يوسف المحمداوييقولون كل شيء قابل للتحول وليس ثمة من ثوابت في الحياة، لكن بقاءنا في دائرة الحلم والتمني سننقرض ولا بوادر أو ملامح تغيير عليه، أحلام وأمان أغلبها تلاشت، وإذا ما انعم القدر علينا بتحقيق بعض البعض منها فلم نجنٍ ثمارها إلا بعد حرائق لأعوام وقلوب مترفة بالهم،
الجميع يتذكر ويتحسر على سني العمر التي أضحت حطباً بأتون الحروب إبان سلطة اللانظام التي قادها بطل القومية الفارغ، وكانت ذروة أحلامنا متى تنتهي؟ ـ متى نخلع بساطيل الجبهات ونرمي زمزمياتها بملاجئ وسواتر الموت، متى وألف متى؟ ونحن نحلم ويا لسذاجة أحلامنا وبساطتها أحياناً، بدجاجة يسميها البائد الضرورة بالمكرمة نزين بها مائدة رمضان وكأنها حيوان منقرض، نحلم بشراء طماطم لا يشترط البقال علينا شراء خضراوات تالفة معها، بطحين أبيض بنصف طبقة بيض، بمدن تخلو جدران مبانيها من لافتات الشهداء، أحلام كثيرة لا يمكن حصرها بمقال أو حتى كتاب، وجاء عام التغيير ورقصت أحلامنا طرباً وهرولت صوب التحقيق، المهم تحقق أول واهم الأحلام زوال الدكتاتور ورحيل الزيتوني والسفاري من لوحة الحياة، ومر عام ولم يتحقق من أحلامنا شيء، وبدل أن نشاهد صوراً من المعركة وجدنا أنفسنا نشاهد لصوصاً استباحوا ممتلكات الدولة، نهبوا المتاحف، سلبت وعطلت المعامل، كل شيء توقف عن الحياة إلا الرصاص الذي تسيد المشهد.. تخندقات طائفية حاولت أن تحلق بأجنحة الفتنة عالياً بين أبناء الشعب الواحد، لكن مشيئة الله قصت تلك الأجنحة بوعي وإدراك المواطن للعبة التي فبركها بعض الساسة.. نعم صور لم نألفها من قبل، قتل على الهوية، كواتم صوت تعمل بضراوة، مفخخون ومفخخات تدفعنا صوب الحلم بالأمن والاستقرار، عوائل بيوت الصفيح تحلم ببيوت الطين وعوائل تلك البيوت تحلم بماء صالح للشرب بعد انتفاء الحاجة للحلم بالكهرباء، وها هي سبع عجاف تمر بكل أزماتها ونحن نحلم بمفردات حصة تموينية كاملة، بالكهرباء، بنهار لا نسمع فيه صفارات الإسعاف، بمؤسسات تخلو من الفساد، بمسؤولين صادقين في خدمة الوطن والمواطن، ببرلمان لا يؤصد الأبواب ويشرع لنوابه ما يشتهون من امتيازات لهم ولعوائلهم، بفضائيات تعرض لنا صور الحياة لا الموت، لصحف تزف لنا إحصائيات عن مشاريع منجزة، لا إحصائيات عن عدد ضحايا الإرهاب، بشوارع تخلو من الحواجز الكونكريتية، بمائدة عراقية خالصة بمفرداتها بعد أن أصبحنا نستورد حتى الخضار من دول الجوار، بعودة ليل بغداد عرياناً من ثياب حظر التجوال، ولن تتحقق أحلامنا تلك، ما لم نر حكومة عراقية البذور والجذور يكون انتماؤها للوطن فوق أي انتماء آخر، نتمنى عليها أن تكون حكومة مفتوحة الشهية لتقديم الخدمات لا الأزمات، ولكن إذا ما استمر الحال على صورته الضبابية الحالية وبقي الخلاف سيد المشهد السياسي وبالتالي لم تشكل الحكومة، لدي مقترح رمضاني لحل الإشكال ما دمنا نعيش أيام رمضان المبارك أن يكون الاختيار على طريقة لعبة (المحيبس) لنسمع صوت رئيس وزرائنا الجديد وهو يصرخ (بات)، ونتمنى صرخته عالية وحقيقية بوجه الأزمات ومع اعتذارنا للدستور نقولها لهم.. إلى متى.. نحلم؟
فــــارزة :إلى متى نحلم؟
نشر في: 25 أغسطس, 2010: 04:32 م