عبدالله السكوتيوهذه حكاية رجل بسيط وقوي كان يتندر بها أمام أبناء عمومته، من أن احدهم ضربه بهراوة، فقام بالتخلص منها عن طريق (شكفها)، والشكف يعني اتقاء ضربة الخصم، وهذا الأمر متعارف عليه في العراق، حين كان السلاح الشخصي، عبارة عن هراوة (التوثية)،
والذي يشكف ضربات الخصم، يستخدم الهراوة أيضا، أي انه يتقيها دون أن يرد الضربة للخصم، أي انه يتقن فن التخلص من الضربة الأولى، بانتظار الضربة الثانية والثالثة...الخ، فاخذ الرجل يعدد ضربات خصمه وهو يقول:(طكني وشكفته، طكني وشكفته)، إلى حوالي عشرين مرة، فقال له احد الجالسين:لماذا لم تضربه...؟ وبقيت تتقي الضربات فقط، الم تخش أن إحدى الضربات تنفذ إلى رأسك، وتقضي عليك. لقد اكتفى الرجل باتقاء الضربات، ولم يتجرأ على ردها ولو صاعا بصاع، أو حتى واحدة لعشرين، ومع هذا يمكن أن يكون الحظ قد خدمه، وحافظ على رأسه سالما. لا احد منا يريد أن يقيّم الخصم، أو يخرج على شاشات الفضائيات ويتهم الخصم بالإفلاس، وان الضربات المتتالية، تؤكد حجم يأسه وانعزاله، لا نريد ذلك، ولا نريد أن نقلل من حجم صاحب الهراوة، ونقول إنها آخر الضربات، أو نسخر من أنفسنا ونصف هجماته، بأنها لا تؤثر على احد، في حين نرى الموت ضيفا دائما في العراق، والدماء تزوق وجه المدن. في سالف الزمان كانوا يقيمون عدوّهم تقييمه الصحيح، فان كان ضعيفا، اعدوا له إعدادا على حجمه، وان كان قويا اعدوا له العدة، ودائما ما يخسر الشوط من يستخف بعدوه، والشواهد على ذلك كثيرة منها تاريخية، ومنها تعود للامس القريب، استخف الطغاة بالثوريين، فكانت نهاياتهم على أيديهم، واستخف الملوك بأتباعهم فانتهوا على أيديهم، واستخف أيضا الطيبون بالأشرار، فكانوا (سجينة الخاصرة) التي أتت عليهم، وعلينا أن لا نستخف بأعداء العراق، مهما كان حجمهم، مع علمنا أن تنظيم القاعدة، تنظيم إرهابي كبير، وحتى لو كان صغيرا فلنفعل كما قالوا:(اتحزم للواوي بحزام سبع)، لقد تداول البعض أحاجي لأجل المزاح ليس إلا، عشرون شهيدا هنا، وعشرون هناك، إحدى عشرة سيارة مفخخة، وعبوات لاصقة بأعداد هائلة، تقتل الشعب بحرية، وتدخل من الحدود بحرية أيضا، والبعض لا يعطي القضية أهمية كبرى قياسا بما كان، فهو يقارن، بين 2010 و2007، ويقول الحمد لله على العشرين شهيدا في الأسبوع الواحد مع 160 جريحا، وغاية ما يريد إدراكه هي قاعدة (طكني وشكفته)، أما ما يقابلها، على سبيل المثال، من قواعد أخرى كما أسلفنا:(اتحزم للواوي بحزام سبع)، فهذه غائبة عن أذهان البعض، ولا يريدون اتباعها، أيام دامية، والأفواه تبتعد كثيرا عن تشخيص الداء لعلاجه، ومجالس العزاء تندب الموتى بالحان شجية، والعيون قد أدمنت البكاء، وقائلة تقول:(لا هيه عركة وكت والكف عباتي وياك واركض)، إنها لعنة القاعدة، رأس الأفعى ومن يساندها من ذيولها الكثيرة، لكن لا احد يسلط الضوء، والألسن قد أخرست، أخرستها الأموال، وحشيت بالذهب فما عادت تستطيع شيئا، وكما قالت إحدى الناعيات:(راحت احلوك اتطلع الحكوك او ظلّت احلوك الما تلوك)
هواء فـي شبك: (طكني وشكفته)
نشر في: 27 أغسطس, 2010: 10:10 م