قالت مجلة فورين بوليسى إن تجرؤ الرئيس الإسلامي محمد مرسي على إعلان مرسوم أو ما يوصف بإعلان دستوري مثل هذا، كان أمرا عاديا في ظل مرحلة انتقالية مختلة، لكن هذا المنطق الأبوي الذي تعامل به مرسي، لم يعد المصريون يتحملونه وقد فقدوا صبرهم إزاء مفهوم أن الوسائل القمعية مباحة في السعي إلى بلوغ الأهداف الثورية. هذا علاوة على أن مرسي فاز بالرئاسة بفارق ضئيل جدا عن منافسه، مما يجعله يفتقر إلى التفويض الشعبي الكافي لإضفاء الشرعية على استيلاء على السلطة بهذا الحجم.
وقد كان رد فعل الجمهور بالفعل سريعا وقاسيا، ولا يزال استمرار العنف أو تصعيده يعتمد على مدى رغبة مرسى في تقديم تنازلات سريعا، لكن تشير المجلة إلى أن التراجع الكامل عن المرسوم ربما يضر بمصداقية الرئيس الإسلامي، لكن قد يجرى إقناعه بتقليص بعد المواد الأكثر إشكالية.
كما يعتمد الكثير على استعداد المحتجين التراجع عن مطلبهم في الإطاحة بمرسى والتوصل إلى تسوية أكثر واقعية. كما ربما يتطلع الجيش إلى فرصة للعودة من جديد للحكم، بعد إزاحتهم بشكل غير رسمي. وقد حذر الدكتور محمد البرادعي بالفعل قائلا، إنه لا يستبعد احتمال تدخل الجيش لاستعادة القانون والنظام إذا خرج الوضع عن السيطرة.
وتؤكد المجلة الأمريكية أن هذه ليست المرة الأولى التي يستولى فيها مرسى على السلطة، لكنها بالتأكيد الأقبح. ففي 12 أغسطس وعقب ستة أسابيع فقط من توليه منصبه اتخذ أولى خطواته نحو نزع القيود الدستورية على سلطته التشريعية من خلال مرسوم أطاح بالمجلس العسكري من السلطة ومنحه سلطات تشريعية واسعة تجاوزت سلطات مبارك.
وفى مناورة الطعم والتبديل، ألغى مرسى الإعلان الدستوري الذي أصدره المجلس العسكري للحد من سلطات القادة المدنيين، وأصدر آخر يمنح الرئيس سلطة التشريع في غياب البرلمان والتدخل في عملية وضع الدستور.
ولم يكن مبارك يجد صعوبة في إدخال الثغرات إلى الدستور لتبرير سوء استخدام السلطة، لكن البيئة القانونية الانتقالية اليوم، حيث حكم المرسوم هو قاعدة جديد للقانون، بات من الأسهل للرئيس تخطى الحدود التقليدية للسلطة التنفيذية، حيث مارس مرسي الأمر بشكل صارخ في 12 أغسطس و22 نوفمبر.
وتقول فورين بوليسي إن الاستيلاء على سلطات ديكتاتورية تحت اسم الحفاظ على تحول مصر الديمقراطي، يجعل مرسى يبدو نسخة أكثر تشابها من سلفه المخلوع. حتى أن الخطاب الشوفيني الذي استخدمه لتبرير استيلائه على السلطة تفوح منه رائحة نظام مبارك.
وقد قال مرسي في خطابه، الجمعة، أمام حشد من مؤيديه الإسلاميين: "هؤلاء الذين ينخرون في عظام الأمة لابد من مساءلتهم". كما استخدم تكتيك تهديد الأمن القومي الذي كان مفضلا لمبارك، حيث ألقى بلوم الإضرابات على "الأصابع الأجنبية".
وتختم المجلة مؤكدة أن مرسوم مرسى بلا أسنان دون رضا الشارع، والأهم القضاة الذين سينفذونه أو يكسرونه. وتضيف أن اختيار معارك مع حكام العدل عادة ما تكون معارك خاسرة.