TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > اجتثاث الحق بالتعليم

اجتثاث الحق بالتعليم

نشر في: 26 نوفمبر, 2012: 08:00 م

 

تناقش الأوساط الجامعية هذه الأيام، كتاباً صادراً من وزارة التعليم العالي، يطالب فيه الكليات بأن تُلزم طلبة الدراسات العليا بتقديم أوراقهم الثبوتية مستنسخة، مع اسم الطالب واسم أمه الرباعيين، ورقم هاتفه، لترفع الكلية بدورها هذه الوثائق بكتاب ترسله مع الطالب إلى رئاسة جامعته، التي تزوده بكتاب وترسله بدورها إلى وزارة التعليم العالي، التي يشير كتابها إلى أنها ستفاتح هيئة المساءلة والعدالة ومديرية القيود الجنائية لمعرفة موقف طالب الدراسات من هاتين المؤسستين.

للوهلة الأولى يبدو الموضوع أنه طبيعي، ويأتي في سياق الحفاظ على الأمن والسلامة الوطنيين. وكان هذا شعوري الأول، لكن مع قليل من التأمل وجدت أن الموضوع مريب جداً، فما علاقة هيئة المساءلة والعدالة أو مديرية القيود الجنائية بموضوع حق الطالب في إكمال دراسته؟ هل هناك نص قانوني يمنع أي محكوم بجريمة ما من إكمال دراسته في حال إكماله العقوبة الصادرة بحقه؟ وبالمقابل، هل يوجد في قانون المساءلة والعدالة ما يمنع المشمول بإجراءاتها من إكمال دراسته العليا؟

معاملة طويلة عريضة يُكلف بها طالب الدراسات العليا وتأخذ الكثير من جهده ووقته، وتُلزمه مراجعة ثلاث دوائر، هي قسم التسجيل في كليته ورئاسة جامعته ووزارة التعليم العالي. ولا أحد يعرف المغزى من ورائها، وفعلاً ما المغزى من وراء مثل هذه المراجعات؟ وحتى لو كانت للموضوع أبعاد أمنية، وهذه الأبعاد ذات علاقة وثيقة بهيئة المساءلة والعدالة ومديرية القيود الجنائية، فهل يعالج التهديد الأمني بهذه الطرق البدائية، نفس الطرق التي اعتمدها نظام صدام قبل أكثر من عشر سنوات؟

يؤكد الموظفون المعنيون، بأن ما يسمى بموقف السلامة الأمنية سيحدد وبشكل صارم، من يحق له ارتياد الجامعة ومن لا يحق له، وهذا موضوع مخيف، وأنا لا استبق الأحداث هنا ولا أحاكم النوايا، خاصة وأنني لا اعرف الغاية النهائية من هذا الإجراء، لكنني أحاكم الإجراء نفسه. فالمطالبة بالأوراق الثبوتية، وربط موضوع الدراسة بالجهتين المشار إليهما، إجراء سيئ، مهما كانت نتيجته؛ لأن موضوع إكمال الدراسة أبسط من ذلك بكثير، هو موضوع مرتبط بالمواطنة، ويجب أن تكون الوثيقة التي تثبت هذه الصفة كافية لكفالة هذا الحق، خاصة وأن الوثائق الثبوتية موجودة في ملف أي طالب، فلماذا يتم طلبها من جديد؟ لماذا لدينا ولع هائل بالاستنساخ؟ أنا واثق من أن هناك أطناناً من الورق تخصني وموزعة على مؤسسات الدولة، كلها بلا فائدة، وكلها مستنسخات لأربعة وثائق، هي البطاقة التموينية وبطاقة السكن وشهادة الجنسية وهوية الأحوال المدنية.

متى نلحق بركب الحضارة؟ متى نكف عن الارتجال؟ متى يصبح للوقت قيمة، وللمواطن حرمة؟ متى ستكون مؤسساتنا مهنية وعريقة وغير مُكْلفة، وتعرف ماذا تفعل؟ وأخيراً متى سنكون مؤهلين لإدارة الملف الأمني بدون ضوضاء.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. علي الخزعلي

    لم تكن للاحزاب الدينيهتجربة سياسية او امنية ولم تجد افضل من تجربة صدام تفي بالغرض وتشبع حاجاتها فاستنسخت التجربة فالامن او جهاز المخابرات والحزب هما جهات التزكية وهي بلد يعيش حالة طوارى ومعادي لحقوق الانسان وليس له دستور حقيقي فكيف يتم استنسخاه هاي التج

يحدث الآن

العدل: مساع لتطوير المنظومة التشريعية الوطنية الخاصة بحقوق الإنسان

انخفاض طفيف بأسعار صرف الدولار بالعراق

الكهرباء تصدر حزمة اجراءات لتحسين واقع الطاقة في الديوانية

الجولاني: سنعلن قائمة بأسماء المتورطين في تعذيب الشعب

البنتاغون: نحاول العثور على أسلحة كيميائية في سوريا

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

يوميّات سوريةً

العمودالثامن: إنهم يكرهون العراق؟

العمودالثامن: من الفوضى إلى التهريج

العمودالثامن: بغداد تقرأ

مرجعية النّجف.. "السلاح بيد الدولة"

العمودالثامن: إنهم يكرهون العراق؟

 علي حسين ماذا تسمي رجل دين ، يحمل الجنسية العراقية ،ويتقاضى اموالا من العراق ، يخرج من على شاشة احدى الفضائيات ليقول بكل اريحية ان العراق غير مهم بالنسبة له ، مثل اهمية...
علي حسين

باليت المدى: النوافذ المُشرعة

 ستار كاووش تمتلأ شوارع وساحات مدينة فيينا بإعلانات المعارض التي تقام هنا وهناك دون توقف، وقد إحتلتْ إعلانات متحف ليوبولد أماكن مهمة من المدينة، حيث لا تنعطف نحو ساحة أو شارع إلا وتداهمك...
ستار كاووش

اختبار مصداقية دور النخب العراقية الواعية في بناء عراق" حضاري - إنساني "

د. أحمد عبد الرزاق شكارة إن نقطة الشروع في بناء عراق حضاري - أنساني جديد يعد اختبارا لمصداقية تحمل النخب الواعية المبدعة مسؤولية كبرى للتغيير الايجابي بأتجاه بناء دولة المواطنة - المدنية مسألة في...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

رجاءً سيدي الرئيس،ما الذي كنت تفعله طوال هذه السنوات؟

أحمد عبد الحسين أزعم أن لي معرفة بالشأن السوريّ. فأحببتُ أن أسأل هذه الأسئلة التي قد تبدو ساذجة. وليكن. السؤال الساذح يمكن أن يكون مفتاح معرفة.ما الذي كان يفعله هذا الرجل؟لن أقول: ما الذي...
أحمد عبد الحسين
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram