محمد حميد رشيد
الدولة العراقية مستهدفة (من قبل قوى متعددة خارجية وداخلية) لإضعافها أو تقزيمها أو تدميرها في النهاية عبر إستهداف مكونات الدولة واحد بعد الآخر (الشعب والإقليم والحكومة والسيادة)؛ وواحد من أهم أركان الدولة هو الشعب ومن دون ثقة الشعب بالدولة (بكل أجهزتها ومؤسساتها)
تفقد الدولة مصداقيتها أمام الناس حيث أن التخويل الممنوح للحكومة هو ناتج للعقد الإجتماعي بين الدولة والشعب وفي الحالة نقض العقد تنعزل الحكومة تماماً عن الشعب (كماهي الآن)، ولقد فقدت الدولة مصداقيتها بعد سيل فضائح الفساد الخيالية المليارية المستمرة وبعد فشل الدولة في توفير ابسط متطلبات المواطن فضلاً عن المتطلبات الكبرى للإقتصاد. وبعد أن كان المواطن البسيط في زمن (الدولة القديمة) عند تأسيسها يقسم بـ (بخت الدولة) ويجده شيئا مقدسا وله هيبته ومكانته أصبح المواطن لا يثق بتصريحات المسؤولين الكبار فيها حتى وصل الأمر التشكيك بالنشرة الجوية التي تصدرها المؤسسات الحكومية المختصة.
ويبدو في بعض الأحيان إن (الدولة) مستهدفة من قبل قوى وأجهزه وأحزاب لإضعافها وفي بعض الأحيان لتدميرها لمصلحة القوى الخارجية التي تغدق عليهم بالأموال والدعم ولم يكن الجيش العراقي هو المستهدف فقط حين تم حله في أول قرار أمريكي إتخذه حاكم العراق بعد الإحتلال (برايمر) والحقيقة أنه كان يستهدف بهذا القرار ضرب (السيادة) لأن من أهم واجبات الجيش هو (حفظ السيادة) ومنذ تلك اللحظة بدء إستهداف الدولة أو إضعافها بكل أجهزتها ومؤسساتها وفي بعض الأحيان تهميشها فالإقتصاد متوقف إلا من رحمة الله (النفط) والزراعة في حرب مستمرة وفي تراجع والصناعة تكاد تلفظ أنفاسها الأخيرة والتجارة تأكلها البطاقة التموينية البائسة والمؤسسات الصحية تمر بكارثة والإستثمار خائف ومتردد والسياحة خجولة وخائفة والكمارك عارية والجيش وقواه الأمنية خائفة مستهدفة تأكل بعضها بعضها!. ولكن كل ذلك كان بنسب متفاوتة وبشكل متدرج ومقصود وشمل ذلك مؤسسات كانت (مقدسة) من قبل عامة الناس ومنها المؤسسة الدينية حينما زجوا بعض العلماء وبعض العمائم في الصراعات الحزبية القائمة على المصالج الأنانية والطائفية والعرقية التي أفرزت ورعت الصراعات الطائفية سواء بالترويج لها أو السكوت عنها تمهيداً لإسقاطها وإسقاط ممثليها وصولاً إلى التشكيك بكل المؤسسة الدينية (سنية وشيعية) ونجحوا في ذلك إلى حد ما؛ وجعل كبار المرجعيات الدينية تنأى بنفسها عن هذه الصراعات وتحاول أن تنأى بالمؤسسات الدينية والعلماء عن هذا الصراعات التي لازال السياسيون يصرون على التغطي بغطاء المؤسسة الدينية التي تبرئت منهم صراحة وبكل شجاعة.
وبقت المؤسسة القضائية صامدة أمام كل المحاولات لتشويهها وإسقاطها والتشكيك بها (عدى بعض الحالات المحدودة) وأحتمى أغلب الناس يها محاولين إقناع أنفسهم بإنها مستقلة ومحايدة لا يمتد إليها الفساد لأن ذلك لو حصل لكانت كارثة ولأنهار كل شيء وفقد الناس الثقة بالدولة برمتها! ولسقط طوق النجاة الاخيرلكن يد الأحزاب الفاسدة تصر على إسقاط العدالة والقضاء في دائرتها الخليعة وحينما نقرأ الأرقام الخاصة بنتائج إنتخابات مجالس المحافظات الأخيرة نلاحظ حجم فساد الأحزاب محسوباً بالأرقام وحجم الضغط الذي واجهته مفوضية الإنتخابات في المحافظة على أغلب الأرقام مقابل التضحية برقم واحد محاولة إبقاء ثقة الشعب بالحكومة المنتخبة ونلمس حجم الضغط والمعانات على قضاة الهيئة (المستقلة) لكي يصرحون بما هو صحيح ليخفوا ما يريده السياسيون من صح!
فكيف كانت نسبة المشاركين في الأنتخابات هي (41%) مِن الذين يحق لهم الإنتخاب؟ وكل الأرقام التي سنذكرها مأخوذة من الأرقام المعلنة من قبل المفوضية حصراً فما هو رقم من يحق لهم التصويت؟
عدد سكان العراق الاجمالي 43300000 مواطن"تقريباً"؛ من يحق لهم المشاركة في الإنتخابات هم 27000000 ناخب. منهم 20400332 ناخب لم يحدثوا بطاقاتهم الوطنية وهم عراقيون لا يمكن إستثنائهم من المواطنة كونهم أمتنعوا عن تحديث بطاقتهم الانتخابية نعم يمكن للمفوضية منعهم من التصويت لوجود نقص في وثائقهم لكنهم يبقوا في خانة (من يحق لهم التصويت) وفي الغالب أن أكثرهم من من لا يؤمنون بمصداقية الإنتخابات ولا يقتنعون بها لذا فهم لم يحدثوا وثائقهم ولم يشاركوا في الانتخابات وهم بالتاكيد من الذين (امتنعوا) عن المشاركة لذا يبقى الرقم الذين يحق لهم الانتخاب هو (27000000) مواطن والذين شاركوا فعلياً في الإنتخابات هم (6599668) وبهذا تبقى نسبة المشاركة في الإنتخابات (24.44%) في أحسن الفروض وهو الرقم الأكثر مقبولية على إفتراض صحة أرقام المفوضية وهو الجدير بقبول الناس وتصديقهم للمفوضية (وإن كان هناك من لديه أرقام أخرى غير هذه الارقام).
ولم تنتهي بعد محنة القضاء بل سيتمر ضغط الكتل والإحزاب لتغيير النتائج بطرق قانونية لإرضائهم فهل سيصمدوا أمام تلك الضغوط التي قد تكون أكبر من مقدرة القضاة أنفسهم ومع هذا عليهم أن يتحدوا أمام كل هذا الضغوط ويمنعوا اي تدخل في اعمال المفوضية ومن لا يستطيع الوقوف أمام هذه الموجة عليه أن يستقيل وسيفهم الشعب العراقي معنى هذه الإستقالة!
وأما الأحزاب عليهم أن يدركوا أن الشعب وعى كل زيفهم وكشف مقدساتهم المزيفة وإن مستقبلهم مرهون بمحبة الشعب لهم وبدل أن يحاربهم الشعب سيقاتل عنهم وعن أهدافهم وأن التزوير قد ينفعهم لكنه سيسقطهم مكللين بالعار وكره الشعب لهم ولأهدافهم. المستقبل للشعب العراقي بكل تأكيد.