المدى/ جليل الغزي
ما يزال جسر سكة الحديد الذي يربط بين بابل وكربلاء شاخصا حتى اليوم رغم مرور قرابة الـ100 عام على إنجازه من قبل شركة انكليزية في عهد الملك فيصل الأول منتصف ثلاثينيات القرن الماضي، إذ كان يمثل علامة فارقة في مستوى التقدم العمراني في البلاد آنذاك.
أنشئ الجسر كممر بديل لسكة القطار التي كانت تمر فوق سدة الهندية، وبعد أن تعرضت لشقوق في جدرانها تم تحويل المسار إلى السكة الحالية ليمر القطار وسط المدينة ومن ثم إلى كربلاء عبر نهر الفرات آنذاك.
ويقول جمال رزين مدرس متقاعد لـ(المدى)، إن "الجسر كان مخصص لسكة القطار فقط، ويبلغ طوله قرابة الألف متر، ويمثل جزءا من سكة قطار تبدأ من ناحية سدة الهندية وتصل إلى كربلاء".
وأشار إلى، أن "الجسر صممه البريطانيون بطريقة احترافية حينها وكان يمثلا طفرة نوعية في مجال العمران في البلاد، وهو جزء من ثلاثة جسور أنشئت في الناحية، لكنه الاكثر جمالاً، وكان مخصص لنقل الزوار والبضائع بين بابل وكربلاء باعتبار أن السدة كانت واحدة من أهم المدن التجارية".
محمد المسعودي من سكن ناحية السدة، يروي تفاصيل العمل في الجسر نقلاً عن والده ويقول: إن "العمال كانوا غالبيتهم من أبناء المناطق القريبة من ضفاف النهر، ويستخدمون الأدوات البدائية في العمل في نقل التراب ومن ثم أعمال صب المساند".
ويقول إن "أهالي المناطق كانوا ينظرون بتعجب لطريقة العمل، ومد قطع الحديد عبر النهر لمسافة طويلة".
ويؤكد، أن "بالقرب من السكة كان هناك معسكر للإنكليز، اضافة الى مركز شرطة لتأمين الحماية للقطار عند مروره".
ويسمى الجسر في الوقت الحالي باسم (جسر ابو الطفيرات)، بسبب طريقة العبور عليه من قبل المواطنين سابقاً والتي تتم بالقفز بين الواح الخشب التي تستند عليها سكة الحديد، وبعد ان تم سد الفراغات بألواح الخشب وصار يستخدم للعبور بين ضفتي النهر، إضافة إلى عبور زوار الامام الحسين عليه السلام خلال زيارة الأربعين.
ولم يتحدث الأهالي عن أية مطالب بشأن توسعته أو تغيره في إشارة واضحة إلى الاعتزاز به على وضعه الحالي، بوصفه معلما تراثيا مهما وشاهد حي على حقبة زمنية يعتبرها كبار السن من الذكريات الجميلة بجميع جوانبها.