الموصل / سيف الدين العبيدي
عند دخولك اليه ستجد نفسك في متحف وليس في ستوديو خاص بالتسجيلات الصوتية،لما فيه من اسطوانات قديمة واجهزة يعود تاريخها إلى سنوات القرن الماضي، ولن تسمع وانت بالستوديو غير الاغاني الشرقية الاصيلة عبر الكاسيت و"التيب"، وجدرانه المليئة بصور اعرق مطربي الفن الموصلي والعراقي والعربي مثل الملا عثمان الموصلي،ناظم الغزالي، ام كلثوم، فريد الاطرش، عبدالحليم حافظ، مع صور لآخر ملوك العراق فيصل الاول والثاني.
هذا المشهد لن تجده الا عند (تسجيلات الربيع) الصوتية اقدم استوديو في نينوى، تأسس عام ١٩٦٨ على يد طه خضر من اهالي الموصل، كان مولعاً بالاستماع لمطربي الصف الاول للطرب الشرقي الاصيل، فقد استطاع تجميع الف شريط صوتي او ما يسمى "بالتيب" وأكثر من ١٠ مسجلات من مناشئ يابانية والمانية وانكليزية، ابنه عمار طه صاحب الستوديو حالياً تحدث لـ(المدى) قائلاً انه يعمل مع والده منذ طفولته، وان والده عند تجميعه للأشرطة ومسجلات ارتى في افتتاح الاستوديو الذي استطاع ان يوثق ٤٠ الف ساعة تجمع بين نفائس الفن العراقي والعربي الرفيع ، مع توثيق وارشفة الموروث الغنائي الموصلي ابتداءً من هرم الاغنية الموصلية والعربية ملا عثمان الموصلي، وقاطبة مطربي الموصل هم من أصدقاء الاستوديو.
عمار اوضح ان التسجيلات عند تأسيسها بدأت العمل بالكاسيت الذي ظهر في منتصف الستينيات وحقق ثورة في المبيعات بسبب خفته وسهولة استعماله، وفي الفترة الاخيرة تمكن عمار من توثيق كل ما يمتلك من ارشيف بالاجهزة الإلكترونية او بواسطة "الهارد" وذلك خوفاً من التلف، ويعد الاستوديو الوحيد الذي يلبي جميع اذواق المستمعين من الغناء الشرقي والغربي.
خلال فترة احتلال داعش للمدينة تمكن عمار من الحفاظ على ٨٠٪ من ارشيف الاستوديو ضم ٤٠ الف كاسيت و٤٠٠٠ تيب و٣٠٠٠ اسطوانة فقد نقل معظمها الى العاصمة بغداد والباقي منها وضعه في عدة منازل عند اقربائه بالموصل، وبينَ ان هذا الارشيف تاريخه ٥٠ عاما اذا ذهب لا يمكن أن يعوض، واستطاع بعد التحرير إرجاع الاستوديو لما كان عليه واعادة اعماره وكان اول من عاد إلى شارع الدواسة وهو واحد من اشهر شوارع الموصل، وأضاف ان الاستوديو لم يعد يتسع لما فيه من اجهزة واشرطة وبحاجة إلى موقع، اكبر،وما زال لديه كاريزما وجذاب للذواقين للفن، ووجود الهواة الذين ما زالوا يحبون استماع الاغاني من الكاسيت.
واشار إلى ان الفترة الذهبية للاستوديو كانت من عام ١٩٧٠ ولغاية ٢٠٠٨، ولكن التطور التقني ودخول الانترنت حد من العمل بنسبة ٩٥٪،ورغم ذلك ما زال مستمر لتلبية طلبات من يحتاج إلى الموسيقى الخام او النوتات الخاصة بالتدريب، والاغاني النادرة الغير متوفرة على المواقع الإلكترونية، وان اغلب زبائنه هم ابناء بغداد.
عمل عمار مع والده على إحصاء اعمال السيدة ام كلثوم على مدار مشوارها الفني وتوثيق ١٢٠٠ حفلة كان قد اقامتها وبالمكان والوقت، مثلاً اغنية "دارت الايام" وثقت عدد المرات التي غنتها، وتاريخها باليوم والشهر والسنة، وفي اي مكان وما المناسب، واستغرق في ذلك مدة ثلاث سنوات من ٢٠١٠ ولغاية ٢٠١٣، ولم تكن لسيدة الغناء وحدها بل ايضاً وثق اعمال عبدالحليم حافظ، محمد عبدالوهاب، شادية، وردة الجزائرية، فريد الاطرش .