متابعة / المدى

في محيط زقورة أور الشاهقة، في محافظة ذي قار، جنوبي العراق، بدأت معالم المدينة السياحية الجديدة في مرحلتها الاولى تتضح للعيان.مسرح على الطراز الروماني بمساحة 3500 متر مربع يقابله مسرح مغلق متعدد الأغراض، وعلى يمينه مركز لحوار الاديان، إضافة الى حدائق ومطاعم مختلفة.
يشار الى ان بابا الفاتيكان فرنسيس، زار مدينة أور في الخامس من آذار 2021، ولفتت زيارته وقتها انتباه العالم إلى أهمية المدينة التاريخية والدينية، إذ تعد موطن النبي إبراهيم ومهداً لعدد من الحضارات. المصمم والمشرف على المشروع، صالح عواد الصالح، يقول إن "هذه المدينة ليست مدينة سياحية فقط، وانما مدينة ثقافية سياحية تضم في كل أروقتها أسس الثقافة وكل تاريخ الثقافة العربي العراقي الناصري". ويوضح صالح عواد الصالح أن "الابنية الفوقية مثل المسرح الروماني وصلت نسب الانجاز فيها الى 90‎%‎، ومسرح أور المغلق وصلت نسب الانجاز فيه الى 82‎%‎، ومجمل المشروع وصلت نسبة الانجاز فيه الى 76‎%". أور السياحية الجديدة مدينة عملاقة لا قدرة لدى الحكومة المحلية والاتحادية على اكمال بناها التحتية، فالمساحة كبيرة، إذ تعول المحافظة على دخول المستثمرين لإنجاز التصاميم التي تحوي عشرات الفنادق والمطاعم والمقاهي وغيرها من المرافق السياحية. من جانبه، يقول معاون محافظ ذي قار للشؤون الادارية، فيصل الشريفي إن "المدينة تقريباً ثلاث مناطق، كل منطقة فيها بمساحة 500 دونم"، مردفاً: "أوصلنا لها الطريق والماء والكهرباء، ولكن بناء مدينة بهذا الحجم يحتاج الى اموال كبيرة، لا تستطيع الحكومة المحلية ولا حتى الاتحادية من توفير هذه الاموال، لذا ننتظر قدوم مستثمرين ليبدأ العمل بهذه المدينة". أربعون مليار دينار تم تخصيصها للمدينة، كما تم إيصال الماء والكهرباء وشبكات المجاري من خلالها، لتكون جاهزة أمام الشركات الاستثمارية، لتكون رئة اقتصادية جديدة تتنفس من خلالها خزينة محافظة ذي قار.هذه المدينة بحال اكتملت اركانها، ستكون قبلة للسائحين الاجانب، لكنها ماتزال بانتظار قدوم المستثمرين لإنشاء المرافق السياحية في محيط هذا الارث التاريخي.أور، هي مدينة سومرية ترتبط بالنبي إبراهيم باعتبارها وطنه الأول الذي هاجر منه لاحقاً إلى أرض كنعان، وكانت ميناءً مهماً على الخليج، وقد ظهرت أولاً بصفتها قرية صغيرةً في عصر العبيد (5000-4100 ق.م) ولم تلبث أن أصبحت مدينة ثابتة الأركان بحلول سنة 3800 ق.م واستمرت على هذا الحال حتى سنة 450 ق.م.
اشتهر موقع أور سنة 1922 حين أجرى السير ليونارد وولي تنقيباته في الأطلال فاكتشف المقبرة الملكية ومجمعاً واسعاً من المقابر أطلق عليه تسمية "حفرة الموت العظمى" إضافة إلى ما اعتبره هو الاكتشاف الأهم، وهو آثار الطوفان الذي تحدثت عنه الكتب المقدسة.
كانت التنقيبات الأثرية الحاسمة في أطلال أور هي التي تمت بين سنتي 1922-1934 على يد السير ليونارد وولي الذي عمل نيابة عن المتحف البريطاني وجامعة بنسلفانيا.
هاورد كارتر، كان قد اكتشف قبر توت عنخ آمون الشهير سنة 1922 وأمل وولي في اكتشاف مثير مماثل، وفي أور وجد قبور ستة عشر ملكاً وملكةً منها قبر الملكة بو - آبي (عُرفت باسم شبعاد أيضاً) وكنوزها.
كانت حفرة الموت العظمى - كما أسماها وولي - أكبر القبور التي اكتشفها وقد وجد فيها ستة حراس مدججين بالسلاح وست وثمانين خادمة، ارتدين أشرطة من الذهب والفضة جمعن بها شعورهن ما عدا واحدة منهن كانت ما تزال تحمل بين يديها شريطها الفضي الملتف الذي لم تستطع ربطه قبل أن تسقط بتأثير الجرعة المنوِّمة التي حملتها دون ألم إلى العالم الآخر برفقة سيدتها. عثر وولي أيضاً على راية أور الملكية التي خلدت ذكرى انتصار المدينة على اعدائها في الحرب والاحتفالات التي استمتع بها شعبها في السلم.