TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثامن :أســــــــف

العمود الثامن :أســــــــف

نشر في: 28 أغسطس, 2010: 05:26 م

علي حسين أعترف بأن العمل الصحفي اليومي،، أثر على لغتي، وأصاب منابع الإحساس في داخلي، وجعلني أحياناً في حالة جفاف.سبب هذا الاعتراف أنني تلقيت على مدى الأيام الماضية ملاحظات عدد من الأصدقاء يلومونني لأن الكتابة في السياسة أصبحت السمة الطاغية للعمود الثامن،
 مؤكدين أن مساحات الأسى حولنا لم تعد في حاجة للكتابة عنها، فالسواد  يحيط بنا من كل جانب،فما يكتب ويقال يعيشه الناس كل يوم، يشعرون به ويتألمون منه، وربما لو أتيحت لهم فرصة التعبير وامتلكوا ملكة الكتابة  لقالوا الكثير مما نقول.في السنوات الأخيرة لم تعد القراءة من  أولويات الناس، فتجد ان اشهر صحيفة عندنا  لا توزع سوى آلاف قليلة، واكبر كاتب لا يعرفه أكثر من المحيطين به، و برغم  هذا العزوف، فان الصحف تصرخ وتئن، غابت عن صفحاتها اللغة الرقيقة، في الماضي  كنا نقرأ أعمدة صحفية تقطر عذوبة وإحساساً  لرشدي العامل وأبو كاطع وسعود الناصري وسلام الخياط  مقالات غارقة في نعومة الكلام، في دفئه وشاعريته.كان الجميع  متمسكاً برومانسية حالمة في زمن مشحون بالحمم الكتابية، كانت الحداثة في الكتابة وفي كل شيء تغزونا وتخترقنا، أما اليوم، فلا صوت يعلو فوق صوت الفساد والارهاب والمحسوبية والرشوة والانتهازية والفوضى السياسية والامنية وأخطاء الاحزاب واللاأحزابوأتساءل، كيف يمكن للواحد منا أن يهرب من كل هذا الذي يحاصره، كيف ينعزل ليكتب بعد ذلك كلمات رقيقة؟ كيف للواحد منا ان يغازل الكلمات على شواطئ انهار جفت بسبب تعنت وطغيان دول الجوار؟وهل لو فعلت ذلك، وانسحبت من وجع الوطن النازف الى داخل ذاتي، إلى لغة ترضي الاصدقاء  وتروي عطش البعض لكلمات رقيقة، هل أكون خائنا؟  حين الون الكلمات وأزوقها في زمن اصبح فيه لون الدم هو الطاغي؟خيار صعب أن يرى الواحد منا طريق السعادة،وتخذله قدماه في الوصول اليه، ضعفا أو خوفا، وفي كلتا الحالتين أنا لست سعيدا بما أنا فيه، وليس أمامي إلا الدعاء على  من سرق منا بهجة الفرح  وراحة البال، وأحال أيامنا الى سلسلة متواصلة من الفواجع، فحرم الكلمات من أن تكون مصدر سعادة   وفرح للناس.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram