اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > الكمارك والضرائب كأدوات للعدالة والسيادة

الكمارك والضرائب كأدوات للعدالة والسيادة

نشر في: 22 يناير, 2024: 09:12 م

ثامر الهيمص

عملية تدوير الحواف عموما لديها اهداف بعيدة المدى لتصبح منظارا للافقين الادنى والاعلى في الحاضر والمستقبل, وهذا يعني ان تكون هناك حوكمة واليات عمل راسخة مؤسساتيا, كما تترسخ اي تقاليد عمل, اما ترك الحبل على الغارب وخصوصا في المرحلة الانتقالية, فمن خلال تجربة الديمقراطية تراجعت الكثير من ثوابت العمل المؤسسي لصالح المصالح الفئوية واخواتها اقليميا ودوليا كما معلوم.

فعندما يكون النفط للسنوات الثلاث القادمه مساهما ب97‌% من الموازنة فهذا الاستثناء’ ولكي نعود للقاعدة وحسب معايير الاقتصادات النامية والتقليدية, ينبغي ان يعاد النظر الذي يحجبة الريع النفطي, الذي يرافقنا عجزه المزمن واشكالاته. اذ الدول الراسمالية المعتمدة على الضرائب والرسوم في ميزانياتها تعيد النظر سنويا بما يضمن تنوع الموارد كمرادف للعدالة الاجتماعية, ولا تهتز اجتماعيا قياسا لاهتزازاتنا, فمثلا يوجد في بريطانيا 300 الف مشرد, ليقولوا رسميا انه مجرد اسلوب حياة كما يسمون جماعة ال الهوم لس اي بلا مأوى, وهكذا اكثر في امريكا, هاتان الدولتان معقل ومنبع الراسمالية التقليدية, ليصل الامر الان لدول الرعاية من خلال تصاعد اليمين والفاشية, ولكن الانظمة مستقرة كقاعدة عامة لها هويتها الاجتماعية.

نحن ليس لدينا هوم لس كظاهرة اجتماعية الا اللهم اذا اعتبرت بعض العشوائيات اقرب للتشرد, وهذا ليس بعيدا, ولكن لاتصلح المقارنة ولا الاقتداء’ لانه هناك ما نفتقده, الذي يساهم مباشرة بالبطالة غير التقليدية والتي تعالج من خلال اجهزة تعرضت دائما لسوء الاداء’ وبقى النفط مجرد خام يصدر وتوزع عوائده كل عام يختلف عن الاخر صعودا وهبوطا, اي تذبذب مفاجئ لللاسعار.

نعم كل هذا لغياب العدالة في توزيع الدخل الوطني, وتعويضها بسلات غذائية ورواتب رعاية مرتبطة ببركات الخام المصدر مباشرة’ كل هذا نسميه مساوات بعيدة عن المؤسساتية بمزايدات انتخابية, كما انه يرتبط مباشرة ببرمجة ومأسسة الاستيراد ليدمر الاقتصاد الحقيقي.

فالضرائب والرسوم التي لا تعبر عن عدالة ولا مساوات من خلال ثغرتين معترف بهما شاخصتين’ يعكسان التخبط وهما (المنافذ غير الرسمية وظاهرة المليارديرية والمليونيرية) لا نحتاج للقول ان ضريبة الدخل مغيبة والرسوم والكمارك وضرائبها تذهب جزافا لغير الخزينة.

(ففي اخر تطورات الكشف عن التلاعب بأموال الدولة, كشفت هيئة النزاهة عن عمليات تلاعب في التحاسب الضريبي مع وكلاء شركات الاتصال الرئيسيتين, بينها تخفيض نسبة الضريبة لتصل 20‌% فقط, كما افادت بوجود شركات لم تحاسب نهائيا منذ تأسيها حتى الان. تظهر الحقائق ان مسؤولين في دوائر الضريبة, اقدموا على خفض نسبة الضرائب على الشركات دون سند قانوني. طريق الشعب بعددها الصادريوم 21/ كانون الاول /2023).

ويبدو ان الشركات الاجنبية هي الاكثر انحرافا, لنتسائل ما مصير ال الخمسة مليون دولار سنويا تستوفى او تصرفها شركات النفط على المناطق المتضرره نتيجة اعمالها الملوثة كما معروف. وكما ان لجنة الطاقة الحكومية بكتابها 3655 في 27/2/2014 وافقت على طلب وزارة النفط بأن تخصص كل الشركات الاجنبية العاملة في العراق مبلغ لا يزيد عن خمسة مليون دولار سنويا لكل عقد خدمة لتنفيذ مشاريع المسؤولية الاجتماعية في مناطق الانتاج.

فقد نفذت الشركات الاستخراجية لسنة 2012-2013, ستة عشر فقرة, مثلا: مشروع التعاقد مع مؤسسة برشلونة الرياضية لتدريب الرياضيين. تأهيل منتزهات انشاء اضوية على الطاقة الشمسية تأهيل مدارس. توزيع سلة رمضانية وملابس في نهاية كل رمضان على الاطفال وقرطاسية في بداية كل عام دراسي ومنح جامعة البصرة مليون دولار وملاعب خماسية ومدارس كرفانية وتجهيز اثاث مدارس وسيارات لسحب المياه الثقيلة ووحدات لتحلية المياه للمدارس ومركز تدريب مؤقت وصيانة المجموعات الصحية للمدارس. (الدليل التوضيحي لمشاريع المسؤولية الاجتماعية للشركات الاستخراجية في العراق لسنة 2015. وللطلاع اكثر على ملاحظات الزيارات الميدانية. نعم لسنا بصدد الضريبة التي تأتي هذه المكرمة في سياقها, ولكن نقول ان المدارس الطينية لا زالت شاخصة وانشاء مدارس حقيقية بدل الكرفانية وبدل التعاقد مع الصين في مناطق الاستخراج, كما ان الشكاوي تفاقمت من انتشار السرطان كمتلازمة لمناطق الاستخراج النفطي, اليس هذا تجسيد لمساوئ جولات التراخيص بنوعيها الخدمية والتشاركية! لماذا هذا الاهمال الم يكن يأتي مكملا لسوء الاداء الا اللهم ان هناك فساد وافساد يصل لحد المساس بالسيادة على الاقل من زاوية المال العام.

هل هذا حصاد العولمة المفرطة لتزداد افراطا بالفساد, نعم بكل تأكيد ما دامت الدولة المعنية وهي تتخبط في هذا الفخ او الوسط بعناوين اثبتت الظروف والتجارب ان عملية تسويق الافكار وتطبيقاتها غالبا ما تتقاطع عمليا مع واقع مختلف فالفدرلة والمحاصصة اضعفت الدولة بسلطتها لتشمخ الشركات على الضغط المحلي مستهينة بالقوانين من خلال الفساد والتحاصص كحلقة مفرغة. (امنح الحكومات سلطة اكثرمن اللازم’ تحصل على مزيد من سياسات الحماية والاكتفاء الذاتي, امنح الاسواق حرية اكثر من اللازم, تحصل على اقتصاد عالمي غير مستقر مع دعم اجتماعي وسياسي اقل ممن يفترض بهم تقديم المساعدة. (توم باتلر - باودون / الاقتصاد /ص264/2020). اليس هذا هو الحال بعد انتظار عشرون عام.

ولكن لنتفأئل بمشروع النبراس للصناعات البترو كيمياوية, ومشروع تصفير الرسوم الكمركية على المرشات المحورية والثابتة, كخطوة ثابتة افتتاحية لمشرعنا التنموي,

ونأمل ان لا يكون تصفير رسوم المرشات الا مجرد استثناء وليس قاعدة لاعفاات سلبية بعناوين لم نلمسها ذات مساهمة نوعية في عالم البطالة والرعاية الاجتماعية التي باتت رقما كبيرا يتصاعد مع العجز المزمن في الموازنة. قد نتفائل بحذر متحفظين حيث سمعنا باستدعاء 54 مسؤلا بدرجة خاصة من قبل النزاهة, مما يضفي غبشا وشك كونهم قدوات بمواقعهم, ليصبح الحماس للعمل اقل ويكون الاحباط سيد الموقف او الاقتداء’ اذا كان الامر كما كانت معالجة صندوق الامانات في الهيأة العامة للضرائب موضع البحث خلال العام المنصرم عام سرقة القرن, التي دفعتنا للاقتراض 300 مليون دولار من اليابان, الذي يمثل اقل من 10‌% من مما سرق من صندوق الامانات في الهيأة العامة للضراب

فالضرائب والرسوم عموما ليست مجرد اجهزة جباية لرفد الموازنة فحتى هذه المهمة لم تتناسب مع مليارات الدولار خرجت من نافذة العملة بمعدل تقريبي مليار دولار اسبوعيا, بكل الاحوال لاستيراد الغذاء والدواء والملابس والاثات والذهب (الذي نستورد 12 طن منه سنويا) ليس لاغراض صناعية بل كشكل اخر من الاكتناز, اما الدواء فقد اتخمنا غشا من خلال 45‌% ادوية مغشوشة حسب تقرير نقابة الصيادلة اخيرا ناهيك عن الصيدليات الوهمية والمخالفة, هذه الاوساط لا تضمن كمرك يحمي المال العام ويشذب الشوائب ولا ضرائب تدوير حواف الفقر والجريمة المنظمة التي افرزت وبقوة المخدرات,

فغياب المنافذ غير الرسمية بات امر يرتقي في اولوياتنا بمختلف ميادين السياسة والاقتصاد والامن والسيادة بمعانيها الحديثة وبحدها الادنى, هناك طرق متعددة لتحجيم الانفلات الكمركي غالبها سياسي الذي يغطي فساد استثنائي. فالسيطرة النوعية في الحدود لا يمكنها ان تعمل في المنافذ غير الرسمية التي يتدفق منها الدولار والمخدرات والذهب والنفط والسلاح لتؤكد العمل السياسي, فالسيطرة النوعية مؤسسة لا تعمل بدون اجهزة حامية حولها بل شبهات وتواطئات.

فالضرائب التقليدية والرسوم بحدها الادنى الرسمي تحجم كثيرا من الانفلات من الدواء الى الى المخدرات ومن الذهب الى المشتقات النفطية وهكذا لا تنفع مجرد النصائح, غير المقرونة بالفعل كمصداق. مما يعني مأسسة حقيقية للنقابات والجمعيات والاتحادات وغرف التجارة وجميع الجهات ذات العلاقة بالشأن العام والمال العام’ كون الاخير ليس الموجود فقط في الخزينة الرسمية’ اذ هناك مال عام خارج التداول الرسمي. لذلك هذه المؤسسات يتوجب ان تأتي عبر انتخابات وهيئات بدون شوائب العهدين قبل وبعد 2003, لها قوانينها وانظمتها بمصداقية الضمان الصحي والاجتماعي’ لتنتقل من مرحلة التبعية لمرجع محدد سلفا بل تحدده فقط الحاجات الاساسية للمنتسبين وعلاقتها بالسيادة والعدالة. كلام كثير قيل بهذا الصدد ولكن؟ على اية حال لابد من الشفافية حيث يعلن اسم الجهة التي تحمي الفاسدين, والا لا مجال غير التعايش غير البناء والى متى, وهكذا فقط نستطيع القول انها الخطوة غير الاعتيادية امام الوضع الاستثنائي, الذي يهدد الكل عاجلا او اجلا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

للحفاظ على «الهدنة».. تسريبات بإعلان وشيك عن موعد انسحاب القوات الأمريكية

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

التجنيس الأدبي والاكتفاء الذاتي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

 علي حسين في ملحمته الإلياذة يروي لنا الشاعر الاغريقي هوميروس كيف أن أسوار مدينة طروادة كانت عصيّة على الجيوش الغازية . فما كان من هؤلاء إلا أن لجأوا إلى الحيلة فقرروا أن يبنوا...
علي حسين

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

 لطفية الدليمي غريبٌ هذا الهجومُ الذي يطالُ الراحل (علي الوردي) بعد قرابة الثلاثة عقود على رحيله.يبدو أنّ بعضنا لا يريد للراحلين أن ينعموا بهدوء الرقود الابدي بعد أن عكّر حياتهم وجعلها جحيماً وهُمْ...
لطفية الدليمي

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

طالب عبد العزيز هذا ما كتبه ابو المحن المحسود البصريّ لاِبنهِ ذي الهمّة، الذي واصل الليل بالنهار، متصفحاً خرائط المدن والاسفار، عاقداً وشيعة الامل بالانتظار، شاخصاً بعينه الكليلة النظيفة، متطلعاً الى من يأخذ بيده...
طالب عبد العزيز

ريادة الأعمال.. نحو حاضنة شفافة

ثامر الهيمص مخرجات الشفافية, تمتاز عن غيرها, بأن ردود الفعل تأتي انية في النظر او العمل, مما يجعلها تمضي بوضوحها مستفيدة من هنات وليس عثرات تراكمت اسبابها مسبقا في عالم الا شفافية, اللهم الا...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram