ترجمة: عدوية الهلالي
من المتوقع أن يلعب الممثل الأمريكي من أصل أفريقي دينزل واشنطن البالغ من العمر 68 عاما دور الجنرال القرطاجي هانيبال ضمن إنتاج لمنصة نتفليكس في كاليفورنيا التي تصورت انها ستحقق نجاحا كبيرا مع اختيار ممثل عظيم ومشهور وحائزعلى جوائز فهي تعد فيلماً طموحاً عن الجنرال القرطاجي هانيبال برقا، المولود عام 247 قبل الميلاد. ق.م في قرطاجة والذي توفي في سنة 183 ق.م في ليبيا (بحر مرمرة).
وتعتمد الشركة الواقعة في كاليفورنيا على إنتاج عُهد به إلى أنطوان فوكوا ويلعب الدور الرئيسي فيه ممثلها المفضل الأمريكي دينزل واشنطن فقد قطع الرجلان شوطًا طويلاً معًا، حيث فازا بجائزة الأوسكار عام 2002 عن فيلم (يوم التدريب) ونجاح قوي في شباك التذاكر عن ملحمة(المعادل) وسيجدان نفسيهما على جانبي الكاميرا ولكن أيضًا كمنتجين مشاركين لهذا الفيلم التاريخي الذي كتبه جون لوجان، الكاتب المشارك لفيلم (المصارع) لريدليسكوت.وقد يكون الملصق مغريًا، لكن الإعلان الذي أصدرته نيتفلكس أشعل النار في شبكة الإنترنت التونسية بالظهور المفاجئ لعدد كبير من الأشخاص الذين نصبوا أنفسهم متخصصين في تاريخ الجنرال القرطاجي فلم يسبق للتونسيين أن أظهروا مثل هذا الاهتمام بالحقيقة التاريخية وهذا القدر من المعرفة بالحرب البونيقية الثانية (201 -218قبل الميلاد) لكن سبب كل هذا الهيجان هو ان دينزل واشنطن لايتمتع بمصداقية كبيرة ليجسد دور هانيبال...ويتضخم الجدل على الرغم من ان الجميع يقدر دينزل واشنطن ويتحدث عن أدواره العظيمة لأن من الواضح أن السبب هو لون البشرة في الأساس اذ سيكون لونه داكنًا جدًا بحيث لا يمكن اعتباره قرطاجيا، من نسل الفينيقيين لأن جميع الدراسات التي أجريت على النمط الوراثي لشمال إفريقيا تظهر وجودًا غالبًا لشخصيات البحر الأبيض المتوسط أو البربر وآثار إفريقية ضعيفة للغاية"، كما كتب أحد علماء الأحياء الطبية على شبكات التواصل الاجتماعي.
وتهدف الاعتراضات إلى أن تكون دقيقة لإزالة أي شبهة عنصرية فالمهم ان لون بشرة واشنطن لايشبه بشرة البحر الأبيض المتوسط، كما ان المعترضين يستنكرون ميل نيتفلكس إلى الرغبة في إرضاء جمهورها الأمريكي من أصل أفريقي ويتذكرون الثورة التي اندلعت في ربيع عام 2023، والتي سبقت الإصدار الوثائقي لفيلم الملكة كليوباترا للمخرج جادا بينكيت سميث عندما لعبت دورها ممثلة سوداء فقد اعتبرها البعض جريمة وإساءة للذات الملكية التي اثارت غضب السلطات المصرية وعالم المصريات المتحمس زاهي حواس، ولتهدئة الجدل المحتدم بالفعل، تم بث الفيلم كدراما وثائقية.
ويتذكر الجمهور التونسي الحادثة ويلفت الأنظار بدوره الى ان دينزل واشنطن يبلغ من العمر 68 عامًا، وهانيبال عندما عبر جبال الألب، وهي لحظة مهمة في الحرب البونيقية الثانية، كان عمره 29 عامًا". ويتعلق الحد العمري أيضًا بفين ديزل، 56 عامًا، الذي كان يطمح إلى أن يكون هانيبال، وهو الدور الذي كاد أن يلعبه في إنتاج شركة سوني عام 2000، لكن مشروعه لم يؤت ثماره وهي ملاحظة يجب أن تجعل نيتفلكس تفكر كثيرا قبل التصوير خاصة وان ميزانية الإنتاج لمشروع نتفليكس والتي نتصور أنها ضخمة، لم يتم تحديدها بعد ولا نعرف شيئًا عن المؤرخين الذين ساهموا في السيناريو. اما المونتاج فلا يزال غامضًا لفيلم من المقرر تصويره في عام 2025.
وقد شهدت الصحف التونسية ووسائل التواصل الاجتماعي جدلاًساخنًا حول الفيلم اذ نشرت صحيفة La Presse الإخبارية التونسية الناطقة بالفرنسية مقالا يقول إن اختيار الممثلين يؤدي الى "خطأ تاريخي"، بينما اتهم بعض المستخدمين على وسائل التواصل الاجتماعي نيتفلكس بالترويج لـ "ثقافة اليقظة". وحثت عريضة عبر الإنترنت وقعها 1300 شخص على "إلغاء فيلمها الوثائقي الزائف" ودعت وزارة الثقافة إلى "اتخاذ إجراءات ضد محاولة سرقة تاريختونس". ويعتبرهانيبال، المولود في قرطاج، بالقرب من تونس العاصمة حاليًا، أحد أعظم القادة العسكريين في التاريخ. وكان قد قاد خلال الحرب ضد الرومان عام 218 قبل الميلاد، قواته وأفيال الحرب الأفريقية عبر ممر مرتفع في جبال الألب لضرب روما من الشمال واستمر يقاتل لمدة 15 عامًا لكنه لم يتمكن أبدًا من الاستيلاء على روما، واضطر في النهاية إلى العودة إلى شمال إفريقيا.
وبعد إعلان نتفليكس عن دور واشنطن، استجوب النائب التونسي ياسين مامي وزيرة الثقافة حياة كتات الجرمازي حول المشروع في البرلمان وقال مامي، وهو أيضاً رئيس لجنة السياحة والثقافة والخدمات: "على الوزارة أن تتخذ موقفاً بشأن هذا الموضوع فالأمر يتعلق بالدفاع عن الهوية التونسية والاستماع إلى ردود أفعال المجتمع المدني".
لكن الوزيرة قالت إن وزارتها ركزت بدلاً من ذلك على التفاوض مع نيتفلكس لتصوير بعض مشاهد الفيلم في تونس، وأضافت: " هذا حقهم. هانيبال شخصية تاريخية، حتى لو كنا جميعا فخورين بأنه تونسي فما يهمني هو أنهم يصورون ولو مشهداً واحداً في تونس ويذكرونها. نحن نريد أن تصبح تونس منصة للأفلام الأجنبية مرة أخرى"!
ولم تعلق نتفليكس أوالنجم دينزل واشنطن، الذي لعب في السابق دور الناشط الأمريكي الأسود في مجال الحقوق المدنية مالكولم إكس، ودور ماكبث في مسرحية شكسبير الاسكتلندية.
