علاء المفرجي
أفلام لمخرجين أجانب تتحدث عن العراق، بتفاصيل الاحداث التي مرّ بها خلال العشرين عاما المضطربة، بعض هذه الأفلام وقفت على جوانب مهمة من الاحداث التي مرت على بغداد، طبعا هنا استثني الكثير من الأفلام الامريكية التي تناولت الحدث نفسه،
ولكني عند الكثير من الأفلام الوثائقية التي أديرت بكاميرات مخرجين أجانب، ومنها فيلم (سلام على دجلة.. عشر سنوات من العيش في بغداد) هو عنوان فيلم وثائقي بتوقيع المخرج الصحافي الياباني تاكيهارو واتاي، والفيلم حصيلة توثيق لعشر سنوات من الحرب في العراق قام بها مصور محترف، وثق فيها فترة زمنية محتدمة ربما هي الاقسى في تاريخ العراق المعاصر.. فما صوره المخرج من افلام كتغطية أخبارية لساحة ملتهبة عسكريا وسياسيا واجتماعية، سيكون موضوعا لفيلم وثائقي لايخلو من حكاية مكتملة الاركان.
سنوات الفيلم العشر تمتد قبل اسبوعين من بدء الحرب على العراق وتنتهي عام 2013.. يتوقف فيها المخرج بحيواته عند الاحداث المفصلية خلال هذه السنوات، وهي الاحداث التي شكلت تاريخاً من الكوارث والمأساة التي عصفت بهذا البلد وناسه.
تبدأ كاميرا واتاي في رصد الاحداث قبل ايام من بدء الغزو، حيث تتجول في اسواق العاصمة واحيائها، وتتوقف عند حديث لعديد من المواطنين العراقيين، تتلخص في القدم المجهول وسبل مواجهته وايضا عن نمط العيش في ظل تهديد بالحرب التي يتوقعها الجميع في اي لحظة.. ثم ترصد الكاميرا من موقع الصحفي في احد فنادق بغداد التي كان يتواجد بها الاعلاميون لتغطية اجواء الحرب، بشكل دقيق القنابل والصواريخ التي تنهال في ليل بغداد وبكثافة تفوق التوقع..
ينتقل واتاي فيما بعد بكاميرته في توثيق فصل جديد من الاحداث وهو الفصل الذي اعقب سقوط الدكتاتور وبدء جولة جديدة من الاحداث تستمر بتداعياتها حتى عام 2013 وهو زمن انجاز التوثيق أو الفيلم.
بلقطات لا تخلو من القسوة، نكون امام اثار انفجار جراء (نيران صديقة)، تظهر فيه اشلاء ثلاثة من الاطفال من عائلة واحدة، وهي العائلة التي ستذهب بنا كاميرا المخرج واتاي في تفاصيل حياتها الماساوية على امتداد اكثر من عشرة اعوام..وهي واحدة من عائلتين يتجلى من سيرتهما خلال هذه الفترة هول الماساة التي مر بها العراق.. عائلة على صكبان أب لثلاثة اطفال يأكل الدمار العراقي منها ثلاثة، بسبب قصف صاروخي لمنزله.. لنعيش مع العائلة مرارة الفقد واثاره النفسية والاجتماعية على الطفلة المتبقية (غفران) وعائلتها.. ثم رحلة علي المكوكية في مكاتب المعونات الامريكية للحصول على (التعويض) المناسب ليلم به اثار الخراب الذي لحق ببيته وروحه.. لكنه سيصدم بروتين قاس لايبالي بمشاعر الضحاية ليثمر عن عرض يتلقاه علي في العمل كجندي حراسة.. وهو ماسيرفضه لاعنا عطاء الديمقراطية التي وعد بها الغزاة امثاله.
بعودة تاكاهيروواتاي الى بغداء عام 2004 تعود كاميرته لتعايش رحلة علي (الايثاكية).. حيث يرزق بطفلة جديدة (شهد)، فيما هو يعمل عملا اجيرا في بناء البيوت، ومستمر في رحلة البحث عن مصدر رزق لعائلته، وفي عودة المخرج الى بغداد عام 2006 يجد ان علي قد زق بطفل بينما يقتل أخوه على ايدي احدى الميليشيات، وهكذا عند عودته الاخيرة يفاجأ بمقتل علي نفسه هذه المرة برصاص جماعة مجهولة من المسلحين.
وليس بعيدا عن هذه العائلة هناك ايضا عائلة مريم التي تمسح كاميرا واتاي جانبا من حياتها، ومريم هي الثالثة من بين اخواتها التي تعرضت للمصير نفسه حيث موت شقيقتيها وعوقها الذي تحاول ان تتغلب عليه بانتظامها بفريق للتنس من ذوي الاحتياجات الخاصة.
المخرج (تاكاهيروواتاي) يخوض في تفاصيل هذه الماساة بنفس صحفي محترف، مهنيته تدفعه الى نقل الوقائع بحذر وموضوعية من دون انحياز سوى ما يمليه الدافع الانساني، فنراه غير معني بجذور هذه الاسرة وخلفياتها الاجتماعية قدر اهتمامه بها كضحية لحرب لاناقة لها بها ولاجمل.. يعيش وكاميرته معها لحظات الحزن والقلق والمعاناة من شظف العيش، وحتى الامل بغد يعد بالكثير.
ما يحسب لواتاي وهو الصحفي المحترف انه استطاع ان يستخلص من مجموعة ما اقتنصته كاميرته على مدى السنوات العشر، حكاية مكتملة تروي فصلا من الماساة.
جميع التعليقات 1
Anonymous
شكراً جزيلاً أستاذ أنا أتابع كتاباتك واحاول مشاهدة الأفلام التي تتناولها هذه المقالة فريده الصحه و العطاء الدائم شكراً لكم