متابعة المدى
يستمر في قاعة “كاليري" المعرض الشخصي الجديد للفنان مؤيد محسن، والذي حمل عنوان "مشهد الشمس" قدم فيه مجموعة أعمال تمثّل أسلوبه الفني المعروف، المتسم بطابع سوريالي ناقد وبحضور لرمزيات تراثية وحضارية تأخذ المتلقي بإحالتها إلى الإرث الرافديني، لتبدو اللوحة الواحدة وكأنها تستنطق الحاضر لكن بلغة تستعير طاقتها من منارة الملوية مثلاً أو من النخلة أو ما تمثّله الأهوار من علامة صمود بيئي ووجود حضاري.
في معرض “مشهد الشمس” يقدّم الفنان محسن الموقف الرافض الذي طبع غالبية أعماله ذاتها في معارضه السابقة، من خلال تكريس سطوح كل عمل من أعماله لإرسال رسائل متعددة اجتماعية وسياسية وحتى ثقافية، وخص صديق عمره الفنان عبد الخالق المختار بعمل انتظم وسط لوحات المعرض. وشخوص مؤيد محسن غالبا ما تنبثق وتتسيد السطح التصويري للوحة بلا ملامح موحية او رؤوس مثيرة الى ادمية واضحة القسمات.. فهوية شخوصه غائمة لاعلامات تدل عليها او تومئ لها، وهي بهذه التصورات موزعة متشظية في عالم فسيح من الخطوط المتشابكة.
ذلك ان هذه الاعمال فيها من عناصر الابداع والشد ما يوحي بامكانية الفكرة المجردة التي تدفع وتحرض على الاكتشاف.. وليس غريبا ان تتميز لوحة ما من بين حشد من الاعمال المزدحمة على الجدران، الصديقة، التي اختارها، مؤيد، فقد عبر هذا الفنان في لوحته هذه عن امكانية تحرره من اسلوبيته المعروفة.. في لوحة، مؤيد محسن، الجديدة يترك وظيفته كرسان ليتحول الى، منقب، اثاري ليكشف لنا عن، موجودات تاريخية.. عراقية اصيلة.. لقد اهتم، مؤيد، هنا بتوازن اللوحة وتناظر كتلتيها: الاولى الاثر الذي يزيح عنه تراب الزمن والثانية التي تمثل عمق اللوحة.. ان قوة هذا الخطاب التشكيلي الذي يعرضه، مؤيد محسن، في اعماله، السوريالية، الشكل والمضمون والتهديف تكمن في ابداع، مؤيد. وتساءل مرة الناقد الراحل عادل كامل: هل رحلت السوريالية، برحيل، دالي، ام انها مازالت نابضة بالخيال التعبيري، وبرموز تبتكر معناها؟ الفنان مؤيد محسن يذكرنا بتاريخ راسخ للخيال الذي يعيد، نقد، المرئيات، واعادة تركيبها بتشويهات جمالية مناسبة. فليس ثمة، عند مؤيد، محاولة لارضاء الذوق التقليدي، او تصوير مدائح لاعلاقة لها بالصدق الداخلي. انه ينقانا الى عوالم غير متجانسة، في الزمان وفي المكان، عبر بنية غرائبية للاشكال والمقاصد. فهو ينقلنا الى حضارة وادي الرافدين، ولحضارات اخرى، كما في لوحة سقراط،، ويصور المكان بازمنة مختلفة، الى جانب التماثيل الاسطورية.
يقول مؤيد: ان المتلقي شغوف دائما الى ان يرى اعمالي ويكرر سؤاله عن الجديد.. وهذا الامر يعود الى المشاركات المستمرة، ليس في العراق فحسب بل في معارض عديدة خارج العراق.. لقد بدات اهتم بتجربتي التي مازالت حتى الان مدار للبحث وليست هي خلاصات تامة، اي ان موضوع النتائج لاينتهي ابدا، فالفنان يجد نفسه يوميا امام مشكلة ادائية جديدة في البحث والتكوين وطرح الموضوع.
وعن رموزأعماله يقول الفنان مؤيد محسن: سكة القطار دلالة العمر والترحال وعدم الاستقرار في وطن يغفو على أنهار من النفط ثم متاهة الطرقات وفوضاها في الاتجاه . وهي تتوسط صحاري ممتدة شاسعة تلك تشير الى عدم الاستقرار والتيّه . السلطة السياسية دائماً تخلع الحياة من المواطن وتسرقها بل وتقتلها وتمحي أثرها بسبب أنه دائماً يتسلق الرعاع وقطاع الطرق الى السلطة وخاصة في سلطة الجمهوريات وهذه وجهة نظري الخاصة .