اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > الآيديولوجيا الشعبوية اتجاهات سياسية مركبة

الآيديولوجيا الشعبوية اتجاهات سياسية مركبة

نشر في: 6 ديسمبر, 2023: 11:01 م

عصام الياسري

الأيديولوجيا من "علم اللغة الفرنسية، إلى اللغة اليونانية القديمة"، مفهوم مركب من كلمتي " إيديا "، بمعنى "فكرة" وكلمة " لوجوس " التي تعني "علوم التدريس"، الدارج بالعربية "علم المنطق". ووفقا للرؤية العالمية المعروفة بـ "نظرية الأفكار"، فان مفهوم الأيديولوجيا كمصطلح حديث في علوم السياسة المعاصرة

كما يبدو، قد استقى تعريفات عديدة، ألا أنه، الشكل الأكثر تكاملا للأفكار والمعتقدات والاتجاهات السياسية الكامنة في أنماط سلوكية معينة، بالإشارة إلى "الوعي الساذج" للمجتمع. ومن ناحية أخرى، يشير علم الاجتماع إلى أن التعريف الدارج في الولايات المتحدة، يطلق على كل نظام معايير أيديولوجية تستخدمها مجموعات أصحاب القرار لتبرير وتقييم أفعالهم وأفعال الآخرين على النحو الذي يتطابق مع أفكارهم. ألا إن هذه الأيديولوجيا، تعكس: الأفكار ووجهات النظر العالمية التي لا تستند إلى أدلة وحجج جيدة، إنما تجسد العنف للهيمنة على الحكم.. إذن الأيديولوجية، لها مجموعة غير ثابتة من المفاهيم والمعاني، بعضها حصرية، يمكن للمرء أن يصفها على أنها نص منسوج من مفاهيم مختلفة، ومختلفة بخطوط تقليدية متباينة، طالما يتم ضخها بقوة في مفهوم نظري.

أدى تباين تلك الأفكار والعقائد والثقافات السياسية، بشكل أساسي، من خلال انعدام حرية التعبير واستقلالية المعتقد أو عدم التجانس الديني والعرقي، كما هو الحال في العراق، إلى العنف الأيديولوجي، وبالتالي إفراغ الفكر السياسي من محتواه المجتمعي باتجاه التوجيه نحو الصراع بين "اليسار واليمين" بين "علماني" و "أصولي"، اللذان أديا إلى محدودية أسس السيادة ومفهوم الدولة الوطنية وصيانة مصالح الدولة والمجتمع.

السؤال إذن، ما هو شأن خطاب الأيديولوجيا فيما يتعلق الأمر بمفهوم الدولة؟ ومركزيتها؟. في بلد كالعراق مثلا، تفتقر، أي "الأيديولوجيا الشعبوية" إلى الواقع العملي والقيمي لمعنى الحياة الاجتماعية وعلامات ظواهرها من الناحية السوسيولوجية والانسانية والفلسفية، ايضا إلى العديد من الأفكار ذات الدوافع الوطنية. وتقف حائلا أمام صعود قوى أو طبقات اجتماعية مستنيرة معينة، تستطيع من ناحية العقيدة الإدارية ـ السياسية، الفرز بين مسألتي السلطة وطبيعة نظام الحكم مؤسساتيا، لا وفق عقيدة ايديولوجية تعرض مصالح الدولة للخطر. الأمر الذي يعرض المجتمع إلى الجمود واللاأبالية إزاء ما يحدث على المستوى الوطني والمؤسساتي. وبالوسط الذي يحتكر السلطة وفق مبدأ "عقائدي"، ممارسة اختبار الأفراد وتحويل علاقاتهم به إلى واقع طبيعي يتصرف فيه الأشخاص وفقا لارادته بوسائل هي أقرب إلى ما يعرف بـ "الأمر الواقع" يتميّز بطابع توجيهي لا طوعي، داخل أو مع الدولة.

شهد علماء اللاهوت في العصور القديمة استخدام الدين من قبل السياسة لأغراض خاصة. في ذلك الوقت كان لها أشكال مختلفة: التغيرات اللاهوتية للقوى والظواهر الأكثر علمانية، "تعبير". التأليه الذاتي، الاثني - اثني، "رموز"، دنيوية مقلوبة ومتشابكة. وبدلا من جعل اللاهوت "الدين"، قابلا للاستخدام من قبل السياسة، أصبحت عملية الدين سياسية.

