د. عقيل مهدي يوسف
يحيلنا الاستاذ (حميد خلف السعيدي) في كتابه القيّم (الفلسفة غاية وهدف) الى الدور الكبير، لما تقوم به الفلسفة، مستدلاً على ما جاء في القرآن الكريم:
(ومن يؤت الحكمة، فقد اوتي خيراً كثيراً)- البقرة/ 269- فالفلسفة (ثقافة وطريق الحياة)، لخير البشرية، (ص5) – ببحثها عن (الحقيقة) واحاطتها (بعلم الموجودات) (ص9)- وهي عند (الكندي) اعلى منزلة في اصابة الحق، ولدى (الفارابي)- الفلسفة، علم بموجودات (الطبيعة) وما بعدها وهذا يفصّله (ابن سينا)، لتعريف الفلسفة ويرى (ابن حزم)، انها تصلح النفس في الدنيا، وتؤمن سلامتها في (المعاد)، (الآخرة)- ليؤكد (ابن رشد) على (التواصل) ما بين (مقاصد الشريعة الدينية، و((الفلسفة))). وكلها تؤكد على، أهمية الفلسفة في تغيرها النوعي (لعالم الواقع)- وتستكشف آفاقاً مستقبلية لم تحدد ملامحها بعد (ص14) – اذن، هي منظومة تؤكد على حرية التعبير، ورفض الاستلاب- ونرى ان الاستاذ (حميد السعيدي) يتفق مع مقولة (مدني صالح)، بأن (الفيلسوف) مفكراً، إن لم يقدم (جديداً) فيسكون التي سمعناها منه ((كاتباً))، أو ((معلماً اكاديمي)) فحسب (ص15) – اذن الفلسفة (منهجاً) لدراسة الموضوعات، وليست (موضوعاً) للدراسة- وهي بناء فكري لخير البشرية- لدى (فكتور هوتون) – اما -(جرامشي)- فيعتبر، كل البشر فلاسفة وكل واحد منهم يعبّر بطريقته الخاصة، اللاشعورية، عن تصوره الخاص (للعالم)، سواء في الفاظ (اللغة) ومفاهيمها ومعانيها، فهي ليست (الفاظ) فارغة، إنما هي (ديانة) – وأيضاً (فولكلور)، بما يحتويه من منظومة، لمعتقدات، وخرافات (17) لتشكل (قوة مادية) في (عقول الجماهير)- فالفلسفة - تربط (المقدمات)،(بالنتائج) على وفق خطة منهجية هادفة، نظرياً وتطبيقاً، ساعية لسعادة البشر، باعتمادها المنطق والتخيلّ والاستنتاج، ليعمّ السلام، لا ((الحرب))- إذ للفلسفة أبعاداً نظرية؛ للمعرفة، وللمنطق، وللطبيعة، وقد باتت تشمل في خزائنها نظرات موسوعية، تخصّ الكون، والانسان، والمجتمع، والفن، والسياسة، والمنطق، والاخلاق، وحتى على المستوى (الشخصي)، لكل فرد خصوصيته في التفكير، على وفق الحقبة التاريخية التي عاشها، بما يتناسب مع عقله ومزاجه، فلسفياً، وهذا ما يذكرنا، بعنوان مسرحية، للكاتب (بيرا ندللو)- (لكل شيخ، طريقة) – ومن جانبه يؤكد (جون ديوي)، على قوة الفلسفة التاريخية الحاسمة، إذ (تختلف الحضارات بسبب اختلاف فلسفاتها) (ص42) – وهي سبب نمو وظائفها، الافتراضية، على مستوى الفن، والعلم، والتاريخ. ويرجع (طومسن)، في كتابه (الفلسفة الحديثة للتربية) – لفظة الفلسفة بأنها (لفظة الفلسفة التي تعني الرغبة في (اعتبار التربية كلّاً شاملاً). ونحن نرى ان (فلسفة الفن) تقيم علاقة (متبادلة)، وتكاملية مع (الحياة) بطرائق متنوعة الاختلاف، لتنفيذ (الخطاب الفني) برؤى جمالية ومعرفية، وبهذه الوسيلة يتواصل (الفنان) بنتاجاته الفنية، مع (الجمهور) بما يصوغه من أبعاد للشفرات (الفنية للعرض).
تركت الفنون ومن بينها (المسرح) بجاذبيته المتقنة، البارعة، من تقدم ابداعي ملموس على مستوى (عالمي) في التاريخ منذ ((الاغريق)) ما قبل الميلاد، الى يومنا المعاصر، وبكل ما حفل به من طقوس، واحتفالات ومراسيم، ليغنى بحذاقته المعرفية والجمالية والادبية، أنماطاً للسلوك الاجتماعي، بنظرات انسانية مستنيرة تربط (منصّات المسرح، بفضاءات الحياة، الشاسعة الاتساع، وتوظيف التنوع بوجهات نظر دقيقة، وبأنساق ابداعية عدّة، على المستوى التقني والابداعي الخلاق، بهدف تكريس العدالة الانسانية، وحقوق الانسان، بعيداً عن القيم العنصرية، و(هولوكوست) في محارق الحروب (الذرية) الماحقة وما خفي من أجندات ومؤامرات، واسرار تضرّ بمستقبل البشرية، برّمتها،برذائلها المنحرفة. وتبقى (الفلسفة) بمعناها (العام)، و(الخاص) هادفة لأن توظبّ بفكرها ومسعاها الدائب، (القيم الاخلاقية الفاضلة)، والتطلع (لبدائل حضارية)، مشرّفة، تكرّس الخير والسعادة، للإنسان، كما هو الحال في (الفنون) بمختلف أصنافها وأنواعها.
شكراَ (للأستاذ)، الجاد والرصين، (حميد خلف السعيدي) لما حققه من (نتائج)، تقودنا بجدّية تحليلها الاكاديمي، الى (غاية وهدف الفلسفة) في كٍتابه، الموجز، والثمين.
أ.حميد خلف السعيدي- الفلسفة غاية وهدف ط2