اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > حياة الفلسطينيين على المحك في اليوم العالمي لحقوق الانسان

حياة الفلسطينيين على المحك في اليوم العالمي لحقوق الانسان

نشر في: 20 ديسمبر, 2023: 10:54 م

د. أحمدعبد الرزاق شكارة

بينما يشدد الاعلان العالمي لحقوق الانسان الذي يتم الاحتفال به سنويا في ديباجته على " الاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الاسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة -بإعتباره- أساس الحرية والعدل والسلام في العالم "

وصل العالم ومنطقتنا الشرق أوسطية بخاصة لمفترق طرق حرج وخطير ونحن نشهد يوميا فضائع وإختراقات يتدنى لها الجبين الانساني لحقوق الانسان في العالم عموما وفي فلسطين بخاصة حيث وصلت لحدود المجازر المريعة معها اضحى الجلاد (اسرائيل) والضحية (الشعب الفلسطيني) يعاملان على قدم المساواة بل أن للجلاد حق الحصانة المطلقة التي تمكنه من الضرب عرض الحائط كافة القرارات والاتفاقات والقوانين الدولية (الدولي العام والانساني) وفي القلب منها حقوق الانسان الفلسطيني وحرياته الاساسية وعلى رأسها حقوق، كرامة وحريات الطفل والمرأة والشباب بل وايضا رجالا كبار العمرحيث نالوا جميعا القسط الاوفر من التنكيل والقمع الاسرائيلي.

إن هذه المآسي الدامية للقلب التي ترتكبها سلطة الاحتلال الصهيوني أضحت مادة إعلامية يومية مؤلمة جدا للمشاهدة ولكنها بذات الوقت لا زالت تتنامى في الدموية برغم من تصاعد المد الجماهيري العالمي المعارض للممارسات الهمجية الاسرائيلية حيث لم تحرك بعد حالة ردع أستراتيجي تمكن القوى الفاعلة في المجتمع الدولي دولا ومنظمات دولية واقليمية من أيقاف الكيان الغاصب من هجماته المدمرة للحرث وللنسل. ربما بأستثناء عدد محدود جدا من المنظمات الانسانية التي تستمر بتقديم خدماتها الانسانية الجليلة على رأسها الاونروا (وكالة الامم المتحدة للاغاثة وللعمل) برغم من 250 هجوم تعرضت لها.

من منظور مكمل فإن مفوضية الاممية السامية للاجئين والهلال الاحمر الفلسطيني والصليب الاحمر وأطباء دون حدود وغيرها لازالت جميعا تعمل جاهدة كل وفقا لإختصاصها لإنقاذ الضحايا بحدود ما خصص لها من إمكانات بشرية مهنية متخصصة وإعانات مالية في ظل محيط غير آمن ولا حتى بالحدود الدنيا بالنظر لما تقوم به اسرائيل من القصف الجوي، البري والبحري المكثف تعدى حجم تاثير ما القي من قنابل نووية على هيروشيما وناكازاكي في اليابان مايقارب من (30000الف طن). من هنا، فإن حق الحياة أي مجرد بقاء الانسان الفلسطيني حيا متمتعا بكرامته الانسانية اضحى هدفا من الصعب تحقيقه اللهم إلا إذا تغيرت معادلة القوة في صالح الفلسطينيين وهو أمر متوقع أو ممكن نسبيا. علما بإن ما تردده اسرائيل، الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي مرارا من مشروعية حق الدفاع الاسرائيلي عن النفس غير مبرر كليا بل ولاينطبق بالقطع على مسؤولية الدولة المحتلة التي يفترض وفقا لقواعد القانون الدولي أن تحمي وترعى من تحتله (فلسطين). إن الحرب القائمة حاليا تكشف عن سلوكيات اسرائيلية همجية غير إنسانية ليست فقط قانونيا بل وأخلاقيا تصوره سلسلة من مجازر وحشية قتلت كل من يقطن في مراكز الايواء و لمتلقي العلاج في المشافي أو حتى عندما يتم نقل الجرحى من مواقع سكناهم للمشافي التي دمرت كليا بصواريخ الكيان الصهيوني حيث قتل المئات من طواقم الاطباء والمسعفين بالاضافة للجرحى أنفسهم. علما بإنه لم يبق اصلا من المشافي التي تقوم بخدمات مهنية مناسبة - إلا النذر اليسير لايتجاوز 10 - حيث توفر الحد الادنى من الاسعاف الاولي دون وجود الادوية أواجهزة العلاج المناسب. علما إن إجراء العمليات الجراحية أخذ يتم دون تخديرمع كل الالام المنتظرة. منظور خطير آخر مكمل يؤكد استهداف مستمر مركز لمختلف المراكز الحكومية والمدرسية وحتى المزارات الدينية الاسلامية والمسيحية والحكومية في كل انحاء قطاع غزة لم تسلم من الضرر الانساني كلها تنتهي إلى ضحايا أنسانية لامثيل لها وصلت إلى ارقام قد تتجاوز مع كتابة هذا المقال العشرين الف شخص هذا غير الالاف من الجرحى الذين تصل اعدادهم اكثر من 50 الف شخص، مضافا لإلاف اخرى من المفقودين الذين لايمكن التنبأ بأعدادهم النهائية.

جدير بالذكر أن مظاهر اختراق الجسد القانوني - الاخلاقي - القيمي والبيئي لحقوق الانسان وصل إلى درجات تتمثل بحملات تهجير الالاف من السكان المدنيين من مواطن سكناهم إلى مناطق اخرى في الجنوب في إطار حملات إبادة او ما تعرف قانونا بالتطهير العرقي.

الارقام تنقل أن مايقارب مليون و900000 شخص فلسطيني نزحوا إلى الجنوب من القطاع دون أي غطاء أمني يفترض توافره من قبل الكيان الصهيوني لحماية المدنيين وهذا ما اكدته المنسقة الاممية للشؤون الانسانية في فلسطين مؤخرا. علما بإن منطقة الجنوب ليست مؤمنة إطلاقا على عكس مما تتدعيه اسرائيل في دعايتها المظللة التي تسوقها للعالم الخارجي. شكل واضح جدا من ظاهرة الابادة التي مارستها اسرائيل طوال مراحل حياتها السياسية من خلال سياسة القتل الجماعي او الفردي منذ ما قبل نكبة 1948. إن التدمير الممنهج والعشوائي بذات الوقت لمساكن الفلسطينين الحافلة بإعداد سكانية مكثفة يجري دون تمييز بغض النظر عن كون القنابل الامريكية " ذكية او غبية " فإنها تبقى مدمرة يروح ضحيتها المدنيون بإعداد ضخمة خاصة وإنها تسقط على حجم مساحة صغير يستقطب اعدادا كبيرة جدا من السكان. كل ذلك يجري إتساقا مع حملة تكثيف للمستوطنات المسلحة التي تعتدي على الشعب الفلسطيني في كافة انحاء الاراضي الفلسطينية سواءا في القطاع أم في الضفة الغربية وفي القدس الشريف حيث المسجد الاقصى وقبة الصخرة المباركة دون رادع دولي أو أقليمي.

إن ما يصلنا من معلومات متوافرة من مصادر مختلفة تؤكد أن الحرب الاسرائيلية الراهنة ليست ضد منظمة حماس فقط بل هي موجهة اساسا ضد الشعب الفلسطيني برمته بل ضد الانسانية برمتها وهذا ما يتبين من كافة الممارسات الاجرامية التي شملت كافة الجنسيات نظرا لإستمرار وتصعيد الحصار الاسرائيلي القاسي والشامل لكافة مواد الاغاثة من ماء، غذاء، وقود بل وكافة المستلزمات الطبية - العلاجية. حصار غطى كافة المجالإت الحياتية ومنها حالات النقل اوالتنقل (المواصلات) المناسبة ما يعني في حالات متعددة استخدام الحنطور أو السير على الاقدام مسافات طويلة جدا خاصة مع افتقاد الوقود للسيارات. إضافة لقطع آخر مهم مستمرللاتصالات الالكترونية. مضافا لكل ذلك أنهيار في المحيط الصحي -البيئي حيث بدأت الامراض والاوبئة بالانتشار والفتك بجيل الطفولة ولعل ذلك يتم بسبب القاء قنابل الفسفور الابيض وغيرها من ملوثات الجو من قبل الطيران الاسرائيلي أو بسبب مياه غير صالحة للشرب مصدرها المجاري او التلوث البحري.