في هذا الشق فيما يتعلق بمسألة الحكم في العراق على مدى ستين عاما، منذ انقلاب البعث 1963 مرورا فيما بعد الاحتلال عام 2003، بكل تفاصيله كـ "تجربة" سياسية متأثرة بالعنصر الطائفي ـ الديني العرقي وفقا للظواهر والدراسات، باختصار: فإن ناتج المقارنة بين "الأيديولوجية والدين"، قولا واحدا مخيبا. إذ افرز تصنيفات على غير الشكل التقليدي من عدم الرضا تجاه سلوك الأحزاب الطائفية والإسلام السياسي التي أساءت استخدام السلطة وفي الغالب تمادت في اضطهاد الآخرين والتجاوز على الحياة المدنية والقانون. بيد أن طبقة أولياء الدين "الفقهاء" لم تتردد من دعم سلطة الإسلام السياسي "شيعي سني" على الرغم من مآثرها العقيمة، اسوأها: التفريط بأمن الدولة وسيادتها وانتهاك دول إسلامية جارة مثل تركيا وإيران والكويت حرمة العراق مما تسبب سقوط العديد من الضحايا الأبرياء بالإضافة إلى نهب موارده واحتلال اراضيه ومياهه وحدوث دمار بيئي واسع. يدلل ذلك، من وجهة نظر سياسية لا أيديولوجية، بأن الدين السياسي ومفهوم الديمقراطية على أساس الدولة الدستورية، أمران متعارضان بالشكل والمضمون.

مع هاجس كل هذه التحديات الخطيرة وتفاقم الأوضاع السياسية والاقتصادية وتسويف أحزاب السلطة ومحاولاتها تجيير الدستور لصالحها. فإن واحدة من أهم الموضوعات التي تخيف الكتل السياسية الماسكة بسلطة الدولة العميقة مسألة تحقيق الانتخابات بالشروط التي يطالب بها المجتمع العراقي وحراكه الشعبي في أغلب المدن العراقية. ورغم تأكيد المرجعية الدينية لمطالب المتظاهرين، إلا أن الطبقة السياسية التي تتشدق بالتزامها بآراء المرجعية، لا تزال تتصرف بمنطق: "المصالح الشخصية والفئوية بالضد من رأي الشعب الجمعي كمصدر للسلطات الاعتبارية التي لا يجوز التفريط بها بأي حال من الأحوال". وعلى قدر أهمية القضايا التي يتطلع الشعب العراقي لها، هناك مسألتان لا بد من معالجتمها على كل المستويات للخروج من المسارات الفاشلة للدولة العميقة (تركيبة الأحزاب ومفهوم الانتخابات). الأمران في العراق من الناحية الواقعية، لم يقتربا مما هو متبع في الدولة المدنية للمجتمعات الديمقراطية.

لكن إذا ما استمرت التجاذبات السياسية في ظل الظروف المحيطة بالعراق. تمرد الميليشيات وتوجيه نيرانها على القواعد الأمريكية بسبب الحرب العدوانية الاسرائلية الأمريكية على غزة، بالاتجاه المعاكس لما هو منشود، فلن تعد الانتخابات، مطلبا حكيما، للذين يهمهم بالأساس، تبيان مصداقية مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية، وتحقيق مطالب القوى المعارضة للنظام الطائفي وأهمها: تعديل الدستور وسن قانونا الانتخابات والأحزاب بأيادي أصحاب الاختصاص على أن يعرضا للاستفتاء الشعبي، أيضا إعادة تشكيل مفوضية انتخابات مستقلة. وإذا لم تتحقق هذه المطالب الأساسية أولا، فليس أمام القوى المدنية التي تسعى إلى التغيير، من الناحية المنطقية والموضوعية، إلا مقاطعة الانتخابات والذهاب إلى المؤسسات الدولية لقطع الطريق أمام الأحزاب الطائفية ووضعها أمام الأمر الواقع.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

دي خيا يثير الغموض حول مستقبله

محكمة مصرية تلزم تامر حسني بغرامة مالية بتهمة "سرقة أغنية"

والدة مبابي تتوعد بمقاضاة باريس سان جيرمان

للحفاظ على «الهدنة».. تسريبات بإعلان وشيك عن موعد انسحاب القوات الأمريكية

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

 علي حسين في ملحمته الإلياذة يروي لنا الشاعر الاغريقي هوميروس كيف أن أسوار مدينة طروادة كانت عصيّة على الجيوش الغازية . فما كان من هؤلاء إلا أن لجأوا إلى الحيلة فقرروا أن يبنوا...
علي حسين

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

 لطفية الدليمي غريبٌ هذا الهجومُ الذي يطالُ الراحل (علي الوردي) بعد قرابة الثلاثة عقود على رحيله.يبدو أنّ بعضنا لا يريد للراحلين أن ينعموا بهدوء الرقود الابدي بعد أن عكّر حياتهم وجعلها جحيماً وهُمْ...
لطفية الدليمي

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

طالب عبد العزيز هذا ما كتبه ابو المحن المحسود البصريّ لاِبنهِ ذي الهمّة، الذي واصل الليل بالنهار، متصفحاً خرائط المدن والاسفار، عاقداً وشيعة الامل بالانتظار، شاخصاً بعينه الكليلة النظيفة، متطلعاً الى من يأخذ بيده...
طالب عبد العزيز

ريادة الأعمال.. نحو حاضنة شفافة

ثامر الهيمص مخرجات الشفافية, تمتاز عن غيرها, بأن ردود الفعل تأتي انية في النظر او العمل, مما يجعلها تمضي بوضوحها مستفيدة من هنات وليس عثرات تراكمت اسبابها مسبقا في عالم الا شفافية, اللهم الا...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram