غالب حسن الشابندر
الحلقة (8)
القدرة والعلم والاختيار
ثلاث خصائص / صفات الاله الذاتية، صفات الجلال والجمال يتحدث عنها السيد محمد باقر السيستاني ـ حفظه الله ـ بشيء من الاسهاب، ورائده في ذلك ـ بصرف النظر عن التفصيل ـ العقل والفطرة والكتب السماوية.
يبدا بالقدرة حيث يتجاوز التعريف لينطلق من ترسيم ما يقدر عليه الإله / الله، مقدورات الله عزّ وجل، وله بذلك غرض سناتي عليه، فضلا عن كون طبيعة البحث تتطلب ذلك.
الاساس في قراءته لهذه الخصيصة، الصفة، إن قدرة الله تتعلق بـ (ممكن الوجود)، وممكن الوجود ما لايزم منه محال فيما افترضنا وجوده أو افترضنا عدمه.
لماذا هذا التوضيح؟
فإن هناك اسئلة طالما تُعرض في مطارحات علماء الكلام وربما الفلسفة أحيانا، فيما هل يقدر أن يخلق مثله، أو هل يقدر الله ان يُدخل العالم في بيضة شريطة أن لا تكبر البيضة ولا يصغر العالم؟ ومن قبيل هل يقدر الله ان يجمع بين النقيضين؟
هذه الامثلة من المستحيلات، سواء بالنسبة للإله أو الملائكة أو البشر، ليس لعجز في الاله أو الملائكة أو البشر، بل لان الاستحالة لكل منها ذاتية، فإن العجز ليس بالفاعل وإنما بالقابل كما يعبّرون.
ويتطرّق في اثناء السرد ليحكي من أن القدرة، قدرته تعالى على نوعين: ـ
1. قدرته على ما خلق فعلا!!!
2. قدرته على خلق أشياء لم يوجدها بعد.
اما قدرته من الطراز الاول فمما يدل عليه ذات الواقع، فلو لم يكن قادرا على ذلك ما كان هذا الواقع فعلا.
واما قدرته على خلق المثيل فيستدل على ذلك من خلْقه للسابق!...
لكن ألا يكفي ان يقول لنا المصنّف، إنّه سبحانه قادر على ذلك انطلاقا من
قاعدة (الممكن)؟
يبدو ان المصنِّف استفاد ذلك من قوله تعالى: ـ
((هو الذي يبدا الخلْق ثم يعيده وهو أهون عليه وله المثل الاعلى في السماوات والارض وهو العزيز الحكيم)) / سورة الروم اية 27.
بيد أن الصنِّف قد يرفض ذلك، من حيث إن الآية تتحدث عن قدرة الله باعادة مخلوق سابق وليس لها دلالة على قدرة الله تعالى في خلق المثيل أو ما دون المثيل حكمة وإحكاما.
واسهب كثيرا في حديثه عن سبب أو الحكمة من وراء خلْقه العالم تدريجيا وفق نظام الأسباب والمسببّات، مشيرا إلى ان الخلق التدريجي أعمق دلالة على القدرة من الخلق الدفعي.
لكن يبرّر ذلك من حيث أن الخلْق وفق نظام الاسباب والمسبّات من شانه إمضاء فاعلية الانسان (انظر الجزء الخامس، خصائص الاله ص 112).
فإن الكون الدفعي وانعدام نظام الاسباب والمسبَّبات لا يتيح للانسان اي نشاط، يحذف الانسان حتى من مشروع المسؤولية، تجاه نفسه وتجاه الآخرين، واتجاه الوجود كلّه.
ويرفض رفضا قاطعا التفسير (الفلسفي) لتبرير الخلق التدريجي، حيث يرى الفلاسة إن التدريج بالخلق ضرورة لابد منها، من حيث أن المخلوقات الادنى، المادية، لا تتحمّل الصدور المباشر عن الله، بحكم كونها مخلوقات دنيا، مما يفرض الحاجة إلى وسائط بين هذه المخلوقات (المادية) وبين الله، روحانية، وهي ايضا تتدرج بالمنزلة والمقام!!
ربما يريد ان يشير هنا إلى نظرية العقول العشرة التي ثبت بطلانها، ولكن نلتقي هنا ايضا بموقف يعاند الفلسفة، وينحاز بشكل واضح إلى منهجية علم الكلام.