TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > كردستانيات :اتقوا الله فينا

كردستانيات :اتقوا الله فينا

نشر في: 24 أغسطس, 2010: 08:09 م

وديع غزوانظل هدف اللجوء إلى دول أوروبا وأميركا حلماً يراود مخيلتنا منذ إن تفتحت عيوننا ونما وعينا لنسمع بأننا نطفو على بحيرة من النفط الذي لم يجلب لنا غير الشقاء وتدخلات الدول الكبرى والصغرى بشؤوننا الداخلية ..
ونحسب إن ما ضاعف هذا الشعور واججه في النفوس تلك الصور الجميلة عن العالم الجديد وما يمكن ان توفره للإنسان، من ناحية، وصور القهر والجهل والتخلف والمرض التي كنا نعيشها من ناحية أخرى . وبغض النظر عن صحة هذا التوجه ام لا، فقد توفرت للبعض فرص الذهاب إلى أوروبا وانبهر بعالمها  فاختار العيش فيها، في حين عاد البعض الآخر لأسباب شتى . وقد احتل هذا الموضوع اهتمامات العديد من كتاب وباحثي وسياسيي العالم الثالث واشبع دراسة وتحليلاً، خاصة في اوج حمى الصراع من اجل الاستقلال سنوات الخمسينيات ،في محاولة للبحث عن معالجات تحد من هجرة الشباب وخاصة الكفاءات منهم إلى الخارج، غير إنها وبرأينا المتواضع فشلت، لأنها لم تلامس عين الحقيقة وتجنبت الخوض في الدوافع الحقيقية لذلك، وفي مقدمتها ظواهر القمع وحجر الحريات والاستئثار بالسلطة والفساد التي كانت وما زالت سائدة في العديد من دول هذا العالم النامي أو الثالث، سمه ما شئت، ولا نظن إن هنالك من يشك في إن المحيط العربي في صدارة  من ينطبق عليه هذا الوصف . وما زاد الوضع سوءاً هو ذلك الصراع العنيف بين الأحزاب او النخب السياسية آنذاك التي اعتدنا أن نراها تضرب المبادئ عرض الحائط وتتركها خلف ظهورها ما ان تتسلم مقاليد الحكم والسلطة، فتتحول كل الشعارات التقدمية والقومية والوطنية الى كمامات لكل صوت مخالف وسيوف على رقاب المعارضين. ولا يشذ العراق عن ذلك إلا بقدر حجم الفرص التي ضيعتها الصراعات السياسية، وعدم احترام الرأي الآخر حتى داخل المؤسسة الحزبية ذاتها، وما كان يمكن أن نكون في ضوء ما يمتلكه وطننا من ثروات وإمكانات .لذا كان استقبال الكثير منا لما حدث في نيسان 2003، رغم مرارته عند البعض كونه جاء بفعل خارجي، بحجم الأحلام الضائعة، وكنا ننتظر أن تتفتح فرص جديدة يؤسس فيها لعراق جديد يحظى الإنسان بكرامته وحقوقه التي أهدرت وضيعت وسط هدير الشعارات، وكان حرصنا على هذا الوليد الجديد أكثر من حرصنا على أنفسنا، فتحدينا الارهاب وشاركنا في الانتخابات وفي الاستفتاء على الدستور وغيرها من الفعاليات الأخرى، وكل يوم يمني احدنا الآخر بصلاح الحال كونه ليس من المحال كما يقول المثل، إذا ما صدقت نيات بعض القوى السياسية واعترفت بما حصل من أخطاء تحمل ثقلها المواطن وليس غيره .ربما الحديث في هذا الأمر يطول، غير ان ما نبغي تأكيده هنا، وفي خضم ما يدور من مناقشات بين الكتل السياسية بشأن تشكيل الحكومة, ان تتفق هذه الكتل على عقد جلسة موسعة تجتمع فيها كل القوى السياسية الفائزة وغيرها، الصغيرة والكبيرة، وتقيم بموضوعية وجرأة ما حصل منذ 2003 حتى الآن من ايجابيات وسلبيات، وتشخص مسؤولية كل طرف ودوره، جلسة تعيد النظر بكل ما جرى، يكون فيها مستقبل العراق وشعبه في الاعتبار الأول والأخير، ليصار في ضوئها وعلى وفق هذه القاعدة اختيار الأصلح لمنصب رئيس الوزراء المختلف عليه .قد يكون في مقترحنا من المثالية  ما يحول دون تطبيقه، لكنه عسى أن يعيد لذاكرة بعض السياسيين شيئاً من مبادئ وشعارات حملاتهم الانتخابية، فيتركوا الجدل والسجال ويتقوا الله فينا ويتفقوا .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram