بغداد/ أفراح شوقي لم تزل ضرباتهم على الطبل ترن في أذني وهي تلح  على باب دارنا  بعد منتصف الليل بساعات ويعلوها صياح احدهم سحور يا صايمين سحور... يرحمكم الله سحور، هكذا هم في كل ليلة، وبموعد ثابت يأتون جماعات من صبية الحي بعضهم لازال صغيراً لكنه يمارس عمله كالكبار..يجولون في الأحياء ويؤدون عملهم تطوعاً بعد أن حصلوا على تزكية أهالي الحي.
الإخوان ماهر ومرتضى فضلا العمل في مهنة المسحراتية في منطقة السيدية من باب التسلية وقضاء وقت الليل  اولاً ومشاركة اقرانهم الذين شاطروهم  الفكرة، لكنها تحولت فيما بعد الى واجب يومي لابد منه وصاروا يحملون لقب المسحراتية ويفتخرون به وقد منحهم  مهنة جميلة -كما  يقولون- وخلصهم من شبح اسمه البطالة ولو لفترة قليلة. يقول المسحراتي ماهر: انه غالباً ما يعمد الى الاستعانة برجال الجيش والشرطة في منطقته  عندما يلحظ أي نشاط مريب يحمل الشك من قبل احدهم، خلال عملهم الليلي في ايقاظ  الصائمين، وعن طبيعة الأوضاع الأمنية وإمكانية العمل في الليل، قال: انها مناسبة مع وجود القوات الأمنية العراقية فهم متواجدون معنا وفي كل مكان، ونستعين بهم عند حصول أي طارئ وهناك تعاون فيما بيننا، وعموما نحن نلمس حب الناس لعملنا وتجاوبهم ايضاً فهي مهمة إنسانية ودينية قبل أي شيء، وعن أجورهم قال: لا نطلب أجوراً لعملنا لكن هناك الكثير من العوائل العراقية تقوم بمنحنا عيدية العيد في أول أيامه عندما ندور بينهم صباحاً وطبولنا تعلن عن نهاية خدماتنا حتى رمضان المقبل.وفي منطقة الشواكة القديمة  تبقى العديد من العوائل مستيقظة طوال الليل وحتى وقت السحور وآذان الفجر لأداء صلاة التراويح او تبادل الزيارات مابين الاهل والأصدقاء وأداء بعض الطقوس الرمضانية المتعارف عليها كالانضمام للعبة المحيبس الشهيرة بين فرق معروفة غالبا ما تتواصل تنافسها  بنفس شخوصها في كل عام، مسحراتية المنطقة معروفون ومكرمون ايضاً، فأطباق الطعام والشراب تنهال عليهم كلما دقوا على الطبول او تعالت اصواتهم.. ومعروف عن اهل الشواكة والمناطق التي تجاورها بالكرم وحسن الضيافة. المسحراتية احمد ويعقوب وزيد وثائر اربعة اصدقاء من احياء مجاورة اعتادوا على اخذ قسط من النوم في ساعات الظهيرة للتمكن من مواصلة الليل و من ممارسة عملهم في ايقاظ الصائمين وقت السحور ويقولون انهم احبوا عمل المسحراتي طمعاً بنيل الثواب والرحمة في شهر الخير والبركة، علاوة على انهم على دراية واسعة بكل تفرعات وشوارع الحي الذي تربوا فيه. وعن الطبلة التي يستخدمونها في تنبيه الناس قال المسحراتي احمد انها طبلتهم المفضلة وهي من النوع الحديث  وتصدر اصواتاً مناسبة عند النقر عليها  ولا تزعج كثيراً مقابل قدرتها على تنبيه الصائم. مصدر أمني: المسحراتي ينال تزكية سكنة المنطقةالنقيب محمد احد رجال الأمن في إحدى نقاط سيطرة إحياء البياع السكنية قال:غالباً مايكون المسحراتية من سكنة المنطقة المتبرعين وقد حصلوا على تزكية من ابناء الحي والمجلس البلدي، ونحتفظ لدينا بأسمائهم وعناوينهم للتدخل لحمايتهم عند حصول  أي طارئ، ويقع ضمن  واجبنا توفير الامان لهم كما هو لبقية سكان الحي، وفي البياع يوجد اكثر من خمسين مسحراتي معظمهم من الشباب ويؤدون عملهم تطوعاً لكنهم يكرمون من قبل اهالي المنطقة بعد انتهاء الشهر الفضيل.متى ظهر المسحراتي؟المسحراتي له تسميات عدة، فهو في العراق يسمى (المسحرجي)  او ابو السحور ويسمونه في مصر ودول أخرى المسحراتي، وفي الخليج يسمونه ابو طبيلة، وظاهرة المسحراتي عرفها المجتمع الاسلامي منذ اليوم الأول لفريضة الصوم على المسلمين، وقد استحدث صحابة الرسوم الكريم طرقاً  مختلفة  لإعلام الناس بموعد السحور ويقال كما في بعض الروايات التاريخية ان هذه الظاهرة بدأت في مصر في عهد الفاطميين، اذ كان الخليفة الفاطمي يرسل رجاله ليطوفوا في شوارع القاهرة يدقون الطبول ويرددون الاناشيد الدينية ويهنئون الناس بقدوم شهر رمضان.