علاء المفرجي
والأمر نفسه مع مذبحة سربرنيتشا، التي راح ضحيتها نحو ثمانية آلاف من مسلمي البوسنة. والتي حظيت من السينما باهتمام واسع، حيث عولجت في العديد من الأفلام، والبحث في ملابساتها وتعقيداتها والأحداث التي مهدت لها أو نتائجها التي أثرت في الأجيال اللاحقة، ومنها فيلم « أين تذهبين يا عائدة» للمخرجة البوسنية ياسميلا زبانيتش، وفيلم المخرج البوسني دانيس تانوفيتش «الأرض الحرام» 2001 الذي قطف جائزة أفضل فيلم أجنبي في جوائز الأوسكار والغولدن غلوب.
وهناك أيضا الفيلم الدرامي البوسني "كو فاديس، عايدة؟" الذي فاز بجائزة وهي كبرى جوائز الفيلم الأوروبي، التي تعادل جوائز الأوسكار وتمنحها الأكاديمية الأوروبية للفيلم.
ويدور "كو فاديس، عايدة؟" للمخرجة ياسميلا زبانيك، الذي حصل على جائزة أفضل فيلم، حول مذبحة مدينة سربرينتشا بالبوسنة والهرسك والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 8 آلاف رجل وصبي من المسلمين البوسنيين داخل مدينة سريبرينيتشا وحولها في يوليو 1995، خلال حرب البوسنة.
وكانت مأساة الشعب الفلسطيني منذ 1948 حافلة بالجرائم والاباداة الإنسانية بحق الشعب الفلسطيني، ولعل مجزرة دير ياسين هي أولى الجرائم الإنسانية التي ارتكبها المحتل في أرض فلسطين، والتي يعدها الكثير من المؤرخين الناقوس الذي اعلن بداية أعمال التهجير والطرد من ارض فلسطين، والتي ما زال يعاني منها الشعب الفلسطيني، وهي عملية إبادة وطرد جماعي نفذتها في نيسان 1948 مجموعتا الإرغون وشتيرن الصهيونيتان في قرية دير ياسين الفلسطينية غربي القدس. كان معظم ضحايا المجزرة من المدنيين ومنهم أطفال ونساء وعجزة، ويتراوح تقدير عدد الضحايا بين 250 و 360.
استطاعت السينما ومن خلال عدد من الأفلام الوثائقية أن تتناول هذه المجزرة، حيث كشف النقاب عن وثيقة خطيرة من الأرشيف «الإسرائيلي» لحرب العام 1948، تنكأ مجدداً جرحاً نازفاً من يوميات الحرب «الإسرائيلية» على فلسطين، جاء فيها أن العصابات «الإسرائيلية» نفذت قبل نحو سبعين سنة عملية احتلال للقرية العربية دير ياسين الواقعة على طريق القدس و»تل أبيب». ومن هذه الأفلام فيلم "دير ياسين..الوجع " للمخرج إياد الداوود.. وكذلك سلسلة أفلام الوثائقية للمخرجة الفلسطينية روان الضامن والتي شاهدناها من خلال الجزيرة الوثائقية، وهي من إنتاج شبكة الجزيرة الإعلامية، والتي تتناول القضية الفلسطينية منذ نشأتها عبر أربعة أجزاء: خيوط المؤامرة، سحق الثورة، التطهير العرقي، والنكبة مستمرة.
ولابد أن نشير هنا الى الفيلم الوثائقي الاسرائيلي (الطنطورة) للمخرج الأسرائيلي ألون شفارتزحيث تناول ما قام به الباحث الإسرائيلي تيدي كاتس وما تعرض له من قبل مقاتلو لواء "السكندروني" عام 1948، في بداية الألفية بعد أن كشفت دراسته عن حقائق مجزرة قرية «الطنطورة العربية وكيف كانت مذابح جماعية ضد المدنيين. حيث جمع كاتس أكثر من 100 ساعة من الشهادات الشخصية، والتي تشير إلى استشهاد قرابة 300 من سكان القرية.
وعرض الفيلم كافة الوثائق والشهادات التي وثقت كيفية قيام لواء من الجيش الإسرائيلي بارتكاب مجزرة بحق قرويين فلسطينيين داخل تلك القرية، وتضمنت تلك الشهادات حديث لضباط اللواء الإسرائيلي، وأستخدم صور الأقمار الصناعية لإثبات وجود مقبرة جماعية في المنطقة.
وقد لاقى الفيلم قبولا كبيرا من جانب الفلسطينيين، حتى على أعلى المؤسسات الرسمية، بوصفه ينفع أن يكون آلية قانونية فلسطينية يمكن الاعتماد على الفيلم باعتباره تحقيقًا جنائيًا بالأدلة والإثباتات والشهادات الحية. والفيلم قبل كل شيء يعيد فتح هذه القضية من جديد، وهي مهمة السينما بالدرجة الأساس.