وديع غزوانمهما احتوت الشعارات من قوة معان و جمل وكلمات جميلة، فإنها تفقد بريقها اذا لم تجد سبيلاً لتطبيقها على ارض الواقع، والتجارب على ذلك في تاريخنا المعاصر لا تعد ولا تحصى عالمياً ومحلياً، فالاشتراكية وبدءاً بالتجربة الرائدة لها في الاتحاد السوفيتي ،
تحولت الى جحيم بفعل الممارسات الخاطئة التي تراكمت وكانت احد أسباب انهيارها، مع عوامل أخرى عديدة لا مجال لتناولها هنا، وانتهاءً بأحوالنا في العراق وما خضناه من تجارب مريرة منذ حصولنا على الاستقلال في 1921 حتى الآن، مروراً بموروثنا القومي في المحيط العربي حيث قايض سياسيوه شعار الوحدة بالسلطة ومغرياتها، وقمعت الحريات بضرورات المعارك المصيرية وما أكثرها، اما الاشتراكية فصارت عناوين لشركات ومؤسسات وأرصدة للمسؤولين وأبنائهم وأقربائهم.. لهذه الأسباب ولجروح غائرة في أعماقنا، ظلت تساؤلاتنا، نحن المواطنين المساكين ممن استهوتنا هذه الشعارات وأفنينا زهرات أعمارنا من اجل تحقيق الحد الأدنى منها، نبحث عن سر هذه الهزائم المتتالية في تجاربنا ونتائجها الكارثية على واقعنا، ولا نظن اننا نأتي بجديد اذا قلنا ان السبب الرئيس لكثير مما أصابنا في العراق وغيره، هو إذعاننا المتأصل والتاريخي لنخبنا او لقادتنا السياسيين وتبرير اعمالهم وسلبهم حرياتنا، تحت وهم، اجتهدت هذه النخب على مر التاريخ لتزيينه لنا، مفاده ان كل تلك التضحيات هي من اجل مصلحة الوطن الكبرى وخدمة قضاياه، لنصحو بعد حين على اننا ساهمنا من حيث نعلم او لا، بضياع هذا الوطن وفقدان اعز ما فيه.اليوم، ومع كل ما رافق العملية السياسية من أخطاء منذ 2003 حتى هذه اللحظة، ترانا نحن المكتوين بحرمان وقهر السنوات الماضية، ما زالت أعناقنا تشرئب لطوق نجاة ينقذ سفينة العراق، وقلوبنا وجفة تحسباً وخوفاً على سفينة تتقاذفها أمواج بحر هائج تحركه المصالح. لم نزل حتى اللحظة ننتظر، وكلنا ثقة، بان يعتبر الفرقاء السياسيون من دروس الماضي القريب، ويتيقنوا حقاً باننا ما عدنا حالمين، ولم تعد تنطلي علينا خدع الشعارات التي ترفع كلما اقتضت الحاجة، فيعيدوا النظر بأساليبهم وطرق تعاطيهم الأحداث، ما زلنا صابرين على أمل ان يرتقي أداء الكتل السياسية لمستوى ما يحتاجه العراق من فعل وتصرف، يعكس إيماناً واعياً وحقيقياً بالديمقراطية كنهج وسلوك، وان يغادر سياسيونا أبراجهم العاجية ويعيشوا مع المواطنين الذين منحوهم السلطة والجاه عن طيب خاطر.يا سياسيينا.. اتعظوا من الماضي ففيه اكثر من درس، واولها ان لا مكان في هذا الزمن لتجار الشعارات والعبرة بمن يقرن قوله بالعمل، لان هذا ما نطمح اليه كشعب، وأكدوا حبكم للعراق ولشعبه بكل مكوناته، من خلال الإسراع بتشكيل حكومة شراكة وطنية حقيقية يكون ابرز عناوينها تجاوز أخطاء السنوات السبع الماضية. حكومة تؤسس لبناء بيت عراق جديد ينعم أهله بالخير والأمان اللذين طال انتظارهما.
كردستانيات :عراق جديد
نشر في: 28 أغسطس, 2010: 05:39 م