ذي قار / حسين العامل
كشفت منظمة مجتمعية عن تراجع معدلات الانتحار في محافظة ذي قار بنحو 20 بالمئة مؤكدة تسجيل 86 حالة انتحار خلال عام 2023 مقارنة بـ 105 حالة عام 2022، فيما عزا مراقبون الانخفاض الملحوظ الى إطلاق المزيد من التعيينات لتشغيل العاطلين والخريجين وشمول الاف المواطنين بمنحة الرعاية الاجتماعية.
وتشير الارقام غير الرسمية التي اعلنتها منظمة التواصل والاخاء الانسانية في ذي قار حول انخفاض معدلات الانتحار وما يطرحه المراقبون عن اسباب انخفاضها الى اثر المعالجات الاقتصادية في تدارك جذر المشكلة التي ما برحت تفتك بحياة مئات العراقيين في ذي قار وغيرها من المحافظات العراقية.
وفي حديث لـ(المدى) قال رئيس منظمة التواصل والاخاء الانسانية علي عبد الحسن الناشي ان "منظمتنا رصدت 86 حالة انتحار خلال عام 2023 وهو ما يشير الى انخفاض بنحو 20 بالمئة عما تم اعلانه رسميا من قبل قيادة شرطة ذي قار عن حالات الانتحار خلال عام 2022 والبالغة 105 حالة انتحار ".
واشار الناشي الى ان "حصيلة الارقام التي رصدتها المنظمة تبقى ارقام غير رسمية ونحن بانتظار ما تعلنه قيادة الشرطة من ارقام وبيانات خلال مؤتمرها الامني السنوي الذي يعقد عادةً مطلع كل عام".
وكانت بيانات مؤتمر تحليل الواقع الامني والجنائي العاشر لقيادة شرطة المحافظة الذي عقد مطلع العام المنصرم قد كشفت عن تسجيل 105 حالة انتحار عام 2022 مقابل 83 حالة عام 2021 بارتفاع 27 بالمئة.
وتابع الناشي الذي يشغل ايضا مسؤولية سكرتير خلية ازمة الانتحار في محافظة ذي قار ان " محافظة ذي قار كانت تشهد سنويا تنامي في معدلات الانتحار وخاصة بين اوساط الشباب وهي تسجل انخفاضا ملحوظا لأول مرة منذ عام 2018".
وأشار، إلى أن "عام 2016 على سبيل المثال سجلنا 48 حالة انتحار، فيما ارتفعت خلال العام التالي إلى 53 حالة".
وبين الناشي، أن "الحالات انخفضت في عام 2018 لتسجل 51 حالة انتحار، وعام 2019 سجلت 55 حالة"، مؤكدا تسجيل "قفزة في حالات الانتحار خلال عام 2020 لتصل الى 80 حالة وارتفعت في عام 2021 لتبلغ 85 حالة"، مبينا ان "عام 2022 شهد قفزة خطيرة في حالات الانتحار اذ بلغت 105 حالة انتحار بعد ان كانت 85 حالة في العام الذي سبقه".
ويجد رئيس منظمة التواصل والاخاء الانسانية ان "حالات الانتحار المسجلة تقابلها اعداد مضاعفة من محاولات الانتحار الفاشلة التي تخشى الاسر الكشف عنها لاعتبارات اجتماعية او قانونية". ولفت، إلى أن "أعداد النساء المنتحرات تفوق قليلا اعداد الرجال اذ سجل عام 2016 انتحار 28 امرأة و20 رجلا، فيما سجل العام الذي يليه انتحار 28 امرأة و25 رجلاً". وبالمقابل كشفت بيانات قيادة الشرطة عن تسجيل 45 حالة انتحار بين النساء مقابل 60 حالة بين الرجال عام 2022.
من جانبهم، يرى مراقبون ان انخفاض معدلات الانتحار خلال عام 2023 يعود لمعالجات محدودة تبنتها الجهات الحكومية خلال العامين المنصرمين لتلافي احد اسباب الانتحار، واوضحوا لـ(المدى) ان "المعالجات التي تبنتها الحكومة للتخفيف من ضغط مشكلة البطالة بين اوساط الشباب وشمول شرائح اخرى بمنحة الرعاية الاجتماعية كان له اثرا واضحا في انخفاض معدلات الانتحار".
واشاروا الى ان " عامي ( 2022 – 2023 ) شهدا تعيين نحو 30 الف محاضر مجاني في ذي قار وتثبيت موظفي العقود الحكومية على الملاك الدائم والاعلان عن توفير درجات وظيفية للخريجين والعاطلين عن العمل وان كانت قليلة "، مؤكدين شمول عدة الاف من الشرائح الفقيرة بمنحة الرعاية الاجتماعية خلال العام المنصرم ولاسيما عشية انتخابات مجالس المحافظات، ناهيك عن توزيع قطع اراضي سكنية على نحو 50 الف مواطن من بينهم عمال الاجور والكسبة في غضون العامين المنصرمين.
ويرى المراقبون ان " تحرك عجلة العمل والنشاط الاقتصادي سواء في القطاع العام او الخاص وتوفير المزيد من فرص العمل من شانه ان يبعث الامل في نفوس الشباب العاطلين عن العمل بالحصول على فرصة مناسبة وبالتالي تنحسر مساحة الياس الذي يدفع للانتحار "، داعين الجهات الحكومية المعنية الى تبني المزيد من البرامج الفاعلة لتلافي المشاكل التي تتسبب بالضغط النفسي وتدفع للانتحار ولاسيما تعاطي المخدرات والمشاكل الاسرية والدراسية ناهيك عن مشكلتي البطالة والفقر.
وتعزو مصادر طبية اسباب 90 بالمئة من حالات الانتحار الى مؤثرات نفسية من بينها حالات الاكتئاب، مشددةً على ضرورة تدارك الاسباب الاقتصادية والمجتمعية التي تدفع للاكتئاب ومعالجتها قبل ان تتفاقم وتؤدي الى الانتحار.
وكانت الحكومة المحلية والقيادات الامنية والجهات القضائية في ذي قار اعربت ( مطلع شباط 2022 ) عن قلقها من ارتفاع معدلات الجريمة والانتحار في المحافظة ، ودعت الى اعتماد حلول اقتصادية وفنية لمعالجة تنامي معدلات الفقر والبطالة بين شريحة الشباب ورفع الوعي المجتمعي. فيما وجهت قيادة شرطة ذي قار في حينها دعوة لتبني برامج حكومية ومجتمعية فاعلة للحد من حالات الانتحار عبر تعاون المؤسسات الحكومية والباحثين والأكاديميين ومنظمات المجتمع المدني ورجال الدين وشيوخ العشائر ووجهاء المدينة وتفعيل عمل اللجنة المشكلة لهذا الغرض، مشددة على اهمية اعتماد برامج توعوية وتثقيفية وبحثية كفيلة بالكشف عن أسباب ارتفاع حالات الانتحار ووضع الحلول لمعالجتها والحد منها .