TOP

جريدة المدى > هلا رمضان > من تقاليد الشعوب في رمضان

من تقاليد الشعوب في رمضان

نشر في: 25 أغسطس, 2010: 06:46 م

المسحراتي"في مصر ولبنان  مازالت أحياء القاهرة والقرى والنجوع تتناقل أصداء النداء المحبب إلى النفوس طوال ليالي شهر رمضان " اصحَ يا نايم .. وحد الدايم .. رمضان كريم " . ورغم عدم حاجة الناس إلى المسحراتي في العصر الحديث، إلا أنه بات من الملامح الرمضانية البارزة،
 والتي لا يمكن أن تنقرض بتقادم السنين. عرفت مصر المسحراتي في العام 832 هـ، وكان الوالي " عتبة بن إسحاق " أول من قام بعملية التسحير، وهو يردد نداءات التسحير على ضوء القنديل، بينما يسير من مدينة العسكر إلى جامع عمرو بن العاص بالفسطاط، مما يؤكد أن هذه المهنة كان لها احترامها ووقارها، حتى أن الوالي كان يقوم بها، ويحرص على الخروج كل ليلة في برد الشتاء أو حر الصيف، ليوقظ النائمين لتناول وجبة السحور والتأهب لصلاة الفجر . ويرجح المؤرخون أن ظهور الوالي (المسحراتي) في مصر، والتفاخر بهذه المهنة، يعود إلى أن أول مسحراتي عرفه التاريخ الإسلامي، كان بلال مؤذن الرسول-صلى الله عليه وسلم-، والذي كان يجوب الطرقات لإيقاظ المسلمين، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن بلالاً لا ينادي بالليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم" وكان يؤذن لصلاة الفجر، وحتى القرن الثامن الهجري كانت القناديل التي تعلق فوق المآذن هي التي تحدد للناس مواعيد السحور والإمساك، فإذا كانت مضاءة كان موعد السحور، واذا أطفئت كان ذلك إيذانا أن الفجر اقترب، وهذا ما يفسر المآذن المضاءة بمصابيح الكهرباء طوال ليالي شهر رمضان منذ هذا التاريخ وحتى يومنا هذا .أبو نقطةويذكر الأدب الشعبي أن العصر الفاطمي شهد مسحراتياً يدعى " أبو نقطة "، وكان يشتهر بحلاوة صوته، وأسلوبه العذب وقدرته الفائقة على ارتجال الزجل، حتى الخليفة أمر بإحضاره إلى حديقة القصر، ليوقظه وقت السحور، ثم أمر بعد ذلك بتوفير المال اللازم له حتى يكون المسحراتي الخاص للخليفة، وبذلك كان (أبو نقطة) لا يعمل طوال العام إلا شهرا واحدا فقط هو شهر رمضان، وهكذا لعب المسحراتي دورا مهما خلال التاريخ الإسلامي، وأصبح ـ فيما بعد ـ من الشخصيات الشعبية المحبوبة، والتي تعبر عن التراث، وتعرفها جميع طوائف الشعب في مصر والعالم العربي والإسلامي، بكافة انتماءاتها الطبقية، حيث لا يتحقق حضورها إلا من خلال شهر رمضان، ولا تظهر إلا في لياليه المباركة.وصف المسحراتيوقد بهرت هذه الشخصية الرحالة والمستشرقين، الذين زاروا مصر خلال القرون الفائتة، مثل المستشرق الانجليزي " ادوارد لين "، حيث توقف عند شخصية المسحراتي، ودوَّن عنه بعض الصحافات في كتابه " المصريون المحدثون "، والذي شمل طبائع وعادات وتقاليد المصريين في القرن التاسع عشر . يقول لين : " إن المسحر - المسحراتي - يطوف في ساعة متأخرة من الليل ممسكا بيده اليسرى طبلة صغيرة، وسيرا من الجلد يضرب به على الطبلة، ويصحب المسحر غلاما معه يحمل قنديلين في اطار من الجريد، ويقف المسحر والغلام عند أبواب بيوت المسلمين، ويضرب على الطبلة ثم ينشد قائلا : " يسعد مين يقول لا إله إلا الله، ثم يضرب على الطبلة بالنغمة نفسها، ويقول : " محمد الهادي رسول الله "، وبعد أن يضرب على الطبلة يواصل إنشاده قائلا : " أسعد الليالي لك يا فلان " ولم تختلف ملامح المسحراتي، وطرائقه في التسحير، باستثناء اختفاء ( القنديل والغلام )، وذلك بعد إنارة الشوارع بمصابيح الكهرباء، ليجوب أرجاء المدينة أو القرية ليردد النداءات، فهو يعرف أسماء سكان المنازل ويحييهم فردا فردا، لينتبه النائمون أنه لم يخلف موعده الليلي، وتدب في البيوت الحياة، ليلتف أفراد العائلة حول مائدة السحور، ثم يتأهب الرجال إلى الذهاب إلى المسجد القريب لأداء صلاة الفجر .المسحراتي والأطفالولعل الأطفال هم أسعد الناس بقدوم شهر رمضان، خاصة وأنهم يحرصون على سماع المسحراتي كل ليلة، وقد يتطوع أحدهم بترديد نداءاته، بينما يكون هو في شارع أو حارة أخرى ليكمل عمله في المنطقة المخصصة له، بينما يسير خلفه مجموعة من الأطفال الذين يحدثون البهجة في الشوارع الخالية . وللمسحراتي ذاكرة قوية وبديهة حاضرة، فقد يطلب منه أحد الناس أن يذكر إسم ابنه أو ابنته، فيقوم بتحيتها من خلال نظمه الشعري المحبب إلى النفوس . ويقول: عطية محمد ( 53 سنة) إنه قد ورث هذه المهنة عن والده، ويقوم بها بشكل تطوعي، حيث لا يتقاضى أجرا معلوما عليها، ولكن أهل الخير في قريته يتوافدون على بيته في أول أيام العيد، يقدمون له التهنئة بعيد الفطر وعادة ماتكون هداياهم هي لفائف من الكعك والبسكويت . وما زالت الأحياء الشعبية في القاهرة تحرص على وجود " المسحراتي "، بينما اختفى تماما من الأحياء الراقية، والتي يكتفي سكانها بسماع البرنامج الإذاعي الشهير ( المسحراتي ) بصوت الموسيقار الراحل سيد مكاوي وأشعار فؤاد حداد، وقد استقر البرنامج في وجدان ملايين المصريين بعذوبة ألحانه وكلماته والصوت الشجي الذي يردد النداءات الشهيرة المتوازنة، ويمزجها بالمناسبات الوطنية ونقد بعض السلوكيات وتقويمها خلال الشهر الفضيل أساليب التسحروما  زال المسحراتي (

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

عيدالفطر المبارك في ربوع وادي الرافدين..بانوراما حافلة نسيجها الحب والتواصل والأفراح

عيدالفطر المبارك في ربوع وادي الرافدين..بانوراما حافلة نسيجها الحب والتواصل والأفراح

احمد كاظممناسبة العيد في ضمائر العراقيين لحظة تاريخية فارقة، فبعد عناء شهر كامل من الصوم يأتي عيد الفطر كمكافأة عظيمة للصائمين، ولا يذكر العيد، الا وذكرت (العيدية) والحدائق ومدن الألعاب والدواليب والملابس الجديدة التي...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram