الموصل/ سيف الدين العبيدي
من على ضفاف نهر دجلة وتحت اشعة شمس الشتاء الدافئة، اجتمع ١٦ تشكيليا نصفهم أتى من العاصمة بغداد ومحافظة ديالى الى جانب الرسامين من ام الربيعين في نشاط هو فريد من نوعه يقام في الموصل بالرسم الحر والمباشر للطبيعة وما يعرف بـ"السمبوزيوم"، فرشاة رسامي ورسامات بغداد وديالى رسمت قلعتي باشطابيا وقرة سراي الاثرية التي بقيت صامدة امام الحرب، إلى جانب البيوت التراثية التي تضررت خلال معارك التحرير.
٣ ساعات من الوقت أمضاها هؤلاء الفنانين بالرسم، عبروا من خلالها عن حبهم لمدينة ام الربيعين وتغنوا بها بفرشاتهم في زيارة هي الاولى لهم لنينوى، وفي وقت يناسب هكذا نوع من الرسم الذي تفتقر اليه المدينة ورساميها بسبب صعوبته الكبيرة، فتولاها هؤلاء الرسامون من اجل تشجيع باقي فناني الموصل.
الرسامة مريم الدلوي قدمت من ديالى عبرت لـ(المدى)، عن سعادتها وهي ترى الموصل للمرة الاولى، وقالت انها كانت تتأثر وهي ترى صور الدمار وما حل بالمواقع الاثرية فيها، وبينت ان عينها ادمعت عند دخولها الى المدينة وهي ترى مناطق الموصل القديمة التي ما زالت اغلبها مهدمة.
من جانبه اوضح اسامة الزيدي، رئيس مجموعة فراشات الفن، والذي قدم من العاصمة بغداد في زيارة اولى له، ان هذا الحضور من الفنانين هي عملية تلاقح بينهم، وان اغلب الرسامين دائماً يسعون إلى إقامة مثل هكذا تجمعات بين فترة وأخرى، وهذه المرة كانت في الموصل وبتواجد فنانو ثلاث مدن رسموا جزءا من تاريخ ام الربيعين المادي.
ولفت الزيدي، إلى انه يمتلك معهدا فنيا تعليميا مجانيا لفئة الاطفال والشباب، يستقطب به مواهب الرسم بهدف تنميتها، وذلك حباً بهذا النوع من الفن، وبحديثه عن الموصل اشار الى، ان المدينة لها طابعها الخاص بالمناخ والطبيعة وحتى في سكانها، وانها جميلة رغم جرحها والحياة فيها مستمرة مثل مياه دجلة، واضاف الزيدي، ان ابن عمه كان استشهد بمعارك التحرير هنا في نهاية عام ٢٠١٦.
وجسد الرسام والنحات نجم المقدادي، في لوحته قلعتي قرة سراي وباشطابيا وجريان نهر دجلة امامها، واكد المقدادي بحديثه لـ(المدى)، انه لم يرسم منذ ٦ سنوات بسبب انتقاله لفن النحت، ولكنه مع تواجده بالموصل ابى ان يعود بعد توقف بلوحة تظهر ملامح حضارة ام الربيعين، وبين ان فترة الخدمة العسكرية كان متواجد هنا بالموصل وتألم لحظة رؤيته لبعض من صور الدمار.
كما قامت الرسامة البغدادية بيداء الشيخ، برسم الجسر الخامس وهو اكبر جسور الموصل الذي عاد للخدمة قبل اشهر عديدة، بعد ان قصف خلال الحرب على داعش، وقالت الشيخ لـ(المدى)، انها سعيدة جداً بأول تجربة رسم لها في ام الربيعين، وانها جاءت حباً بالمدينة.
في الوقت ذاته رسم ابن مدينة شهربان علي الخزرجي، البيوت الموصلية التراثية المطلة على دجلة، وقال في حديثه لـ(المدى) "لي الشرف ان اتي إلى الموصل بعد فراق دام ٢٣ عاماً، فقد خدمت العسكرية هنا، ولدي أصدقاء كثر التقيت بهم بعد غياب".
واشار الخزرجي الى رغبته في عمل نصب مهداة للموصل، وتكون معبرة عن الجمال والقوة، لتكون دالة على روعة طبيعة المدينة وقوة اهاليها امام الصعاب.