اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > رأس المال الاجتماعي أساس التنمية

رأس المال الاجتماعي أساس التنمية

نشر في: 28 أغسطس, 2010: 05:27 م

اوس عزالدين عباس تدعونا قيمنا الإنسانية ومعتقداتنا الدينية إلى العمل على كل ما من شأنه إعلاء أمرنا ورفع قيمتنا، في نظر أنفسنا أولاً ونظرة الآخرين والمجتمع إلينا من جهة أخرى ، وذلك عن طريق القيمة المضافة التي نخلقها بانفسنا من خلال الثقافة والتعليم واكتساب المهارات والخبرات،
وتوعية الحياة التي نرتضيها ونريدها لانفسنا ، وشبكة العلاقات التي ننسجها مع غيرنا من أعضاء المجتمع الذي نحن جزء منه ومع غيرهم من أعضاء المجتمعات الأخرى، باعتبارها كلها عوامل تزيد من رأسمالنا الاجتماعي ، وتحديد المكانة التي نحتلها في المجتمع الذي ننتمي إليه، وتساعدنا في نفس الوقت على تحقيق كل أهدافنا في الحياة .rnوهناك دعوة صدرت من عالم الاقتصاد الشهير الحائز على جائزة نوبل (تيودور شولتز)، إلى إن يستثمر الإنسان نفسه باعتبار ذلك أفضل أنواع الاستثمار، وانه في اقتصاديات القرن الحادي والعشرين سوف تزداد المعرفة، وهي بحد ذاتها رأس المال الاجتماعي، ولقد كان المشتغلون بالعلوم الاجتماعية يعلنون في بحوثهم دائما عن مفاهيم سياسة التنمية والإصلاح مبالغة للأفكار الاجتماعية ، ويقارنون ذلك بين ما حققته الدول المتقدمة ودول العالم الثالث والتي فقدت القدرة على مواكبة التغييرات الهائلة والأحداث التي تحدث في عالم اليوم ، ويذهب العلماء بذلك إلى أن هذا التخلف سوف يزداد في عصر العولمة .وعلى الرغم من كثرة ما يكتب الآن  وما كتب خلال العقدين الماضيين من القرن الماضي حول مفهوم رأس المال الاجتماعي ، فان العلماء والباحثين لم يفلحوا في التوصل الى تعريف واحد يمكن الركون إليه وتحديد العناصر المكونة لذلك المفهوم ، مما يثير الى غموضه من جهة واتساع مجاله من جهة أخرى، فثمة منهم من يرى انه يتألف من مجموع أنماط العلاقات التي يرتبط بها الفرد والتي يستفيد منها ويستخدمها ويصنعها لمصلحته.. بينما ينظر آخرون على انه مجموعة من الآليات التي عن طريقها يمكن لجماعة معينة ان تتخذ لنفسها نمطا معينا من السلوكيات والقيم التي تنفرد به وتفرضه على أعضائها ، في الوقت الذي يكتفي البعض الآخر منهم بالقول بان المفهوم مبهم وشديد المرونة ويدور حول شيء غير ملموس ولا يمكن فهمه الا في ضوء السياق الاجتماعي الذي يوجد فيه، وهكذا... وعلى اية حال ، فان الفكرة السائدة عن رأس المال الاجتماعي لدى المشتغلين بالعلم الاجتماعي وبمستقبل المجتمع الإنساني هي، ان اكتساب المعرفة وتوسيع نطاق الفكر عن طريق التعليم ، وسهولة الحصول على المعلومات واستخدامها، والعمل على توسيع وتنوع شبكة العلاقات ، تتيح الفرصة أمامنا للمشاركة في العديد من الاهتمامات والأنشطة المتنوعة والتي تساعدنا في آخر الأمر على فهم الآخرين وتقدير ثقافاتهم واحترام أساليب حياتهم ، وهذا يؤدي إلى اعتزازنا بكياننا الخاص ومقوماتنا الشخصية إزاء الآخرين وانتمائنا إلى مجتمع معين فيه حقوق وعليه واجبات ، وهي مبادئ أساسية لتدعيم التبادل والعمل الجماعي ، وتحقيق سياسات التنمية لنا، بل إرساء قواعد الديمقراطية في المجتمع . وليس ثمة شك انه في الوقت الذي تكشف فيه الآثار الاقتصادية للعولمة عن كثير من مظاهر التقدم والنمو ، فان مثل هذا التقدم أدى إلى اتساع الفوارق بين الشرائح الاجتماعية واختفاء البعد الإنساني من السياسة المالية والاقتصادية، الأمر الذي يتطلب إعادة النظر في تلك السياسات بما يكفل الحد من الفقر وتوفير الخدمات الاجتماعية والتعليمية والصحية وغيرها لتلك الشعوب ، والعمل على رفع مستوى رأس المال الاجتماعي لمواجهة المستقبل المتغير وأوضاعه المعقدة ، وربما كان التعليم هو الوسيلة الناجحة لإرساء قواعده وأسسه وتنميته ، وان كان ذلك يحتاج إلى بذل جهود كثيرة لتحقيق التطوير المطلوب ، سواء كان ذلك عن طريق دراسة النظم التعليمية في الدول الأخرى واخذ ما يصلح منها لصالحنا ، او العمل على تشعب التعليم وتنويع برامجه وتوجهاته بحيث يغطي مجالات عملية ونظرية وفنية ومهنية متعددة، لكنها ذات صلة قوية ومباشرة بواقع الحياة اليومية ، وتأخذ بنظر الاعتبار متطلبات العصر واحتياجات المستقبل، بل هذه الأمور تحتاج إلى كفاءات وقدرات يفتقر إليها العالم الثالث ، والذي كثيرا ما يتخبط في وضع النظم والخطط الصحيحة والملائمة ، نظرا لعشوائية التفكير وقلة الخبرة وعدم وضوح الرؤية والهدف .وواضح في هذا كله أن رأس المال الاجتماعي يكمل ويتكامل مع رأس المال المادي والطبيعي والبشري، وانه يستند في أداء دوره في التنمية وإحراز التقدم والتطور إلى عناصر وعوامل أساسية تتمثل في التعليم والتدريب والتوجيه.ولقد قيل : (إذا كان رأس المال المادي البشري يتركز في الأفراد فان رأس المال الاجتماعي يعيش وينشأ وينمو ويزدهر في العلاقات) ، وليس من شك في ان دوره سوف يتعاظم في المستقبل وفي عالم الغد والذي سيكون بالضرورة عالم المعرفة والمعلوماتية بامتياز ، وهذه حقيقة يجب أن تأخذها مجتمعات العالم الثالث إذا ما أرادت أن تلحق ولو جزئيا وفي حدود إمكاناتها المتواضعة بأوضاع المستقبل ومتغيراته .    

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram