 بغداد/ تميم الحسن

بعد اسبوعين من اعلان الحكومة اعتقال "مطلقي الصواريخ" على القوات الامريكية، وجهت الفصائل ضربة جديدة الى مطار اربيل قبل ان ترد واشنطن بقصف 3 مواقع للحشد جنوب بغداد. ويرجح بحسب بعض المعلومات، في حال استمرت الهجمات ولم تستطع الحكومة السيطرة على تلك الجماعات، تشكيل تحالف دولي شبيه بالتحالف الذي انشئ مؤخرا لوقف الهجمات في البحر الاحمر.

كما يهدد استمرار تلك الهجمات، بتراجع احتمالية لقاء رئيس الحكومة محمد السوداني بالرئيس الأمريكي جو بايدن، المتوقع في العام المقبل.

وقتل في الرد الامريكي الاخير الذي استهدف منشآت تابعة لكتائب حزب الله في بابل وواسط، "منتسب واحد" واصابة 18 اخرين ومدنيين، وفق رواية الحكومة.

وقالت واشنطن ان الرئيس جو بايدن أصدر تعليمات بـ"الرد بالمثل" على الهجوم الذي استهدف القوات الامريكية في اربيل مساء الاثنين.

وهذا هو الهجوم الثاني ضد "الكتائب"، والثالث الذي تنفذه الولايات المتحدة على الفصائل، منذ ازمة غزة في منتصف تشرين الاول الماضي.

بالمقابل ادانت الحكومة العراقية، ماوصفته بـ"الاعتداء الأمريكي" على مواقع عسكرية عراقية.

وذكر مكتب رئيس الوزراء في بيان ان الحكومة تتعامل بـ"حزم" إزاء قيام بعض العناصر بالاعتداء على "البعثات الدبلوماسية الأجنبية أو الأماكن التي يتواجد فيها المستشارون العسكريون من الدول الصديقة".

واضاف البيان أن الهجوم "أدى إلى استشهاد منتسب وإصابة 18 آخرين بضمنهم مدنيون".

وشيعت الفصائل، امس في بغداد امام مقر الحشد الشعبي، درع حسن العامري (ابو آدم)، المنتسب في كتائب حزب الله والذي قتل بالغارة الامريكية في بابل.

وكانت مقاطع فيديو متداولة قد اظهرت دماراً واسعا في احد مقرات الحشد في الحلة وسط بابل، جنوب بغداد، وقد تعرض مسكن لطلبة الجامعة الى شظايا.

وجرى الهجوم فجر الثلاثاء، على معسكر تابع للحشد قرب كلية الادارة والاقتصاد التابعة لجامعة بابل جنوبي الحلة، وشوهدت سيارات الاطفاء والاسعاف قريبة من الحادث.

كما ذكرت معلومات امنية ان هجومين اخرين ضد كتائب حزب الله، جرى في جرف الصخر، جنوب بغداد، والصويرة جنوب شرق العاصمة، فيما لم تعرف الأضرار حتى الآن.

ويأتي الهجوم في وقت تستعد الفصائل لاحياء ذكرى مقتل ابو مهدي المهندس (نائب رئيس الحشد السابق) الذي اغتيل بغارة امريكية في 2020 مع قاسم سليماني، الجنرال الايراني المعروف، قرب مطار بغداد.

بالمقابل أعلن البيت الأبيض أن الجيش الأمريكي استهدف 3 منشآت تابعة لـ "كتائب حزب الله" في العراق، ردا على هجوم طال قاعدة عسكرية للتحالف الدولي.

وأضاف في بيان صادر عن متحدثة مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض أدريان واتسون، امس، أن 3 جنود أمريكيين أصيبوا جراء هجوم بطائرة مسيرة على قاعدة عسكرية نفذته "كتائب حزب الله" الموالية لإيران، صباح الاثنين الماضي.

وأوضح البيان أن الرئيس جو بايدن أصدر تعليمات بـ"الرد بالمثل" على الهجوم، حيث استهدف الجيش الأمريكي 3 منشآت تابعة لـ "كتائب حزب الله" في العراق.

