د. فالح الحمـراني
على خلفية تشديد الولايات المتحدة الضغوط على اليمن، تسعى جماعة الحوثيين ـ أنصار الله الحصول على حجم أكبر من الأسلحة. وتشعر أجهزة الاستخبارات الأميركية بالقلق من أن تكون الجماعة، قادرة على قصف مواقع غربية في المنطقة. ومع الأخذ في الاعتبار الإمكانات العسكرية التقنية المتطورة لدى أنصار الله، فإن المخاوف الأمنية تشمل القاعدة البحرية التابعة للبحرية الأمريكية في جيبوتي، التي تتقاسم مع اليمن مضيق باب المندب.
وكانت روسيا قد شجبت بشدة الضربات الانجلو سكسونية والحلفاء الآخرين على اليمن واعتبرتها انتهاكا سافرا داست به على جميع معايير القانون الدولي والإنساني، التي يمكن تصورها، بما في ذلك قرار مجلس الأمن الدولي ذي الصلة، موضحة إن القرار دعا فقط إلى حماية الشحن التجاري ولم يفوض أحد ما بقصف اليمن. وتنزل أنصار الله ضرباتها فقط بالسفن المتوجه لإسرائيل، واشترطت وقفها بوقف إسرائيل حرب الإبادة التي تشنها ضد قطاع غزة وأهاليها، بذريعة القضاء على حركة حماس.
ونقلت تقارير صحفية عن النتائج التي توصلت إليها أجهزة الاستخبارات الأمريكية: أن الحوثيين يبحثون عن طريقة لتجديد ترساناتهم. وتقوم الأجهزة الأمريكية ذات الصلة منذ حوالي شهر، بتحليل المعلومات التي تسلط الضوء على عملية التخطيط داخل معسكر الحوثيين. وبحسب مصادر الصحيفة فإن أنصار الله بحاجة إلى زيادة الإمدادات ويؤدي السعي للحصول على المزيد من الأسلحة إلى تأجيج المخاوف من أن الجماعة اليمنية تعتزم تكثيف هجماتها في البحر الأحمر ضد السفن التجارية وأهداف أخرى. وتشير أجهزة الأمن الأمريكية إلى أن المجموعة اليمنية قد تحاول مهاجمة مواقع الدول الغربية على المستوى الإقليمي.
وهذا يجبر الولايات المتحدة، التي بدأت مع بريطانيا في توجيه ضربات مستهدفة في اليمن، على التكيف مع التهديدات الجديدة. وقال جوناثان فاينر، نائب مساعد الرئيس لشؤون الأمن القومي: "إننا نعمل على الحد من قدرة الحوثيين على القيام بمزيد من الهجمات". وأفاد بان "لديهم مخزون من الأسلحة المتقدمة التي تم تقديمها لهم أو، في كثير من الحالات، ونحن نقوم بتدمير هذه المخزونات حتى لا تتمكن لاحقا من تنفيذ نفس العدد من الهجمات. وهذا سيستغرق بعض الوقت." وشدد فاينر على أن تفعيل الحوثيين يشكل خطرا ليس على أمريكا فحسب، بل أيضا على "الاقتصاد العالمي برمته".
وتكبد الجانب الأمريكي أولى خسائره. وأكد البنتاغون مقتل جنديين من القوات الخاصة التابعة للبحرية الأمريكية اختفيا يوم 11 يناير في خليج عدن قبالة سواحل الصومال. وقالت القيادة المركزية الأمريكية: "يؤسفنا أن نعلن أنه بعد بحث شامل دام 10 أيام، لم يتم تحديد موقع جنديي البحرية الأمريكية ويفترض أنهما ماتا الآن". وفي وقت سابق ذكرت أنباء أن مشاة البحرية اختفوا أثناء صعودهم على متن سفينة أجنبية، حيث كانت الولايات المتحدة تحاول مصادرة أسلحة إيرانية الصنع. وأوضح أن العسكريين سقطوا في الماء أثناء محاولتهم الصعود إلى السفينة.
وتخشى وسائل الأعلام الأميركية أن تزداد المخاطر بالنسبة للكتيبة الأميركية المنتشرة في المنطقة. وترى مجلة "ناشيونال إنترست" احتمال أن يتمكن الحوثيون من قصف قاعدة الاستطلاع التابعة للبحرية الأمريكية "كامب ليمونير" في جيبوتي على بالصواريخ. وتعد القاعدة العسكرية في جيبوتي واحدة من أكبر الأهداف في المنطقة. وأفادت تقارير هذا الشهر أن واشنطن وحلفائها يتطلعون إلى معسكر ليمونير باعتباره منطقة انطلاق محتملة لضربات مشتركة ضد مواقع صواريخ أنصار الله. ومعسكر ليمونير هو موقع العمليات للقيادة الأمريكية في أفريقيا، والذي يضم حوالي 4000 عسكري. وقالت " وإذا كان في حوزة الحوثيين فعلا صاروخا يعمل بالوقود السائل يصل مداه إلى 1.2 ألف ميل (حوالي 2 ألف كيلومتر)، فستكون القاعدة الأمريكية الحيوية هدف سهل بالنسبة لهم. والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن القاعدة ليست مصممة للدفاع ضد هذا النوع من الهجمات الصاروخية أو الطائرات بدون طيار التي من المحتمل أن يخطط لها الحوثيون.
وتدرك واشنطن الآن أن الحوثيين قد يجربون ضرب هذا الموقع ى لمعرفة مدى حصانته. وبهذا السياق قال رئيس وزراء جيبوتي عبد القادر كامل محمد، في حديث مع وسائل الإعلام البريطانية، لقد سُمح للجانب الأمريكي بنشر أنظمة الدفاع الجوي باتريوت في معسكر ليمونير للحماية من أي هجوم من الأراضي اليمنية.
وقد تكثف الولايات المتحدة وبريطانيا وفي المستقبل القريب، حملتهما العسكرية ضد الحوثيين. وقالت مصادر لوكالة انباء بلومبرج إن الحلفاء الغربيين يدرسون سيناريو يهدف إلى تدمير مخزون أسلحة أنصار الله الإيراني بالكامل. وتقول مصادر الوكالة المطلعة على الموقف الأمريكي إن القيادة الإيرانية المتهمة بدعم الحوثيين ربما بالغت في تقدير إمكاناتها المتوفرة عندما قامت في وقت واحد بهجمات على باكستان والعراق. وقد لا ترد طهران لاحقا على التصعيد المسلح الأمريكي. لكن هذا لا يعني أن قادة حركة أنصار الله سيفقدون شهيتهم لمزيد من التصعيد والاشتباكات.
وفي الوقت نفسه، تزايدت المخاوف في الدول العربية التي شاهدت الولايات المتحدة وبريطانيا تكثفان هجماتهما على مواقع الحوثيين من أن تصبح أراضيهم ساحة لضربات. وفي هذا الصدد، قالت مصادر دبلوماسية لبلومبرج إن اللاعبين في الشرق الأوسط يوحدون جهودهم الدبلوماسية في الأمم المتحدة وغيرها من المحافل الدولية لوقف التصعيد بين أمريكا والحوثيين.
ــ اعتمدت المادة على مصادر وسائل الاعلام الروسية.