الموصل / سيف الدين العبيدي
تعمل بعض مؤسسات المجتمع المدني، بالإضافة إلى مجموعة من النشطاء على توعية المجتمع بأهمية التشجير وخطورة التغيرات المناخية، وارتفاع كميات التلوث في الهواء، فقد سعت مؤسسة مثابرون المهتمة بقضايا البيئة إلى إقامة حملات تشجير في محافظة نينوى منذ سنوات، وتمكنت حتى الآن من زراعة 48 ألف شجرة في الأماكن العامة، والمؤسسات الحكومية، ولعل أبرزها الجامعة التقنية الشمالية التي زرعت فيها غابة بحد ذاتها.
كما عملت الجامعة التقنية على الاهتمام بالزراعة من خلال تجسيد أكبر لوحة بيئية عبرت عن مخاطر التلوث، وانبعاثات الغازات السامة ومكافحة التصحر والتشجيع على التشجير، وهي الفعالية الأولى من نوعها في نينوى بمشاركة 500 طالب وطالبة.
وتقول الأكاديمية ورئيسة الجامعة التقنية الشمالية علياء العطار، خلال حديث لـ(المدى)، إن "المبادرات تهدف للتثقيف بالخطر الذي يواجهه العراق ونينوى في مجال التغيرات المناخية وشحة الموارد المائية وقلة المساحات الخضراء وانبعاث الغازات"، مشيرة الى أن "الجامعة تبنت الكثير من حملات التوعية والتثقيف للحد من هذا الخطر والتشجيع على التوجه للطاقة النظيفة".
وتضيف، أن "اللوحة التي قدمت من قبل الطلبة هي رسالة على أنهم أبناء المستقبل الذي يعتبر قضيتهم ومسؤوليتهم".
يذكر أن العراق يعاني منذ سنوات من ارتفاع معدلات التلوث البيئي، وتعد العاصمة بغداد من أكثر المحافظات العراقية تسجيلاً لنسب التلوث بعد أن قارب عدد سكانها 9 ملايين نسمة، وهو ما يعزوه مراقبون لغياب التخطيط والعشوائيات وعدم بناء مدينة إدارية جديدة للتخلص من التلوث الذي بلغ مستويات خطيرة أثرت على صحة الإنسان. ن جانبه، يقول الناشط البيئي أنس الطائي، في حديث لـ(المدى)، إن "اللوحة تضمنت رسمة جسدت عنصر (co2) الذي تحول إلى شجرة في رسالة إلى الحاجة للأشجار، وأظهرت الانتقالة من عام 2023 إلى 2024 في موضوع تلوث الجو، وهي موجهة للعالم أجمع لغرض الأهتمام بالبيئة وتخصيص موازنة خاصة لها في العراق وبلدان العالم". ويدعو الناشط البيئي، إلى "ضرورة تقليص مصادر الانبعاثات التي أصبحت مرتفعة في نينوى والعراق من خلال محاسبة من يتسبب بها، وزيادة المساحة الخضراء بكل مؤسسة بمساحة 25%"، لافتاً إلى أن "إقامة هكذا فعاليات هي من اجل إظهارها للإعلام الذي له دور كبير في نقل الرسالة وكذلك لكي تشكل ضغطا على الجهات المعنية ودفعها للاهتمام بالبيئة". كما تعتبر فعاليات المساهمة بنشر الوعي البيئي مهمة جداً، للتعريف بمخاطر ومدى تعاظم ظواهر تطرف المناخ وتغيره، عبر مبادرات ترصد الواقع البيئي المتأزم بتفاصيله عن كثب وتنقله للناس بما يجعله قضية رأي عام.
إلى ذلك، يقول مدير مؤسسة مثابرون للبيئة محمد لازم، في حديث لـ(المدى)، إن "دائرة البيئة تعمل على تطبيق القوانين للحد من مخاطر التلوث البيئي على المجتمع"، مبيناً أن "نينوى تعد نسبياً أفضل من المحافظات الأخرى في زيادة المساحات الخضراء والتي اتت تزامناً مع حملة الاعمار فيها".
ويردف، أن "التغير المناخي وقلة الأمطار أديا إلى تفاقم الجفاف في الكثير من المناطق، وانخفاض خزين سد الموصل إلى 20%". ويكمل، أن "الحكومة لا تعطي أولوية لملف التغيرات المناخية، وحتى نسب إحصائيات الأمطار والجفاف والتلوث نأخذها من الأمم المتحدة والعراق هو خامس دولة بالعالم متأثرة بالتغيرات المناخية". ويتابع، أنهم "يعملون على توعية الناس وحتى الحكومة من أجل زيادة نسب التشجير من خلال اللوحة التي قدمت رسالة مهمة بأن عام 2023 كان مليئا بالتلوث والانبعاثات الغازية الصادرة من المولدات الاهلية ومن 450 الف عجلة توجد داخل أم الربيعين".
ويوضح مدير مؤسسة مثابرون للبيئة، "يجب أن تقابل كل عجلة 10 أشجار بمعنى أن نينوى تحتاج إلى ثلاث ملايين ونصف مليون شجرة لتغطي التلوث الذي فيها"، مشيراً إلى أنهم "ماضون بخطتهم خلال عام 2024 في زيادة الوعي المجتمعي تجاه التجشير والقيام بمشاريع مناسبة لتطبيق القوانين الخاصة بحماية البيئة بالتعاون مع المجتمع الدولي لنقل ما يعاني منه العراق في مجال مشاكل البيئة". يشار إلى أن العراق يعتبر خامس البلدان الأكثر تعرضاً للتدهور المناخي عالمياً، نظراً إلى الظواهر المناخية العنيفة مثل درجات الحرارة المرتفعة، وعدم كفاية الأمطار ونقصها، والجفاف وندرة المياه والتلوث البيئي.
وبحسب مختصين في البيئة فأن حلول ومعالجات قضية الجفاف والتلوث البيئي تقع على عاتق الحكومة العراقية والوزارات المعنية، ولعل أهم خطوة في هذا المجال هي بدء ممارسة الضغوط الدبلوماسية والسياسية حيال بلدان المنبع المجاورة للعراق، التي تسهم بسياساتها المائية المجحفة في تعاظم خطر الجفاف والتلوث البيئي وانتشار الأوبئة والامراض.
ويرى خبراء ضرورة القيام بحملة لتفعيل القانون الخاص بمنع التجاوزات على محرمات الأنهار، والتركيز على تفعيل عمل الشرطة البيئية لتطبيق القانون مع صلاحيات موسعة، وضرورة مشاركة ممثلي الحكومة من الجهات ذات العلاقة لإيجاد رؤية بشأن الحلول المستقبلية.