TOP

جريدة المدى > هلا رمضان > كركوك والـ (صيني ظرف) ومقاهي رمضان

كركوك والـ (صيني ظرف) ومقاهي رمضان

نشر في: 25 أغسطس, 2010: 06:41 م

لشهر رمضان الكريم مظاهره المتشابهة في كل مدن البلاد، بيد أن مدينة كركوك تحتفظ بنكهة وصور خاصة عن رمضان، حيث يعلن وجوده صوت الطبل والمزمار الذي يتجول عازفوه في شوارع المدينة وأسواقها، كنوع من الاحتواء للبطالة التي يصنعها الكساد الذي يصيب مهنهم خلال الشهر الفضيل، فيما تبرز لعبة الصينية(الصيني ظرف)  عقب أداء العبادات لتهيمن على ليالي رمضان .
وفي ليلة رمضانية متميزة امتدت الى ساعة متأخرة من الليل، كان جميع مرتادي هذا الكازينو من الشباب الذين تفرقوا الى مجموعات يمارسون لعبة الصيني ظرف، فيما كانت أجواء الطرب الشعبي ألاصيل تضفي على المكان أجواء" حالمة وكانت رباعيات الخويرات التي أداها المطربون حسن نجار ونجاة قوريالي ومجموعة أخرى من المطربين الشباب تثير في الشباب الحماسة والروح الوطنية لما فيها من كلام منمق جميل يجسد استاذية منظميها . وتعود بنا الذاكرة الى الوراء حين كانت هذه اللعبة تمارس في مقاهي مدينة كركوك خلال العهد السابق وكانت بحق واحدة من المعالم التي تجسد هوية هذه المدينة. وكانت المقاهي تغص بالمرتادين ومن كافة ألاعمار والمشارب يمارسون هذه اللعبة الى ساعات السحور .وبالعودة الى مقاهي مدينة كركوك القديمة فانها كانت تتميز بأجواء مسلية نفتقدها ألان، حيث كانت تقرأ فيها الحكايات التاريخية من قبل القصخون او الراوي لمرتادي المقهى مثل حكاية ( ألامير أرسلان )( يوسف وزليخة ) و( أرزو وقنبر ) و ( فرهاد وشيرين ) و ( بطال غازي ) و(تبردار ) و( كور أوغلو ) . كما كانت لعبة ( الصيني ظرف) تمارس من قبل فريقين وتجري اللعبة بين مجموعتين إضافة إلى المشجعين ويتخلل اللعبة الغناء وإلقاء الشعر والمقابلة بين المطربين الموجودين، وعلى سبيل المثال تبدأ المقابلة بإلقاء احد المطربين او الحاضرين بالخويرات ويجاوبه مطرب آخر بالخويرات أيضا، والخويرات لو ن غنائي شجي اختص بغنائه اهالي كركوك حصرا،  وعلى السياق نفسه والمعنى نفسه يتكرر المشهد من قبل الجانبين ثم يغني الطرفان الأغاني الشعبية الفلكلورية الجميلة وهكذا يقضون الناس أجمل الأوقات في ليالي رمضان المبارك وتقام مسابقات بين المقاهي الموجودة في أحياء كركوك إضافة إلى إجراء مسابقات بين المدن والقصبات حيث يذهب المتسابقون مع مشجعيهم الى مناطق مثل أربيل وداقوق وطوز خورماتو وتبدا لعبة الصينية عادة بعد صلاة التراويح وتستمر حتى السحور ..ولعبة ( الصيني ظرف ) لعبة تعتمد على اخفاء خاتم صغير داخل أقداح مصنوعة من الحديد ترصف جنبا إلى جنب بعضها فوق صينية نحاسية، ويشترك في اللعبة ثلاثة افراد فقط من الفريق الذي قد يتجاوز عدده عشرة اشخاص، يقود الثلاثة أحد اعضاء الفريق الذي يتولى اخفاء الخاتم داخل القدح وراء قطعة من القماش يمسك بطرفيها الاثنان الاخران على يمين رئيس الفريق ويساره بقصد التستر على الصينية والاقداح، وهي لعبة صعبة تحتاج إلى المهارة والتركيز والقابلية والذكاء وهدوء الأعصاب للعثور على الخرزة المخبأة تحت الفناجين المصنوعة من النحاس الأصفر، او من الحديد وبشكل جميل. وفي بعض المقاهي تشترك فرقة موسيقية يكون الطبل والمزمار من أهم الالآت فيها . وفي العادة يتم توزيع الحلويات مثل البقلاوة والزلابية على أعضاء الفريقين المتنافسين وعلى الجمهور الحاضر للتشجيع .