يعقوب يوسف جبر
ينشأ أي مجتمع وينمو ويتفاعل مع القيم المدنية والانسانية الراقية ثم يتخذ له هوية وملامح تميزه عن غيره، ويسمى المجتمع المدني المستقر المتآلف دون ضجيج اجتماعي، ومن البديهي ان مجتمع المدينة شرط ان يكون متمدنا ومستجيبا لقيم التسامح هو المجتمع الذي يصلح لنشأة الانسان،
لكن ثمة عوامل تساهم في تفكيك هذا المجتمع وتحطمه منها الحروب وحماقة من يشعلها والآثار المترتبة عنها فماهي هذه الآثار؟ 1- نزوح ابناء الريف الى المدينة. 2- تدني الوعي الانساني. 3- انتشار العادات والتقاليد الريفية. 4- انخفاض مستوى التعليم. 5 - ظهور الصراع بين القيم المدنية والريفية.
لكن ماهي الحلول للخروج من هذا المأزق الاجتماعي المظلم؟
1- تطوير خطط التعليم ومناهجه. 2- اقامة ورش التنمية البشرية. 3- نشر القيم المدنية. 4- تشريع قانون يجرم الاشخاص الذين يحتكمون الى السنن العشائرية لفض النزاعات. 5- تشريع قانون يجرم اي شخص يتخذ من العشيرة أداة لتهديد غيره. مالمسناه في مجتمعنا العراقي منذ ثلاثة عقود انه تعرض للتشويه حيث سادت فيه نزعة التعصب العشائري وتحكمت في مقدراته الى حد ما سنن العشائر التي لا تمت بصلة الى القيم المدنية الراقية. ماذا يعني ان تتنازع عشيرة مع اخرى بسبب مقتل شخص ما فتطالب بدمه وتريق كل عشيرة دماء عدة اشخاص من العشيرة الاخرى وبعد ذلك أما ان ينتهي النزاع بالصلح او يبقى محتدما لسنوات او عقود تتنازع خلالها العشيرتان ويسقط ضحايا آخرون بسبب هذه المهزلة والهرج والمرج؟ ماذا يعني أن تقتل امرأة انتهك شخص ما شرفها عنوة فيدفع هذا الشخص المجرم الفصل العشائري كتعويض عن الفعل الجرمي الذي ارتكبه؟ ويبقى بلا عقاب فيتجرأ مرة أخرى على ارتكاب الجريمة مع امرأة أخرى. هكذا هي السنن العشائرية السائدة التي لاتمت بصلة الى الثقافة المدنية. إن السنن العشائرية انتشرت بشكل مريع ومرعب في اوساط مجتمعنا كما انها انتشرت في دوائر الدولة واستحوذت على مقدراتها مما ينبئ بخطورة المستقبل والتداعيات التي ستنشأ عنها.
كيف نشأت هذه السنن الخاطئة في مجتمعنا؟ ومن جاء بها؟ نشأت هذه السنن منذ زمن قديم لم يشهد تحولات على مستوى تطوير العقل البشري، بل كانت البيئة الاجتماعية تحتكم الى قيم الريف فالمجتمع كان ريفيا بامتياز وبقي على هذه الشاكلة حتى تأسيس الدولة العراقية الحديثة فشهد تحولات بسبب انتشار التعليم وقيام دولة المؤسسات في العهد الملكي، لكن هذه التحولات لم تستغرق كل المجتمع وبقيت بين مد وجزر. وبعد سقوط الدولة عام 2003 عادت السنن العشائرية الى الواجهة بقوة بسبب تراجع دور الدولة، فالدولة كانت تحكم قبضتها بقوة الحديد والنار لتهمش هذه السنن لكن بعد انهيارها عام 2003 ظهرت هذه السنن من جديد.
لكن ماهو الحل؟ ان الحل الاساسي يكمن في تطوير التعليم المدني ومحاصرة هذه السنن لكي تتلاشى وتبرز بدلها السنن المدنية الراقية التي تخلق الانسان المدني المتسامح.