جزءا حيويا من العراق الهاشمي الملكي ، قد اختار المخرج لدور فيصل الفنان الشاب خليل فاضل خليل وكان مقنعا في ادائه لولابعض الجرأة التي ارادها المخرج ففيصل في جلسات الموائد العائلية لا يقود الجلسة بل خاله ومربيه عبد الإله ، ولم يقم عبد الإله بتقبيل يد الملك عند توليه العرش ، فالمصادر التاريخية لاتذكر ذلك وهذا غير مألوف في دقائق حياة الاسرة المالكة ، ففيصل – كما تؤكد الوثائق كافة يسمي خاله (سيدنا ) وهو بمقام والده برغم اتهامه –شعبيا بقتل غازي – لذا لايعقل أن ينزوي بعد تولية فيصل. يقول الملك حسين بن طلال ملك الاردن الراحل في مذكراته ان عبد الاله قد عنّف فيصلا أمامه وهوملك يحكم ، وأن فيصلا كان يسكت أمام خاله ولا يعترض ويقول كتّاب السيرة الملكية في العراق ،ومنهم السيد عبد الرزاق الحسني في ( تاريخ الوزارات) في الأجزاء الأخيرة الخاصة بحكم الاسرة الهاشمية وكتاب الاستاذ عطا عبد الوهاب السكرتير الخاص للأمير في كتابه عنه، ذكر مؤرخ التاريخ الراقي الحديث أمثال ليث عبد الحسين ود. محمد حسين الزبيدي و د. مجيد خدّوري وسواهم أن الملك فيصل الثاني لم يكن له يد طولى في ترشيح د. محمد فاضل الجمالي –لعب دوره بمهارة الفنان فلاح هاشم- بل كان الدورللانكليز وعبد الاله لقرص اذن الباشا السعيد وادخال دماء شابة في سدة الحكم ، وأن تلك الحوارات بين الملك الشاب عام 1954 ورئيس وزرائه الجمالي لايمكن لها أن تكون الا بحضور الخال ومباركته. من جهة أخرىفليس ممكنا لجنود الحرس الملكي أن يرتدوا بدلات التشريفات الحمر طول الوقت ولا كان ممكنا أن يحتسي الامير عبد الآله الخمر داخل قصر الرحاب وهو بالملابس العسكرية _ التي كان يرتديها بشكل شبه دائم في المسلسل – وقد شاهدته شخصيا عام 1955 في حفل رياضي للقوات المسلحة وهو يرتدي والملك ملابسهما المدنية وكان قريبا منهما رئيس الاركان رفيق عارف وكاظم العبادي قائد القوة الجوية وآخرون من القادة بملابسهم العسكرية . كان دور نوري السعيد هامشيا في المسلسل ، وكان الابرز منه دور الصحفي الشاب أيامها غائب طعمة فرمان وصديقه الشاعر حسين مردان الذي جسده من ليس قريبا من شخصيته . مثّل نزار السامرائي في دور الزعيم الوطني كامل الجادرجي بمهارة وبالطريقة التي ارادها المخرج ، ولكن الجادرجي من اسرة ثرية الى حد وكان لايركب سيارات مصلحة نقل الركاب بل له سيارته الخاصة ، على العكس من حواره في المسلسل . ثمة ايجابيات كثيرة في هذا المسلسل لكن التدقيق الاكثر تاريخيا كان سيجنب العمل الكثير من الهنات
أغلاط تاريخية : آخر الملوك
نشر في: 24 أغسطس, 2010: 05:44 م