وكان أصحاب هذه المقاهي يمتازون بالسخاء وحسن الصداقة والضيافة والوفاء .وكان اصحاب اكثر المقاهي في كركوك من ذوي العضلات المفتولة والشخصيات المعروفة في مواقع البطولة والشجاعة، وعادة كانوا يتباهون بقهرهم خصومهم من فرسان ساحة البطولة الجسدية، وكم من المساجلات والمشاجرات التي وقعت بينهم من اجل اختبار قوتهم وصلابتهم، وبجانب هذه المواقف الجريئة والنادرة والقساوة في التحديات، كانت لهم مواقف إنسانية تنضح وفاء وسخاء ورقة وإنسانية مع أهالي مدينتهم وخصوصا مع زبائنهم ومع أصدقائهم من البعيد والقريب. ومن هذه المقاهي مقهى بيات في شارع الاطلس ومقهى زهير في شاطرلو ومقهى المصلى في محلة المصلى. ولا ننسى المقاهي الموجودة في الطابق العلوي من الخانات في كركوك (جقور خان وكمرك خان)، حيث كان أكثر النزلاء ممن يجلبون البضائع من أطراف المدينة ويبيتون في هذه الخانات وقد استفاد المؤرخون الغربيون والمستشرقون من المعلومات التي قدمها هؤلاء الناس البسطاء في معيشتهم والغنية بمفردات تراثهم الشعبي، واتخذت أقوالهم وما أدلوا به مكاناً متميزاً في بحوث أولئك المؤرخين، مثل ميجرسون وأوليفية.. ومن المشروبات التي تقدم في المقاهي الشاي والقهوة واللبن ، والالات التي تزدان بها رفوف المقاهي آنذاك وتعتبر من الادوات المسلية للزبائن هي : المذياع، كرامافون، مسجل، النركيلة وكان من بين عناصر زبائن المقهى مربي الطيور من الحمام الزاجل وكركوك علماً بأن صاحب المقهى على الاغلب يمارس هذه الهواية ويخصص زاوية من مقهاه لاقفاص الطيور التي تعتبر جزءاً مهماً من محتويات المحل. ومن العادات والتقاليد القديمة كان أصحاب المقاهي يمنعون الشباب الذين لم يتجاوز أعمارهم الثامنة عشرة سنة بالجلوس في المقهى خشية أن يتعلمون التدخين وأمور أخرى .ومن أشهر مقاهي مدينة كركوك مقهى (جوت قهوة) لصاحبه حبيب مياس ومقهى وكازينو المجيدية لصاحبه اسطة صابر قهوه جي ومقهى دايله في القيصرية

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

عيدالفطر المبارك في ربوع وادي الرافدين..بانوراما حافلة نسيجها الحب والتواصل والأفراح

عيدالفطر المبارك في ربوع وادي الرافدين..بانوراما حافلة نسيجها الحب والتواصل والأفراح

احمد كاظممناسبة العيد في ضمائر العراقيين لحظة تاريخية فارقة، فبعد عناء شهر كامل من الصوم يأتي عيد الفطر كمكافأة عظيمة للصائمين، ولا يذكر العيد، الا وذكرت (العيدية) والحدائق ومدن الألعاب والدواليب والملابس الجديدة التي...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram