بغداد – 964
قال مستشار رئيس الوزراء محمد شياع السوداني للشؤون الدستورية، إن مسودة قانون "المحكمة الاتحادية العليا" الجديد، التي قدمتها الحكومة مؤخراً، تحاول "تذويب الخلاف" حول عضوية رجال الدين ودورهم فيها، بينما أشارت مصادر مطلعة إلى أن وضع الفقهاء وخبراء الشريعة سيكون بصفة استشارية ولن يشاركوا في التصويت.
وأعلنت الحكومة، الأربعاء الماضي، إنجاز مسودة جديدة لقانون المحكمة المعطل، وأكّدت إطلاق مداولات مع القوى السياسية تمهيدا لإقراره.
ووفقاً للمستشار حسن الياسري، فإن اللجنة التي شكلتها الحكومة أخيراً تعمل على "تذويب" الخلافات التي رافقت مشروع القانون السابق، حين قدمته حكومة نوري المالكي عام 2014.
ونشر مكتب رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني بياناً باسم الحكومة، أكّد أنّ اللجنة "أكملت عملها ووضعت مسودة المشروع".
ويرأس الياسري اللجنة الحكومية المكلفة بإعداد مشروع القانون الجديد، وعليه أن ينخرط في الأيام المقبلة في حوارات مع خبراء قانونين وممثلي أحزاب ومسؤولين في الرئاسات العراقية.
خلفية
قبل التصويت على الدستور الدائم بأشهر معدودة، أصدر بريمر القانون رقم 30 لتغطية أنشطة المحكمة التي عرفت باسم "المحكمة الاتحادية"، لشغل الفراغ القانوني في البلاد بعد إسقاط نظام صدام حسين.
وبعد إقرار الدستور كان على القوى السياسية تشريع قانون جديد ينظم عمل المحكمة ويحدد صلاحياتها، لكن البرلمان فشل في تمريره ثلاث مرات منذ عام 2008، بسبب خلافات حادة حول أعضاء المحكمة وآلية اختيارهم، وعضوية فقهاء الشريعة، وصلاحيات المحكمة في إطار مجلس القضاء أو بمعزل عنه.
ماذا الآن؟
تشير معلومات إلى أن الخلاف حول فقهاء الشريعة تمت تسويته حتى قبل تشكيل اللجنة الحالية، باعتماد صيغة "الفقيه المستشار"، الذي يحصل على عضوية المحكمة ولكن من دون حق التصويت.
لكن الخلاف الأكبر الذي قد يواجه اللجنة الحكومية يتعلق بحسم "استقلالية" المحكمة، إذ يتنازع تياران بين عزلها تماماً عن مجلس القضاء لتؤدي وظيفة "المحكمة الدستورية"، أو الإبقاء عليها كجزء من السلطة القضائية مع منحها استقلالا ماليا وإدارياً.
مستشار السوداني للشؤون الدستورية، لشبكة 964:
نصت المادة 92 من الدستور العراقي لعام 2005 على أن تتكون المحكمة الاتحادية العليا من عدد من القضاة وخبراء في الفقه الإسلامي وفقهاء القانون، ويحدد عددهم وتنظم طريقة اختيارهم، عبر سن قانون المحكمة الاتحادية بتصويت أغلبية أعضاء مجلس النواب.
المادة 93 تحدثت عن صلاحيات واختصاصات المحكمة، لكن البرلمان لم يستطع أن يسن هذا القانون الذي ينظم عملها.
حاولنا في هذا المشروع تذويب الخلافات السابقة، أبرزها الجهة التي ترشح القضاة وفقهاء القانون وتحدد أدوارهم، إذ يقول الدستور إن دورهم أصيل والمحكمة تتكون من قضاة وخبراء الفقه الإسلامي وفقهاء القانون وهذه التوليفة الثلاثية تحتاج إلى آليات تمت صياغتها في المسودة الجديدة.
طورنا آليات الترشيح وأصبحت عبارة عن لجنة تخصصية من جهات متعددة، فيما كانت الترشيحات السابقة من وزارة التعليم العالي، ما سبب إرباكاً لعمل المحكمة الاتحادية.
نصاب انعقاد المحكمة كان أيضاً من الأمور الخلافية؛ هل يتحقق بالإجماع وبحضور جميع أعضاء المحكمة أم يمكن انعقاده بحضور الثلثين.
دخلنا الآن في حوارات مع الكتل السياسية لتذويب هذه الخلافات، ونعمل على إعادة الصياغة الشكلية والفنية للقانون، لتجاوز العقبات وإزالة الغموض والإبهام الذي كان في مشروع القانون السابق.
في مسودة القانون الجديدة وسعنا اختصاصات المحكمة الاتحادية لتشمل على سبيل المثال الفصل في القضايا التي تنشأ عن تطبيق القوانين الاتحادية، أو تلك التي تحدث بين حكومة الاتحاد وحكومات الأقاليم.
إذا قُدر التشريع لهذا القانون الجديد، سنشهد قفزة بعمل المحكمة الاتحادية وسيادة وتدعيم السلطة القضائية.