اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > سياسية > ملفات فساد في برنامج الأمم المتحدة لإعادة إعمار العراق: رشاوى مقابل كسب عقود!

ملفات فساد في برنامج الأمم المتحدة لإعادة إعمار العراق: رشاوى مقابل كسب عقود!

نشر في: 22 يناير, 2024: 09:28 م

 ترجمة/ حامد أحمد

كشفت صحيفة الغارديان البريطانية عن ادعاءات تزعم ان مبالغ ضخمة من التي خصصتها الدول المانحة لبرنامج إعادة إعمار المدن المحررة والتي تبلغ 1.5 مليار دولار قد فقدت جراء ممارسات فساد على يد افراد تابعين لبرنامج التنمية التابع للأمم المتحدة UNDP من خلال مطالبتهم مقاولين برشاوي للفوز بعقود إعادة اعمار في البلاد.

الرشاوي المزعومة هي واحدة من بين ادعاءات وجود فساد وسوء إدارة كشفتها صحيفة الغارديان في ملف صندوق دعم الاستقرار في العراق ضمن برنامج التنمية التابع للأمم المتحدة الذي تم إطلاقه في العام 2015 وتم دعمه بمبلغ وصل الى 1 مليار و500 مليون دولار من 30 دولة مانحة. ومنذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003 ضخ المجتمع الدولي للبلد مساعدات بمليارات الدولارات. وبعد مرور 20 عاما من ذلك الوقت ما يزال العراق يعاني من خدمات وبنى تحتية ضعيفة رغم كونه رابع أكبر منتج للنفط في العالم محققا العام الماضي عوائد قياسية من مبيعات النفط بلغت بحدود 115 مليار دولار.

وتشير الصحيفة الى ان الفساد والرشاوي تشكل عصب حياة مفاصل السياسة في البلد ولهذا فإن الأمم المتحدة تنفذ مشاريعها بشكل مباشر على أمل تحقيق شفافية أكثر مما موجود في المؤسسات المحلية.

ونقلت الغارديان عن منظمة برنامج التنمية التابع للأمم المتحدة انها تمتلك "آلية داخلية تمنع وتكشف حدوث فساد وسوء إدارة، مدعومة بإجراءات مساءلة صارمة وقيود داخلية."

ولكن مقابلات جرت مع أكثر من عشرين منتسبا حاليا وسابقا في الأمم المتحدة ومع مقاولين ومسؤولين عراقيين وغربيين، اشارت الى ان وكالة تابعة للأمم المتحدة في العراق تغذي ثقافة الرشوة التي توغلت داخل المجتمع العراقي منذ اسقاط النظام السابق في العام 2003.

واستنادا الى ثلاثة منتسبين وأربعة مقاولين فقد كشفت صحيفة الغارديان بان رشاوي بلغت قيمتها 15% من قيمة العقد قد تمت المطالبة بها من قبل كادر في الأمم المتحدة. بالمقابل يقوم المنتسب بمساعدة المقاول على الدخول في منظومة مناقصة برنامج الأمم المتحدة المعقد لضمان اجتياز عملية التدقيق.

واستنادا لأحد المقاولين الذي تحدث للغارديان فانه تمت مفاتحتهم من قبل كادر تابع لبرنامج الأمم المتحدة مطالبين برشوة، مضيفا بالقول: "لا أحد يحصل على عقد بدون ان يدفع، ليس هناك شيء في هذا البلد تحصل عليه بدون ان تدفع رشوة، لا من الحكومة ولا من برنامج الأمم المتحدة."

أحد منتسبي برنامج الأمم المتحدة قال إن الصفقات تجري على نحو شخصي بدلا من أوراق لتلافي التحقق مع قيام عراقيين متنفذين في بعض الأحيان بدور الكفيل.

وأوضح بقوله "الطرف الثالث يأخذ حصة أيضا من مبلغ الرشوة، وان مقاولين يستعينون بأشخاص ذوي علاقات وسلطة."

وتشير الصحيفة إلى ان هناك ادعاءات تفيد بأن مسؤولين حكوميين مؤتمنين لدى مكتب برنامج الأمم المتحدة للتنمية من الذين يشرفون على مشاريع البناء يأخذون حصة من الرشوة.

مقاولون ومنتسبون من كادر الأمم المتحدة الذين أشرفوا على مشاريع يقولون ان مسؤولين يستغلون تلك السلطة "لابتزاز" رشاوي من شركات مقابل التوقيع على مشاريع مكتملة. مقاولان اثنان ذكروا للغارديان انه تم إجبارهما على دفع مبالغ من هذه الرشاوي.

وفي تصريح لمنظمة برنامج الأمم المتحدة للتنمية قالت فيه انها تلقت هذه الادعاءات على نحو جدي كبير وانها لن تتساهل ابدا إزاء وجود حالة تلاعب او فساد او تزوير.

وذكرت وكالة برنامج الأمم المتحدة للتنمية، أن "هذه السياسة تنطبق بشكل متساوي على أعضاء كادر الأمم المتحدة وكذلك اشخاص آخرين من باعة وشركاء تنفيذيين وأطراف مسؤولة مشتركة مع الأمم المتحدة. ويتم التدقيق الكامل بكل ادعاء رشوة وفساد أو تزوير والتحقيق به من قبل مكتب تحقيق وكشف مستقل تابع لبرنامج الأمم المتحدة."