إذن يمكننا التأكيد بإن قطع الامدادات المائية والغذائية والطبية وللوقود قد وصل لمرحلة الانهيار التام ما حرم الغالبية الساحقة من سكان غزة الصابرون من هذه الامكانات الحياتية الضرورية إذ أن معبر رفح لازال يعمل دون المستوى المطلوب الذي وصل ما قبل السابع من أوكتوبر 2023 بحدود 500- 600 شاحنة يوميا بينما اليوم يقارب الرقم اقل من 100 شاحنة إعتمادا على مدى التوافق المصري - الاسرائيلي نظرا لإن مساحة الامان المتوفر لمرور المركبات في كافة محافظات غزة تقلصت كثيرا يرجع اساسا لاستمرار حملة قصف اسرائيلي عنيف او اشتبكات مستمرة قوية مع قوات حماس في كل القطاع. ترتيبا على ذلك، وصلت الامور لحالة مزرية لاتتقبلها الكرامة الانسانية الا وهي إتساع ظاهرة المجاعة التي إن لم تتم معالجتها بصورة مناسبة ستؤدي ولاشك إلى موت اعداد ضخمة من سكان غزة الصامدين الابرياء بخاصة من الاطفال والنساء (70% من الشهداء). وضع كهذا لا اعتقد من له ذرة ضمير انساني يتقبله.

من هنا، الحاجة لإعمال جسر إنساني عالمي يوصل كل المستلزمات الغذائية - المائية والدوائية والوقود وغيرها على عجالة وبكفاءة أكبر للقطاع بغية أنقاذ اخوتنا في العروبة والاسلام والانسانية من موت محقق. علما بأن جرائم اسرائيل ضد الانسانية برمتها يجب ان تحاسب وفقا للقانونين العام والانساني من قبل المحكمة الجنائية الدولية، مسألة تتطلب ان تصل الدول العربية والاسلامية بل وكل دول المجتمع الدولي إلى اتخاذ قرار جماعي مرفق بوثائق دقيقة تؤكد أولوية رفع شكوى قضائية حازمة للمحكمة الجنائية الدولية بحق حكام اسرائيل من الساسة والعسكر كونهم يرتكبون جرائم مركبة ضد الانسانية وصلت لحدود لايمكن السكوت عنها. طلب لابد للمحكمة الجنائية الدولية أن تأخذه بكل جدية وبالسرعة الممكنة. 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

دي خيا يثير الغموض حول مستقبله

محكمة مصرية تلزم تامر حسني بغرامة مالية بتهمة "سرقة أغنية"

والدة مبابي تتوعد بمقاضاة باريس سان جيرمان

للحفاظ على «الهدنة».. تسريبات بإعلان وشيك عن موعد انسحاب القوات الأمريكية

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

 علي حسين في ملحمته الإلياذة يروي لنا الشاعر الاغريقي هوميروس كيف أن أسوار مدينة طروادة كانت عصيّة على الجيوش الغازية . فما كان من هؤلاء إلا أن لجأوا إلى الحيلة فقرروا أن يبنوا...
علي حسين

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

 لطفية الدليمي غريبٌ هذا الهجومُ الذي يطالُ الراحل (علي الوردي) بعد قرابة الثلاثة عقود على رحيله.يبدو أنّ بعضنا لا يريد للراحلين أن ينعموا بهدوء الرقود الابدي بعد أن عكّر حياتهم وجعلها جحيماً وهُمْ...
لطفية الدليمي

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

طالب عبد العزيز هذا ما كتبه ابو المحن المحسود البصريّ لاِبنهِ ذي الهمّة، الذي واصل الليل بالنهار، متصفحاً خرائط المدن والاسفار، عاقداً وشيعة الامل بالانتظار، شاخصاً بعينه الكليلة النظيفة، متطلعاً الى من يأخذ بيده...
طالب عبد العزيز

ريادة الأعمال.. نحو حاضنة شفافة

ثامر الهيمص مخرجات الشفافية, تمتاز عن غيرها, بأن ردود الفعل تأتي انية في النظر او العمل, مما يجعلها تمضي بوضوحها مستفيدة من هنات وليس عثرات تراكمت اسبابها مسبقا في عالم الا شفافية, اللهم الا...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram