 الموصل / سيف الدين العبيدي

كانت ام الربيعين تشتهر في زراعة اشجار الفستق ما بين عشرينيات واربعينيات القرن الماضي، لكنها توقفت في عقد السبعين والثمانين وفقدت هذه الشهرة بسبب تراجع زراعتها، وكانت احياء الدندان والضباط والجوسق في الموصل تنتشر فيها زراعة الفستق بمنازلها وطرقها العامة إلى جانب منطقة حاوي الكنيسة التي لايزال يوجد فيها الالاف من الاشجار على الرغم من تعرض الكثير منها الى اضرار كبيرة بسبب العمليات الحربية خلال معارك التحرير، وسميت منطقة الجوسق الواقعة على ضفاف دجلة بهذا الاسم لكثرة اشجار الجوز والفستق فيها.
لهذا ما يزال ابناء نينوى يسعون إلى إعادة ما كانت عليه المدينة، فأطلقت الجامعة التقنية الشمالية مبادرة (إعادة احياء زراعة الفستق في الموصل)، وذلك بإنشاء اول حقل منذ ٥ عقود من الزمن على ارضية الكلية التقنية الزراعية وبمساحة ٤ دوانم من خلال زراعتها بـ٤٠٠ من اشجار الفستق لتكون بادرة عودة هذه الفاكهة إلى سابق عهدها، بالإضافة إلى تقديم ٥٠ شجرة لـ١٠ من المستفيدين.
المشرف على المبادرة انس الطائي في حديثه لـ(المدى) قال إن الموصل كانت مطوقة بأشجار الفستق على جانبي المدينة، وهذا الحقل اليوم يعتبر هو الاول بعد فقدان مساحات كبيرة من الفستق، وتأمل ان تكون بادرة خير على عودة هذه الثمرة لتنتشر في عموم مناطق المدينة مرة أخرى.
وبين ان المبادرة كانت لها شروط معينة اولها هو منح المستفيد من خريجي الكلية التقنية الزراعية وكلية الزراعة والمعهد الزراعي، وبشرط ان يمتلك ارضا زراعية ومنظومة ري، وقد شكلت الكلية التقنية لجنة لمتابعة المستفيدين في عملية الزراعة والادامة والتكثير منها.
بدوره اوضح عميد الكلية التقنية الزراعية شهاب احمد لـ(المدى) ان انشاء اول حقل للفستق منذ ٥٠ سنة هو خطوة في غاية الاهمية وتأتي من الواجب تجاه اهتمامهم كأكاديميين في الزراعة والبيئة، واكد ان نينوى كانت تشتهر بزراعة الفستق خلال السنوات الماضية ولكن بسبب التوسع العمراني في المناطق السكنية اندثرت هذه الزراعة.
من جانبه اشار التدريسي في كلية الزراعة الدكتور نبيل محمد والمختص بزراعة الفواكه إلى ان اشجار الفستق بطيئة النمو وهذا احد اسباب عدم زراعتها، ولفت إلى ان اول جني لثمارها يكون في عمر ٧ او ٨ سنوات للشجرة المطعمة اما البذرة فتصل إلى ١٢ سنة، واضاف ان شجرة الفستق تعيش لسنوات طويلة فهناك اشجار في دمشق عمرها ١٨٠٠ سنة واخرى في مدينة غازي عنتاب التركية عمرها ٦٠٠ عام، واكمل قوله ان الفستق له فوائد ابرزها انه مضاد حيوي لمرض السرطان ويعمل على قتل الخلايا السرطانية إلى جانب الفسفور الذي يغذي خلايا الدماغ، إلى جانب احتوائه على نسبة ٤٤٪ من الزيوت المفيدة للجسم ولا يحتوي على الكوليسترول ، بالإضافة إلى المردود الاقتصادي حيث يقدر حالياً سعر الطن الواحد بـ ١٨ مليون دينار.
المزارع محمد الحيالي والذي يعمل في زراعة الفستق منذ ٤٠ عاماً اوضح لـ(المدى) ان اشجاره التي يقدر عددها بحوالي ٣ الاف شجرة تعرضت إلى اضرار كبيرة منذ الحرب في عام ٢٠١٧ وارتفاع المياه الجوفية في اراضيها اثر بشكل كبير على الإنتاج واصبح إنتاجه السنوي يقدر بـ ١٥٪ ، بينما قبل عام ٢٠١٤ كانت ثمار الاشجار تنتج بكامل طاقتها، واوعز الحيالي الى ان قلة الدعم الحكومي من المواد والاسمدة وصعوبة شراء الآلات والمعدات الخاصة بزراعتها اثر بشكل سلبي كبير على عملهم وانتاجهم، وانهم ما زالوا يسعون بكل ما يستطيعون لإعادة اصلاح ما تضرر من هذه الزراعة.