بالإضافة الى حالات الفساد، فان المبالغ التي أنفقت على مشاريع متكررة ونفقات إضافية أخرى، تثير مزيدا من التساؤلات حول ما وصل فعلا من هذه الميزانية الضخمة لمستحقيها من أبناء المدن المدمرة.

الأشخاص الذين اجرت الصحيفة لقاءات معهم، الذين فضل الكثير منهم عدم الكشف عن اسمه، ذكروا ان برنامج الأمم المتحدة خضع لتوسع وتمدد لا مبرر له في مشاريع كان القصد منها الإبقاء على ديمومة هذا البرنامج وبقاء المنتسبين يتقاضون رواتب ومنافع متواطئين مع مسؤولين حكوميين منتفعين ماديا من تحديد مشاريع جديدة يتم المماطلة بها لبرير سحب تمويلات إضافية.

برنامج الأمم المتحدة للتنمية يدعي انه حسّن من مستويات معيشة 8.9 مليون عراقي، وهو ما يعادل خمس نفوس العراق. ولكن زيارة أجرتها الغارديان لمواقع مشروع تظهر بان قسما من هذه الأعداد كان مبالغا به.

في قرية شمالي العراق هناك لوحة لبرنامج الأمم المتحدة خارج مركز صحي محلي مكتوب عليها بانه تمت إعادة إعماره بمنحة. ولكن المنشأة التي كانت الاضرار فيها طفيفة فقط اثناء المعارك التي طرد فيها داعش من البلاد عام 2017 ، فقد تمت استعادتها أيضا من قبل منظمتين أخريين، مع شكاوي من أهالي محليين من انه على مدى سنتين أخفقت الأمم المتحدة بتنفيذ وعودها بتجهيز معدات في بناية ملحقة لهذا المركز الصحي.

وافق المانحون على تمديد البرنامج لسنتين أخرى وأرادوا استخدام بعض الأموال المتبقية في برامج تنمية اجتماعية و مؤسساتية. ولكن الذين تحدثوا للصحيفة وصفوا دورات التدريب وورش العمل التي يديرها برنامج الأمم المتحدة تحت شعار مبادرات هي "تافهة" وتفتقر لأي مضمون ستراتيجي.

منتسب سابق وصف مبادرة برنامج التنمية للأمم المتحدة بتحسين المستوى المعيشي من خلال تدريب نسوة نازحات على الخياطة بانه غير واقعي وغير مجدي لأن العراقيين اعتادوا على شراء ملابس مستوردة رخيصة الثمن (بالة) من الأسواق المحلية، مؤكدا بقوله "انهم يحاولون من خلال هذه المبادرة خلق منفعة اقتصادية هي غير موجودة. كما لو أنهم يريدون ارجاعنا الى فترة العصور الوسطى".

من جانبه يقول برنامج الأمم المتحدة للتنمية، إن مبادرات مثل التدريب على مهارات يتم تنظيمها استنادا الى احتياجات أبناء المجتمع و بالتشاور الكامل مع السلطات المحلية او وجهاء أبناء المجتمع.

ويحاول المانحون جاهدين في تعقب طرق صرف المبالغ التي تبرعوا بها معتمدين على وكالة برنامج الأمم المتحدة للتنمية في مراقبة وتقييم هذا الأمر من خلال وحدة محلية وصفتها الوكالة بانها مستقلة تماما تتابع هذا الموضوع وترفع تقارير الى الجهة الادارية. في حين قال خمسة من الذين لهم اطلاع على هذا الموضوع بانه ليس هناك ما يعكس حقيقة الامر على ارض الواقع.

وردا على طلب الغارديان للحصول على تعليق قال فرهاد علاء الدين مستشار رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني ، انه اذا ما صحت ادعاءات الفساد في برنامج الأمم المتحدة للتنمية وتورط دوائر حكومية فيها، فانه سيتم اتخاذ اجراء قانوني بصددها.

وأضاف المستشار علاء الدين: "سنتواصل مع اعلى السلطات في الأمم المتحدة لمناقشة تفاصيل هذه الادعاءات والتحقق منها ونحيل المتورطين بالفساد للسلطات المعنية، و سنراجع أيضا جميع البرامج للتوصل الى الحقيقة."

عن: الغارديان

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

مقالات ذات صلة

انخفاض الدولار وتصعيد ضد الفصائل في حال فوز ترامب.. ماذا عن مذكرة الاعتقال في بغداد؟
سياسية

انخفاض الدولار وتصعيد ضد الفصائل في حال فوز ترامب.. ماذا عن مذكرة الاعتقال في بغداد؟

بغداد/ تميم الحسنعقوبات بانتظار فصائل قريبة من طهران في حال عاد دونالد ترامب، المرشح الجمهوري، للرئاسة الامريكية في الانتخابات التي يفترض ان تجري بعد 4 أشهر.كما يمكن ان يتسبب فوز ترامب في انخفاض اسعار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram