 ذي قار / حسين العامل

في وقت كشفت فيه قيادة شرطة ذي قار عن تسجيل عشرات الضحايا سنويا من جراء ظاهرة الرمي العشوائي، اطلقت فرق تطوعية حملة شعبية للحد من مخاطر هذه الظاهرة وتشديد العقوبة على مطلقي العيارات النارية، فيما تحدثت الاوساط الشعبية عن حالات مأساوية مازال يعاني منها ضحايا اطلاق تلك العيارات التي عادة ما تطلق وبكثافة في المناسبات الاجتماعية.

وغالبا ما تشهد الاحياء الشعبية والقرى والمناطق الريفية في محافظة ذي قار مظاهر رمي كثيف وعشوائي للعيارات النارية في مناسبات العزاء وتشييع جنائز الموتى والاعراس او مناسبات اخرى كفوز فريق رياضي او فوز احد السياسيين في الانتخابات او بتولي احدهم منصبا حكوميا مرموقا، فيما يشكل السلاح عماد الدكات والنزاعات العشائرية في محافظة ذي قار التي تشهد شهريا اكثر من 10 نزاعات مسلحة تستخدم فيها مختلف انواع الاسلحة.

وازاء ذلك اطلقت منظمات مجتمعية مؤخرا حملة شعبية للحد من مظاهر الرمي العشوائي وفوضى السلاح تضمنت فعاليات توعوية وتوزيع منشورات وملصقات واطلاق استبيان شعبي لتفعيل دور المجتمع في الحد من مخاطر الظاهرة المذكورة.

في حديث لـ(المدى) يقول مسؤول فريق (اجه دورنا) التطوعي الناشط احمد رحيم الصباغ الذي شارك فريقه في الحملة ان "فريق اجه دورنا التطوعي اطلق مؤخرا حملة لا للرمي العشوائي بمشاركة جمعية خير النساء"، واضاف ان "الحملة تهدف لتفعيل الدور الاجتماعي للحد من مخاطر الرمي العشوائي وكذلك للفت انتباه السلطات ودعوتها لاتخاذ الاجراءات المطلوبة والصارمة للحد منها".

واشار الصباغ الى ان "الحملة لا تقتصر على الفعاليات التوعوية الميدانية وانما تشمل مواقع التواصل الاجتماعي كونها اوسع انتشارا وسريعة الوصول الى الشرائح المستهدفة والجهات المعنية".

ويجد مسؤول فريق اجه دورنا ان "مستوى التعاطي الشعبي مع الحملة كان ايجابيا اذ حظي المشاركون في الحملة بدعم معنوي كبير من المواطنين الذين اعربوا عن رفضهم لمظاهر الرمي العشوائي".

ودعا الصباغ الجهات الحكومية والمجتمعية الى تبني برامج توعوية واعلامية اكبر للحد من مخاطر فوضى السلاح والرمي العشوائي والنزاعات العشائرية. مشددا على اهمية تشديد العقوبة على المتورطين باستخدام السلاح في الحالات المذكورة وعدم التساهل مع المستهترين بأرواح الناس.

ومن جانبه كشف المواطن كمال حرابه الركابي عن جملة من الحوادث الناجمة عن الرمي العشوائي واوضح لـ(المدى) قائلا ان "الرمي العشوائي بات ظاهرة تهدد امن واستقرار المجتمع وحياة المواطنين ففي كل مناسبة اجتماعية سواء كانت مفرحة او حزينة يدفع المواطنون ضريبة الرمي العشوائي وتكون الخسائر بالأرواح وتسود حالات الرعب والقلق على حياتهم". واستذكر الركابي عدة حالات مؤلمة حصلت من جراء الرمي العشوائي من بينها ازهاق روح فتاة بريئة كانت تسير مع والدتها في شارع الحبوبي وسط الناصرية، وفتاة اخرى اصيبت بطلق ناري وتسببت اصابتها بإعاقة دائمة"، مشيرا الى اصابة شاب آخر في ساقه اثناء توجهه الى العمل وما كان ذنبه سوى ان تصادف مروره قرب موكب تشييع جنازة يطلق فيها بعض المشيعين الرصاص.

وكشف الركابي عن العديد من حالات الرمي العشوائي التي افسدت مناسبات الفرح وحولتها الى طقوس حزن وجنائز ومجالس عزاء نتيجة سقوط الضحايا من بين الحاضرين او من بين المارة او من سكان الدور القريبة من موضع الرمي.

واشار الركابي الى ان "مظاهر الرمي العشوائي في المناسبات باتت اشبه ما تكون بتظاهرة للتباهي بامتلاك السلاح واستعراض القوة في مجتمع يتوهم فيه المسلح بانه في موضع ومكانة تؤهله ليكون مرهوب الجانب".

بدوره كشف مدير اعلام قيادة شرطة ذي قار العميد فؤاد كريم عن مخاطر الرمي العشوائي وما تشكله من تهديد لحياة المواطنين، وتحدث لـ(المدى) عن رصد العديد من الاصابات والوفيات الناجمة عن الرمي العشوائي، مشيرا الى "تسجيل نحو 10 حالات شهريا من ضحايا الرمي العشوائي ما بين جريح وقتيل".

واعرب كريم عن دعم قيادة الشرطة لأية مبادرة اجتماعية تحد من فوضى السلاح وتدعو لحصره بيد الدولة، واردف "يسرنا ان تشارك الفرق التطوعية في تفعيل هذه الحملة للحد من مخاطر السلاح".

واشار مدير اعلام قيادة شرطة ذي قار الى انه "سيكون تنسيق بين قيادة الشرطة والمنظمات المجتمعية وشيوخ العشائر والنخب الاكاديمية والاجتماعية وابناء المحافظة في هذا المجال".

وكانت اوساط شعبية ومجتمعية في ذي قار اعربت في (منتصف نيسان 2023) عن قلقها من فوضى السلاح وزحف النزاعات المسلحة الى مراكز المدن وتحويل الدور والاحياء السكنية الى ميادين قتال يتبادل فيها مسلحو العشائر والمجاميع المسلحة إطلاق النار ويهددون حياة وممتلكات المواطنين، وذلك إثر نزاعين عشائريين شهدتهما المحافظة في حينها وأديا الى مقتل وجرح عدد من المواطنين.

وكان قسم شؤون عشائر ذي قار قد اعلن في مطلع (تشرين الاول 2023) عن حسم 122 نزاعا عشائريا بصورة نهائية منذ منتصف كانون الاول 2022 وحتى ايلول 2023، مبينا ان "النزاعات المحسومة تتعلق بحالات قتل وتجاوز على الاراضي الزراعية ونزاعات الملكية".

وكان مكتب المفوضية العليا لحقوق الإنسان في ذي قار حذر في (الثامن من تشرين الثاني الجاري) من استخدام الاسلحة الثقيلة في النزاعات العشائرية ومخاطرها على حياة المواطنين وآثارها على السلم الاهلي، وذلك اثر سقوط صاروخي كاتيوشا في منطقة تشهد نزاعا عشائريا في قضاء سيد دخيل ( 20 كم شرق الناصرية).