TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > ربيع في عاشوراء

ربيع في عاشوراء

نشر في: 26 نوفمبر, 2012: 08:00 م

لو كان صدام يعلم أن المواكب الحسينية تنحصر في البكاء واللطم على الصدور وتوزيع الهريسة والقيمة ولبس السواد، لما حاربها ومنعها. كان يعرف، وربما أكثر من غيره من الظلاّم، إن المسيرات الحسينية ستتحول في يوم ما إلى ثورة مهما طال صبر السائرين فيها على الظلم. وان كانت لثورة الحسين وجوه عدة إلا أن الوقوف بوجه الحاكم الطاغية يظل هو الوجه الأبرز. وهذا ما يخشاه أي طاغية مهما كان لون مذهبه، ومهما ارتدى: بدلة أو عمامة أو عقالا.
عندما حذرنا من ظهور بوادر عودة الدكتاتورية للعراق، لم نكن، كما صورنا أنصارها، نسعى إلى تضليل الناس أو نعادي "التغيير". وان كان النظام الحالي قد صور نفسه بأنه "حسيني" الروح والسلوك، وجعل الطريق مفتوحا أمام سير المواكب العاشورائية إلا انه أفرغها من روحها. لقد منعت سلطة دولة القانون رفع أية شعارات أو إطلاق أية ردّات سياسية أو مطلبية بحجة الخوف من أن يستغلها "أعداء الديمقراطية". فإن كان صدام قد أجهز على جسد ذكرى الحسين في أيامه، فحكام اليوم، الذين كانوا يرددون قبل توليهم السلطة "يا ليتنا  كنا معكم سيدي"، قد أجهزوا على روحها. وخنق الروح يعادل قتل الجسد. لكن الطغيان يعمي القلوب.
عموا حتى نسوا مثلما نسي صدام، أن "في دم الحسين حرارة لا تبرد". حرارة يعرفها المظلوم ويجهلها الظالم. لقد راهن الظالمون على العاطفة الطائفية وعاثوا في العراق خرابا. ظنوا أن فتح باب اللطم على مصراعيه أمام الشيعة كاف لأن يضمن بقاءهم بالسلطة لولاية ثالثة أو رابعة وحتى عاشرة. انه الغباء الدكتاتوري بعينه في كل زمان ومكان.
كانت ليلة عاشوراء الأخيرة ربيعا عراقيا جديدا. لأول مرة، منذ سقوط صدام إلى اليوم، أسمع المتظاهرين عند ضريح الإمام الحسين يصيحون بوجه من ظلمهم:
وين يا حامي الحرب عالمفسدين     
ليش ماشفنه حكم على المجرمين
ركابهم محد لواها  .. لا قضاء ولا نزاهه
تعال وشوف هذا الجور يحسين
ويجيبهم جمع آخر:
هاي الوزارة نوجه الها العتب
واقعنه نفسه باقي شنهو السبب
معقولة هذا الصار ويصير؟
الهاي الأمور انريد تفسير
تعال وشوف هذا الظلم يحسين
لقد تحولت قلوب المحتجين التي هدّها القهر والألم إلى حناجر وكأنها صوت الحسين نفسه:
ظل المظلوم بلا نصرة
والظالم يتحكم بأمره.
كنت على شفا حفرة من اليأس التام وغياب الأمل بعراق ينهض من جديد، لكن عود الربيع، الذي شتله السائرون صوب كربلاء ليلة "الطبك"، أحيا بي الأمل. كل ما أتمناه أن لا يكون "فرد عود" وان يخضّر في كل قلب عراقي وفي كل شبر من أرض العراق.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

العدل: مساع لتطوير المنظومة التشريعية الوطنية الخاصة بحقوق الإنسان

انخفاض طفيف بأسعار صرف الدولار بالعراق

الكهرباء تصدر حزمة اجراءات لتحسين واقع الطاقة في الديوانية

الجولاني: سنعلن قائمة بأسماء المتورطين في تعذيب الشعب

البنتاغون: نحاول العثور على أسلحة كيميائية في سوريا

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

يوميّات سوريةً

العمودالثامن: إنهم يكرهون العراق؟

العمودالثامن: من الفوضى إلى التهريج

العمودالثامن: بغداد تقرأ

مرجعية النّجف.. "السلاح بيد الدولة"

العمودالثامن: إنهم يكرهون العراق؟

 علي حسين ماذا تسمي رجل دين ، يحمل الجنسية العراقية ،ويتقاضى اموالا من العراق ، يخرج من على شاشة احدى الفضائيات ليقول بكل اريحية ان العراق غير مهم بالنسبة له ، مثل اهمية...
علي حسين

باليت المدى: النوافذ المُشرعة

 ستار كاووش تمتلأ شوارع وساحات مدينة فيينا بإعلانات المعارض التي تقام هنا وهناك دون توقف، وقد إحتلتْ إعلانات متحف ليوبولد أماكن مهمة من المدينة، حيث لا تنعطف نحو ساحة أو شارع إلا وتداهمك...
ستار كاووش

اختبار مصداقية دور النخب العراقية الواعية في بناء عراق" حضاري - إنساني "

د. أحمد عبد الرزاق شكارة إن نقطة الشروع في بناء عراق حضاري - أنساني جديد يعد اختبارا لمصداقية تحمل النخب الواعية المبدعة مسؤولية كبرى للتغيير الايجابي بأتجاه بناء دولة المواطنة - المدنية مسألة في...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

رجاءً سيدي الرئيس،ما الذي كنت تفعله طوال هذه السنوات؟

أحمد عبد الحسين أزعم أن لي معرفة بالشأن السوريّ. فأحببتُ أن أسأل هذه الأسئلة التي قد تبدو ساذجة. وليكن. السؤال الساذح يمكن أن يكون مفتاح معرفة.ما الذي كان يفعله هذا الرجل؟لن أقول: ما الذي...
أحمد عبد الحسين
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram