حازم مبيضين ليس ممكناً تحت أي ظرف ضاغط حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي إلا على أساس حل الدولتين، وإذا كان واضحاً أن ذلك الحل مصلحة ستراتيجية إقليمية ودولية، فان ذلك يرتب مسؤوليات على جميع الأطراف لضمان أن تحقق المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين،
والتي ستنطلق بعد أيام برعاية الادارة الاميركية، تقدماً ملموساً وسريعاً نحو هذا الحل، الذي ستشكل إضاعة فرصة الوصول إلى نتائج ايجابية من خلاله، خطراً على دول المنطقة عامة، خاصة مع ثقتنا أن حل الدولتين يشكل الضمانة الحقيقية للأمن والاستقرار للجميع في الشرق الأوسط. عشية انطلاق جولة المفاوضات المباشرة، يعود الحديث البائس عن الخيار الأردني، وهو الحديث الذي وصفه العاهل الاردني بما يستحق وبأنه كلام ساذج لا يستحق الرد عليه، وأن هذا الطرح مرفوض من الأردنيين والفلسطينيين، ولا يمكن تنفيذه أبداً، والخيار الأردني لا يحل المشكلة بل يعقدها، وإذا افترضنا أن جميع الفرقاء معنيون بالبحث عن كوة الامل التي تقود إلى حل سلمي للصراع، فان هكذا خيار سيعمي عيونهم عن هذه الكوة، ويفتح عيون الشر على دروب مزروعة بالالغام والمتفجرات، التي ستحيل حياة الشرق الاوسط برمته الى جحيم مهلك. وإذا سلمنا بحالة الاحباط السائدة في المنطقة نتيجة تعثر عملية المصالحة فإن إرادة المجتمعين في واشنطن ستكون العامل الحاسم في استنباط الحل الذي سيحدد كيف يتشكل الشرق الأوسط في الأعوام العشرة القادمة.سيثور الكثير من الغبار خلال المرحلة المقبلة، لكنه سيترافق مع إدراك أهمية تحقيق تقدم في عملية السلام، والدور الاميركي الملتزم بدفع العملية إلى الأمام ضروري وحاسم، والمطلوب منه ألاّ يسمح بعودة المتفاوضين إلى المربع الاول كما يخطط نتنياهو، الذي يتعامى عن المعضلة التي ستنتج عن فشل هذه الجولة، والتي سيدفع الجميع ثمنها على صعيدي الأمن والاستقرار، والمأمول كما اعلن الملك عبد الله أن يدرك الاميركيون ذلك، خصوصاً مع ارتفاع أصوات أميركية، تحدثت علناً عن النتائج السلبية للفشل على الادارة الاميركية وسياساتها في الشرق الاوسط، والمأمول أيضاً أن تعي الشعوب خطورة الفشل، فيدفعون قادتهم ويدعمونهم ليتمكنوا من حل هذا الصراع بشكل نهائي وحاسم.محادثات واشنطن المباشرة بين الفلسطينيين والاسرائيليين والنتائج التي ستتمخض عنها ستكون مؤشراً على الخطوات المقبلة التي يجب أن تستظل بمبادرة السلام العربية التي ستتيح للدولة العبرية سلاما واندماجاً كاملاً مع العالم العربي والإسلامي، وسيشكل الحضور الاردني المصري لانطلاقة المفاوضات دافعا للالتزام بتلك المبادرة التي تحظى برضى وموافقة القادة العرب كافة، وليس بعيداً عن الاذهان أن الاردن ومنذ عهد الراحل الحسين، كان يقوم بدور جمع الشعوب مع بعضها البعض وحل النزاعات والمشاكل التي ابتليت بها هذه المنطقة، وقد أثبت كمحاور صادق، أنه يحاول إيجاد الفرص لجمع الناس معاً، نظراً لإيمانه المطلق بالسلام والحياة الآمنة لجميع بني البشر .عشية المفاوضات المباشرة تواجه إسرائيل سؤالاً مصيرياً يتعلق بإمكانية أن تظل سجينة عقلية القلعة، والنظر إلى الشرق الأوسط من وراء الحواجز المصطنعة وجدران الفصل العنصري، بينما يتقدّم الآخرون بتعاون إقليمي وتكامل اقتصادي، وهو سؤال على نتنياهو الاجابة عليه بشجاعة من دون الالتفات الى صراخ المتعصبين، فإسرائيل لن تكون الاقوى في المستقبل، وسيكون عليها مجابهة متطرفين من نفس طينة متطرفيها الداعين لاستمرار الصراع، والعارفين بان السلام سيقضي على دورهم، وعليه النظر إلى واشنطن كفرصة للتحرك إلى الأمام نحو حل الدولتين المفضي إلى قيام دولة فلسطينية والتقدم نحو السلام الشامل والعادل مع العالمين العربي والإسلامي، وهو سلام يستحق ما يدفع للوصول اليه من أثمان.
خارج الحدود :سلام يستحق أثمانه
نشر في: 30 أغسطس, 2010: 06:00 م