عباس الغالبي أثار انتباهي تصريحاً لأحد وكلاء وزارة المالية في وكالة إخبارية حول حذف الاصفار التي سبق وان اعلن عنها البنك المركزي العراقي في إطار سعيه لاستقرار العملة وتقوية قدرتها الشرائية كسلطة نقدية مستقلة تأخذ على عاتقها مثل هذه الإجراءات النقدية
التي تندرج في إطار السياسة النقدية المتبعة من قبله.وحيث أن عملية حذف الأصفار هي من اختصاص البنك المركزي كسلطة نقدية مستقلة ، نود ان نقول ان هذا الإجراء ليس جديداً في التجارب الاقتصادية العالمية ، فقد لجأت إليه ألمانيا عقب الحرب العالمية الثانية ،كما ان تركيا عملت على حذف ستة أصفار خلال السنوات الأخيرة من عملتها ، حيث ان هذا الاجراء يعد آخر مراحل علاج التضخم الجامح في التعاملات الاقتصادية، لاسيما وان البنك المركزي ومن خلال سياسته النقدية الناجحة عمل على خفض مستويات التضخم بشكل خلق نوع من الاستقرارية الواضحة لسعر صرف الدينار العراقي تجاه العملات الأجنبية ، الآمر الذي جعله أيضاً يعمل على خفض سعر الفائدة حالياً بعد الاستقرار الواضح وغياب الضغوط التضخمية.ولان حذف الأصفار كما يراها الاقتصاديون عملية لابد ان تسبقها إجراءات رشيدة لعلاج ظاهرة التضخم من خاصة إذا علمنا ان الإنفاق الحكومي الحالي الممول عن طريق العجز بالموازنة وما يترتب على ذلك من عرض نقدي هائل، وهذا بحد ذاته احد أهم أسباب التضخم في العراق ، فأن الأمر يتطلب في هذه الحالة التنسيق العالي المستوى بين السياستين المالية والنقدية، وعدم اللجوء إلى إلقاء التهم والمسؤولية من قبل البعض على البعض الآخر ، ذلك ان التلازم بين هاتين السياستين له تأثيره الايجابي على المشهد الاقتصادي برمته، حيث لا يفهم هنا أن المعالجات الحكومية تتجه إلى تقييد النفقات وتخفيض الرواتب ، بل ان التنسيق بين هاتين السياستين يفترض أن يتجه إلى التخلص من فائض عرض النقد، ذلك ان تحقيق الاستقرار النقدي يجب أن يكون منسجما مع هدف مستوى تحقيق الاحتياطي الأجنبي المثالي الداعم والساند للعملة والذي يجنبنا تعويق التجارة والتحسب للصدمات الخارجية المتوقعة التي قد تلقي بظلالها على الاقتصاد الوطني.لكن اللافت للنظر ان الأعوام السبعة الماضية شهدت تناقضاً بين السياستين المالية والنقدية ، حيث ان المالية اعدت سياسة توسعية باتجاه معالجة البطالة والرواتب العالية التي تحتاج الى فائض نقدي بينما تتجه السياسة النقدية الى معالجة التضخم، ويعتبر تحريك العجلة الإنتاجية هو العلاج الناجع للاقتصاد ، ومن هنا نرى ان البنك المركزي مازال متريثاً ونعتقد انه يسعى لعلاج التضخم جيداً ومن ثم لابد من معالجة بعض الظواهر المصاحبة لهذه العملية عن طريق قوانين مرتبة ومنظمة لها .
في الواقع الاقتصادي :جدلية حذف الأصفار
نشر في: 24 أغسطس, 2010: 07:57 م