من جانبها، قالت القيادة المركزية الأمريكية "سنتكوم" في بيان إن "الغارات الجوية دمرت المنشآت المستهدفة"، ورجّحت أنها قتلت عددا من مقاتلي "كتائب حزب الله"، مشددا على عدم تضرر أي مدنيين. من جانبه، أعلن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، أن الضربات "الضرورية والمتناسبة" نُفذت بتوجيه من الرئيس بايدن على 3 منشآت تستخدمها "كتائب حزب الله" والجماعات التابعة لها في العراق. وقال أوستن في بيان إن "الهدف من الهجوم كان تعطيل وإضعاف قدرات المليشيات المتحالفة مع إيران".

وأضاف: "اسمحوا لي أن أكون واضحا، الرئيس وأنا لن نتردد في اتخاذ الإجراءات اللازمة للدفاع عن الولايات المتحدة وقواتنا ومصالحنا". وتابع: "لا أولوية أعلى من ذلك، بينما لا نسعى إلى تصعيد الصراع في المنطقة، فإننا ملتزمون ومستعدون تماما لاتخاذ المزيد من الإجراءات الضرورية لحماية شعبنا ومنشآتنا".

ومساء الاثنين الماضي، قال يحيى رسول الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة، بوقوع إصابات وتعطل العمل في مطار أربيل المدني، إثر "سقوط طائرة مسيرة مفخخة بالقرب من المطار".

وسبق أن أعلن تشكيل يسمى "المقاومة الإسلامية العراقية"، في بيانات، عن تنفيذه هجمات على قاعدة التحالف في مطار عين الأسد، غربي الانبار، ومطار أربيل، ضمن دعم الحرب في غزة. وترجح مصادر سياسية مطلعة تحدثت لـ(المدى) احتمال "تشكيل تحالف دولي ضد المليشيات العراقية على غرار التحالف الذي انشئ مؤخرا ضد الحوثيين في البحر الأحمر". واكدت المصادر التي طلبت عدم الإشارة إلى هويتها إن هذا التحالف -في حال تشكيله- "يزيد الفوضى في البلاد حيث سيضع جميع الفصائل تحت طائلة العقاب ويصعب التفريق بينها".

وكانت اطراف عراقية شيعية، داخل الحكومة والاطار التنسيقي، قد سعت إلى دعم الفرضية الامريكية في تحميل فصيلين او 3 مسؤولية الهجمات. واعلنت كتائب حزب الله الشهر الماضي، بأنها و3 فصائل اخرى (سيد الشهداء، النجباء) تعرضت الى قصف امريكي في كركوك مطلع الشهر الحالي، وانصار الله الاوفياء" وراء الهجمات على القوات الامريكية.

ويقول مثال الالوسي السياسي المعروف والنائب السابق في مقابلة مع (المدى) ان "الحكومة والاطار التنسيقي اذا لم تكشف بشكل واضح عن هوية المنفذين وتمنع الهجمات فقد لا تبقى في العام المقبل".

وجدد الالوسي كلامه السابق عن وجود اطراف شيعية تسعى الى استمثار الفرصة لـ"الاطاحة بالسوداني وتشكيل حكومة بديلة".

وكان يحيى رسول، قد اعلن قبل أسبوعين اعتقال عدد من منفذي هجوم السفارة الأمريكية. وقال بأن المنفذين على "صلة بالقوات الامنية" دون كشف تفاصيل اخرى عن هويتهم.ويقول الألوسي ان "السوداني في وضع حرج، وقد لا يستطيع لقاء الرئيس الامريكي جو بايدن مطلع العام المقبل، بحسب ماوعد به بعض الوزراء الأمريكيين".

وأضاف: "مادامت الحكومة غير قادرة على كشف هوية المنفذين فإن احتمالات اللقاء مع بايدن تتراجع". وبين النائب السابق، ان هناك اعتراضا بالمقابل داخل امريكا من "استقبال السوداني" بسبب وجود شركاء من الفصائل داخل الحكومة.

وكان أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الامريكي، وجه في ايلول الماضي، دعوة رسمية الى السوداني لزيارة واشنطن، لكن يبدو أنها تأجلت بسبب عدم القناعة باداء الحكومة حتى الان. وينصح الالوسي، رئيس الحكومة للاستعانة بـ"القوات الخاصة ضد من يهددون الامن الداخلي، بحسب وصف الحكومة".

ويشير الالوسي الى ان الولايات المتحدة لا تريد التصعيد مع ايران من خلال وصفها الضربة الاخيرة بـ"الرد المناسب".

ويتابع أن على "ايران ان تؤدب المليشيات او تتوقف عن دعمها، والهدوء لن يعود الى المنطقة مادام هناك تصعيد في غزة، وسوريا واليمن".